أعوان المتوكّلين!

التوكل ليس مثالاً نظرياً ولا تجريداً صوفياً، بل هو حال يلجأ إليه المرء أثناء انغماسه بأمرٍ يؤمن به ويجعله مدار حياته السلوكيّة في شأن الحقّ أو الخلق أو النفس أو قيامة الدين والدنيا.
والتوكّل في حقيقته إيمانٌ نوعيّ مستقرّ ينعقد في القلب، ويظهر في السلوك كنمط فعليّ مستديم، وهو جوهرٌ عميقٌ لا يقوم بالكلام والادّعاء ولا الإدراك المعرفيّ، فلا ترى متوكّلاً يقول عن نفسه إنه متوكّل أو بدأ يتوكّل!
وانعقاد حال التوكّل في أهل الفداء والقتال من أسباب النصر العظيمة التي يعين الله بها عباده المؤمنين، ويمنحهم فيها بركته، ويُظهر لهم منها قدرته وإجابته.
وتوكّلك يعني أنّك على حقّ مبين وأنّك أصبحت جديراً بأنْ تكون على مثال موكّل مكلّفٍ بأداء أمر إلهيّ مخصوص يريده الله الوكيل ويأمر به عباده، ويتكفّل الله بإنفاذه وتحقيقه بانخراطك في مسار الوكالة منه.
وينعقد مبدأ التوكّل بأن تجعل غايتك وهدفك ومرادك في سياق أمر الله ومراده حتى يكون مرادك هو مراد الله في اعتقادك الجازم.
وحينما تستشعر أن الله سبحانه قد أعطاك الإذن في وكالة منه وفوّضك فيها، فهذا يعني أنّك جارٍ على مراد الله أولاً، وأنّك عارفٌ بحدوده ثانياً، وأنّك تجهّزتَ له بفائق القوة المستطاعة التي أمرك الله بها “وأعِدّوا لهم” ثالثاً حتى لا تكون محتاجاً إليهم في مسيرة التوكل، وأما رابعاً فهو أنّك ستمضي في هذا الأمر إلى النهاية دون نظر إلى مَن حولك وما حولك، وأن تعتقد بأنّه ليس ثمّة إلا الله في مسعاك هذا، فهو الذي بيده مقاليد كل شيء، وهو صاحب التصرّف المطلق، وبه الثقة الكاملة، وعليه الاعتماد المطلق!
وهذا يعني أن يقطع المتوكّل قلبه وعقله عن التعلق بالخلق وبالأسباب رغم شدّة الاحتياج إلى عون الناس وغوثهم، ولا يفتّش المرء حال التوكّل في ماضيه ولا يعيش في تبعاته، ولا يقلق من مستقبله لأنه ترك كل شيء فيه لربّه بعد أن تجرّد له بكلّيته.
والمتوكلون أهل ذوق وعرفان ومَدَد، أرضاهم الله وكفَاهم، حتى إنهم لا يعرفون معنى الخيبة، ولا يصيبهم الإحباط، ولا يتدلَّى إليهم الخوف، ولا يكادون يشعرون بالزمان والمكان في غمرة انغماسهم بما يعملون فيه، حتى إنّ منامهم يكاد يكون لهم وقت عبادةٍ يهديهم الله إليه.
والمتوكلون أمّة منصورة بلا ريب: (ومن يتوكّل على الله فهو حسبه).
والمتوكّلون لا يبالون إن ساندهم الناس أو تركوهم، ولا يسألون عن ذلك ولا يهتمّون، فيصطنع الله لهم أعواناً محبّين من غيرهم يعملون على مراد الله الذي جعلوه مرادهم، فتكتمل بهم دائرة التوكل العظيم.
فكونوا أعواناً لهم إن لم تكونوا منهم!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

ما تأثير طوفان الأقصى على المكانة الدولية لإسرائيل؟
المركز الفلسطيني للإعلام خلصت ورقة علميّة، أعدّها وليد عبد الحي وأصدرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تحت عنوان: "تأثير طوفان الأقصى على مؤشرات...

عائلات أسرى الاحتلال تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو
المركز الفلسطيني للإعلام طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، اليوم السبت، بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، محذرة من تصعيد القتال في القطاع كونه...

حماس تدين العدوان الصهيوني على سوريا ولبنان
المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العدوانَ الصهيوني الغاشم والمتواصل على الأراضي السورية واللبنانية، في تحدٍّ سافرٍ لكلّ...

حماس: شعبنا وعائلاته الأصيلة يشكّلون السدّ المنيع في وجه الفوضى ومخططات الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام حيّت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وفي طليعتهم العائلات والعشائر الكريمة، التي...

وجهاء غزة للعالم: كفى صمتا وتحركوا عاجلا لنجدة غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أدان وجهاء قطاع غزة وعشائرها -اليوم السبت- استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي الغذاء والتجويع "سلاحا" ضد أبناء القطاع،...

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...

القسام يبث تسجيلا لأسير إسرائيلي بعد نجاته من قصف قبل أسابيع
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، تسجيلا مصورا لأسير إسرائيلي قال فيه، إنه يحمل الرقم 24، وإنه...