اغتيال هنية بين فرص الاحتواء الدبلوماسي وتوسع الحرب إقليمياً

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
تمثل عملية اغتيال قائد حركة حماس إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في بيروت، نقطة تحول في مسار حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة منذ 10 أشهر، قد تفتح الباب واسعًا أمام تصعيد كبير في المنطقة أو احتواء دبلوماسي يقود “إسرائيل” العاجزة عن تحقيق النصر إلى القبول بالمقترح الذي قدّمه الرئيس بايدن لاتفاق الهدنة منعًا لسيناريو التصعيد الأول.
وفي ورقة بحثية نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات تحت عنوان “اغتيال إسماعيل هنية وتداعياته”، يعتقد المركز أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يأمل بانتزاع صورة انتصار ما زال عاجزًا عن تحقيقه بحيث يمكنه استخدامه مبررًا لمواصلة الحرب بطريقته إلى حين فرض تصوّره لما يسمى اليوم التالي، إلا أن عملية الاغتيال تهدد بتوسيع رقعه الصراع في المنطقة، إذا ما قررت إيران وحزب الله الرد بقوة غير متوقعة على اغتيال هنية وفؤاد شكر، القيادي العسكري البارز في الحزب.
حسابات إيران
وتربط الورقة احتمال توسع رقعة الصراع العسكري بحسابات إيران، وردّها المتوقع على اغتيال هنية، بينما يقف العالم العربي عمومًا موقف المتفرج أمام العربدة الإسرائيلية في المنطقة.
ويشير تقدير الموقف إلى أن التصريحات الإيرانية اتسمت “بالانضباط إلى حد لافت” في الساعات الأولى التي أعقبت عملية الاغتيال، حيث لم يُشِر أيٌّ منها إلى ضلوع “إسرائيل” في العملية، ولم تحمل أيّ التزام بالرد، وبوجه خاص تلك التي صدرت عن الحرس الثوري.
ويوضح أن التوجه الإيراني انعكس بعد اجتماع مجلس الأمن القومي، معللاً التريث في اتهام الاحتلال الإسرائيلي بعملية الاغتيال، بمحاولة فهم ما جرى بالضبط، إذ أن إيران لن يكون بمقدورها، نتيجة حجم الضربة التي وقعت على أراضيها، إلا أن تنفذ رداً من نوع ما، قد يشبه ما قامت به حين اغالت واشطن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في مطار بغداد مطلع عام 2020.
ويرى تقدير الموقف أن إيران تقف أمام اختبار كبير، حيث يسعى رئيسها الجديد إلى فتح باب الحوار مع الغرب، وفي الوقت نفسه تريد أن تقوم بردٍّ ما لا يورطها في مواجهة مفتوحة مع “إسرائيل”، ولا تريد التأثير سلبيًا في فرص الحوار مع واشنطن، ولا سيما أن ذلك أحد أهداف عملية الاغتيال التي أمر بها نتنياهو في طهران.
احتمالات الصفقة
وذهب تقدير الموقف إلى احتمال التوجه نحو اتفاق في وقت تشتد فيه الضغوط الداخلية والأميركية على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق ووقف الحرب التي استنفدت أغراضها في قطاع غزة، وفق منطق الإدارة الأميركية.
ويلفت تقدير الموقف إلى أن رفع مستوى التصعيد بين حزب الله و”إسرائيل” قد يمثّل المرحلة التي تسبق عملية التهدئة، حيث تخشى أطراف إقليمية ودولية عديدة من فقدان السيطرة كليًا على الوضع ودخول المنطقة في مواجهة شاملة تنجرّ إليها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
ويرى أن الضغوط الدولية ستزداد خلال الفترة القادمة على نتنياهو للقبول “بصورة الانتصار” الذي حاول انتزاعه من خلال اغتيال هنية في طهران وشكر في بيروت، والتوجه إلى إبرام اتفاق يُنهي الحرب في قطاع غزة.
واستند التقدير في هذا الرأي إلى إصدار كاميلا هاريس ودونالد ترامب مواقف تدعو إلى ضرورة إنهاء الحرب، رغم مزايدتهما على بعضهما في مسألة دعم “إسرائيل” خلال لقاءاتهما بنتنياهو.
