لغة الحرب داخل الكيان الصهيوني واستبعاد الصدام في الصيف

هل تلتهب المنطقة من جديد في “الصيف القريب” بعد هدوء استمر أربع سنوات؟ وهل تبادر “إسرائيل” إلى الحرب أم إنها تنتظر “عملاً غير متوقع”؟ وهل بالفعل أن تصدع قوة الردع “الإسرائيلية” في مواجهة حماس في الجنوب و “حزب الله” وسورية في الشمال… بات مانعاً مركزياً لوقوع الحرب أم سبباً لإشعال نارها؟
أسئلة كثيرة تتصاعد لتساهم في دفع ملف الحدود الشمالية، من جديد، إلى رأس الأجندة الإسرائيلية، على رغم أن الحدث المركزي اليوم هو استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. فمنذ ان اطلق العاهل الاردني، الملك عبدالله الثاني، تحذيره من خطر وقوع حرب في الصيف المقبل في حال لم تستأنف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، ونحن نستمع إلى «تطمينات» من القادة “الإسرائيليين”، السياسيين والعسكريين، تحتوي على تهديد وتخويف أكثر من التطمين، خصوصاً الترويج لما يسمى بـ «قوة الردع» الإسرائيلية التي بحسبهم «باتت اليوم القوة الاكبر والحاسمة في المنطقة».
وزير الحرب ايهود باراك، اختار وجوده في واشنطن ليطلق تهديداً مباشراً تجاه لبنان الدولة وليس فقط “حزب الله”، عندما قال «إن لبنان كله سيتحمل المسؤولية عن اطلاق الصواريخ من أراضيه نحو إسرائيل: «فالحكومة المقيمة في بيروت والتي تقف خلفها سورية، ستكون مسؤولة عن التدهور في المنطقة».
نائبه متان فلنائي، وصل إلى منطقة الشمال ليتفقد الملاجئ، هكذا، ومن دون حاجة لسبب أو دافع أو حتى اي مؤشر لاحتمال توتر على الحدود الشمالية ومن هناك قال: «حرب كهذه ليست في مصلحة “إسرائيل”… وطبعاً ليست في مصلحة الدول المحيطة»… وأضاف: «لا يوجد أي سبب لاندلاع حرب في الصيف القريب الا في حال وقوع ما لا يتوقعه أحد من مفاجآت.
لكننا ندرك انهم في الطرف الآخر من الحدود يدركون ما نملكه من قوة ردع… وهذا سيمنعهم من الإقدام على خطوة كهذه ولذلك لا اتوقع شخصياً حدوث حرب…» وبعد هذا الكلام استدرك فلنائي قائلاً: «مع ذلك علينا مواصلة استعداداتنا… علينا ان نكون جاهزين ولذا أنا موجود هنا اليوم وما شاهدته من استعدادات يثير الطمأنينة بأن الجميع يعمل لضمان جاهزية كاملة».
مثل هذه التصريحات لم تقتصر على وزير الحرب ونائبه، انما تجد لها مكاناً بين سائر تصريحات القادة السياسيين، خصوصاً عندما تتاح لهم فرصة الحديث عن السلام مع الفلسطينيين أو مع سورية. الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، الذي لم يترك مناسبة الا وتطرق فيها إلى الموضوع استغل لقاءه مع وزيرة الخارجية الدنماركية ووجد الحدث مناسبة لأن يجعل الملف السوري – اللبناني متقدماً على غيره من الملفات، واطلق رسالة يعبر فيها أيضاً عن موقف القيادة العسكرية: «إسرائيل لن تقبل بإحداث خلل في التوازن العسكري أو التوازن في قوة الردع».
وقال إن في حوزة بلاده أدلة وبراهين ان سورية نقلت إلى «حزب الله» صواريخ «سكود» وأسلحة أخرى متطورة وخطيرة. ووجد بيريز فرصته لتوسيع حلقة هجومه فبدأ في كوريا الشمالية ووصفها بـ «السوق الحرة» للصواريخ والاسلحة لإيران وسورية ووصل إلى إيران «المركز الداعم للتنظيمات»، ليركز بالتالي هجومه على سورية قائلاً: «انها عاجزة عن ترك دعم «التنظيمات»… انها تتحدث بلسانين»…
وطبعاً يصل إلى «حزب الله» ليتحدث بصراحة عن ان أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مسيطرة على الوضع حتى عند الحدود السورية – اللبنانية وفي قلب لبنان حيث ترصد التحركات وتنقل البراهين الاكيدة على عمليات تهريب الاسلحة».
بيريز لم يقل ان الحرب ستقع في الصيف، لكن بمجرد تأكيده ان لدى إسرائيل ادلة وبراهين على عمليات التهريب التي تشكل خرقاً للقرار الدولي رقم 1701 في مقابل تهديد مسؤولين عسكريين وسياسيين بأن تل ابيب لن تقبل بوجود اسلحة لدى «حزب الله» تهدد بخلل في التوازن، فإنه وضع القاعدة التي تبرر اثارة التوتر في المنطقة من جديد وفتح الباب أمام امكان حصول الحرب.
وهو اكد على ما سبق وصرح به رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، عندما سئل عن رأيه في تحذيرات الملك عبدالله الثاني حول خطر وقوع حرب في الصيف فقال بكل وضوح: «إسرائيل لا تريد الحرب» إلا أنه كأي مسؤول إسرائيلي تحدث في هذا الملف، أطلق تهديداته إلى «حزب الله» وسورية موضحاً انه لا يوافق على وجود صواريخ في لبنان تهدد أمن الإسرائيليين.
وفي سياق هذه التهديدات ذكر مسؤولون إسرائيليون ان المسؤولين الأمريكيين ألمحوا بالموافقة على ضربة عسكرية، لم يتفق على حجمها وشكلها، في حال اكتشفت قوافل تنقل صواريخ جديدة إلى لبنان، خصوصاً صواريخ «مضادة للطائرات». ولتنفيذ هذه المهمة أكد الإسرائيليون على «حقهم» في مواصلة تحليق الطيران في الاجواء اللبنانية، معتبرين استهداف هذه الطائرات وإسقاط طائرة هو خط أحمر سيؤدي إلى رد إسرائيلي قاسٍ، لن يتوقعه أي طرف»… وكشف الإسرائيليون ان هناك تنسيقاً بينهم وبين الأمريكيين حول هذا الامر.
وفي مقابل عدم حسم العسكريين والسياسيين ما إذا كانت الحرب ستقع في الصيف أم لا فإن الخبراء لا يستبعدونها ولكن ما بين هذا الرأي وذاك يجمع الإسرائيليين موقفٌ واحدٌ هو أن «إسرائيل لن تبادر للحرب». الجهات التي لا تتوقع الحرب ترى ان قوة الردع التي تمتلكها إسرائيل تشكل اليوم المانع لوقوعها.
وبحسب الخبير في الشؤون السورية – اللبنانية، جاي باكور، لن تقع الحرب، والسبب هو الثقة منقطعة النظير لدى الجيش ويقول: «ان الطرف الآخر، سواء سورية أو «حزب الله» أو «حماس»، لن يقدم على ضرب إسرائيل خوفاً من استخدام قوة ردعها»… وانضم باكور إلى «جوقة التهليل» للجيش الإسرائيلي القادر على مواجهة كل خطر بل ان قدراته الحالية شكلت سلاحاً قوياً في وجه الطرف الاخر لمنع الحرب.
لكنه في الوقت نفسه لا يخفي قلقه من ان سوء تفاهم بين الطرفين سيؤدي إلى اشعالها وبرأيه انه «بتنا في وضع لا مفر فيه من الانطباع القائم بأننا نوجد عشية حرب» ويقول: «يجدر بنا الانتباه إلى أن اللبنانيين والسوريين يخشون من ان تهاجمهم إسرائيل، بينما عندنا يخشون بأن «حزب الله»، وسورية أو «حماس» بالذات التي تتعاظم قواها من شأنهم ان يهاجموا إسرائيل. كل طرف يتهم غيره بالنوايا الهجومية، وها هو التفسير: ليس لأحد مصلحة في حرب جديدة في المنطقة. على العكس، الوضع الراهن مريح لكل الاطراف، والنتائج التي قد تجلبها الحرب رهيبة. وعليه فمن غير المتوقع اندلاع حرب في الصيف القريب المقبل»، يقول باكور لينضم إلى معسكر الاصوات المهدئة.
هذه العنجهية العسكرية الإسرائيلية تأتي في وقت يحسم فيه الخبير نفسه ان إسرائيل لن تبادر إلى حرب في الصيف القريب مستذكراً مواقف إسرائيليين مثل وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان الذي هدد النظام السوري إذا ما هوجمت تل أبيب.
الحياة اللندنية، 5/5/2010
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

6 شهداء وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 6 شهداء على الأقل، وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة، فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر شن طائرات الاحتلال...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...

حماس: إعدام السلطة لمسن فلسطيني انحدار خطير وتماه مع الاحتلال
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجريمة التي ارتكبتها أجهزة أمن السلطة في مدينة جنين، والتي أسفرت عن استشهاد...

تعزيزًا للاستيطان.. قانون إسرائيلي يتيح شراء أراضٍ بالضفة
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام تناقش سلطات الاحتلال الإسرائيلي في "الكنيست"، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون يهدف إلى السماح للمستوطنين بشراء...

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم. وقالت المنظمة في...