ويقول تقرير المركز العربي إنه وعلى الرغم من ما بدت عليه عملية اغتيال هنية كأنها محاولة أخيرة من نتنياهو لتوجيه ضربة نهائية إلى مسار التفاوض، “فإن التوصل إلى اتفاق يبقى هو الخيار الوحيد؛ فحركة حماس ومعها بقية فصائل المقاومة وحاضنتها الشعبية لديها مصلحة حقيقية في إنهاء الحرب، في ضوء الإبادة التي يتعرض لها قطاع غزة”.
ويشير إلى أنه على الرغم من أن نتنياهو لا يبدو مهتمًا بالتوصل إلى اتفاق، فإن الخيارات أمامه محدودة؛ فهو لا يبدو بعد شهور من المحاولات الفاشلة أقرب إلى تحقيق أيّ من هدفَي الحرب، وهما القضاء على حماس وإطلاق الأسرى، في الوقت الذي تتزايد فيه ضغوط الشارع والمؤسسة العسكرية التي باتت تلحّ في طلب هدنة نتيجة التعب والإنهاك المستمرَين.
المشهد السياسي الفلسطيني
أما على الصعيد الفلسطيني الداخلي، فيعتقد التقدير أن نعي السلطة الفلسطينية هنية، باعتباره قائدًا وطنيًا كبيرًا، وإعلانها الحداد وتنكيس الأعلام، يمثل فرصةً جدّيةً للبناء على اتفاق بكين الأخير، الذي وُقّع في 23 تموز/ يوليو 2024.
ومضى إلى القول: “يعزز هذا الأمر فرص تشكيل قيادة فلسطينية موحدة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية باعتباره الخيار الوحيد أمام الفلسطينيين للاستثمار في التضحيات العظيمة التي قدّموها، خاصة في الشهور العشرة الأخيرة وعدم السماح بإضاعتها”.
في حين رأى أن اغتيال هنية يضع قيادات حماس مجددًا في قلب النقاش العام جماهيريًا، نظرًا إلى أنها تدفع ثمن مواقفها من دمائها ودماء أبنائها، وأنها تقدّم بذلك تضحيات مثل أهل غزة المحاصرين في الداخل.
ويرى أن الاحتلال وباغتيال هنية “ضرب بنفسه السردية التي اشتغل عليها ومنصاته الإعلامية خلال عشرة شهور من الحرب حول افتراق أجندة قيادة المقاومة في الخارج عن هموم الشارع”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مستشفيات غزة تستقبل 145 شهيدا وجريحا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 35 شهيدا، و109 إصابات وذلك خلال 24 الساعة الماضية جراء تواصل حرب...

برنامج الغذاء العالمي: غزة تواجه المجاعة و700 ألف بلا طعام
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد برنامج الغذاء العالمي أن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مرحلة حرجة للغاية، مبينا أن مخزون البرنامج من المساعدات...

العفو الدولي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة وانتهاك واسع للقانون الدولي بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام اتهمت منظمة العفو الدولية، سلطات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "أعمال ترقى إلى الإبادة الجماعية" في قطاع غزة،...

حماس تدعو لحراك عمالي عالمي تضامناً مع غزة ورفضاً للإبادة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت حركة حماس المنظمات الحقوقية والإنسانية عبر العالم إلى الوقوف عند مسؤولياتها في فضح جرائم وانتهاكات الاحتلال...

لليوم الـ94.. الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ94 على التوالي، ولليوم الـ81 على مخيم...

عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ويؤدون طقوسًا تلمودية
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام اقتحم مستوطنون متطرفون، صباح يوم الأربعاء، المسجد الأقصى المبارك من باب المغاربة، تحت حماية مشددة من قوات...

حملة دهم واعتقالات في الضفة
الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، حملة اقتحامات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، تخللتها اعتقالات بعد...