الإثنين 12/مايو/2025

ويتحدثون عن ديمقراطية إسرائيل!

ويتحدثون عن ديمقراطية إسرائيل!

المتابع للشأن الداخلي الإسرائيلي يلحظ وبلا أدنى شك: أن الكنيست الحالي في الدولة الصهيونية (الثامن عشر) هو الأبرز في سن القوانين العنصرية ضد عرب 48 وضد الفلسطينيين بشكل عام، فبين الفينة والأخرى يطلع علينا اليمين الفاشي الصهيوني بقوانين عنصرية جديدة. هذا اليمين هو المسيطر حالياً على الكنيست. بالأمس القريب جرى إقرار القوانين التي تمنع الفلسطينيين من إحياء ذكرى النكبة، وتلك التي تفرض عليهم الولاء للدولة اليهودية الديموقراطية، وقانون المواطنة وبموجبه: يتم سحب الجنسية من أي عربي من مناطق 48 يقوم بالتحريض ضد “إسرائيل”.

وبالأمس أيضاً تم فرض “قانون محاكمة الإرهاب” والذي يقصد من خلاله تحويل بعض أنظمة الطوارئ في زمن الانتداب البريطاني إلى قوانين ثابتة كقانون الاعتقال الإداري الذي تمارسه “إسرائيل” ضد الفلسطينيين في كافة أماكن تجمعهم، وبموجبه يبقى السجين معتقلاً عشرات السنين. وتم فرض قوانين بموجبها يتم اختراع عقوبات جديدة سيجري تطبيقها على كل من يقوم بأعمال مناهضة للسياسة الإسرائيلية بما في ذلك التعبير(مجرد التعبير) عن مواقف مؤيد لمقاومة الاحتلال. من هذه العقوبات وعلى سبيل المثال لا الحصر: مصادرة أملاك وأموال المشتبهين (من وجهة نظر المخابرات الإسرائيلية) ويمكن إطلاق كلمة (المشتبه) على كل من يدعو إلى مقاومة الاحتلال. هذه العقوبات يمكن تطبيقها على كل الفلسطينيين في الأراضي المحتلة (منطقة 48، الضفة الغربية، وقطاع غزة إلى حد ما). هذا القانون من أخطر القوانين التي يجري سنها في “إسرائيل”.

القانون الآخر هو: تعريف “سرائيل” على أنها “دولة القومية اليهودية” وهذا يشكل قاسماً مشتركاً أعظم بين كافة الأحزاب الصهيونية، ومن أبرز ما سينص عليه القانون هو: إلغاء صفة “الرسمية” عن اللغة العربية بموجب هذا القانون يمكن ل”إسرائيل” طرد أي عربي من منطقة 48 لا يعترف ب”إسرائيل” كدولة يهودية، وهذا القانون يمس التعليم والمناهج الدراسية، ولأنه قانون يتوجب أن يجري تدريسه للطلبة العرب في منطقة 48 كما يطال القانون: الثقافة العربية ويجعل اهتمام الدولة اليهودية منصباً على خدمة اليهود فقط دون الاهتمام بالعرب لأن الأفضلية ستكون لليهودي الذي من الطبيعي أن يعيش في دولته. القانون ينفي بصفة أوتوماتيكية التاريخ الفلسطيني العربي لفلسطين ويجعل من رواية الأضاليل والأساطير الصهيونية: حقيقة واحدة. تحت هذا العنوان علينا أن لا ننسى قرارات وكالة الغوث الدولية لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي اتخذت قراراً بتدريس الهولوكوست للطلبة الفلسطينيين في الشتات، لكن ذلك ووجه برفض وبرد عنيف من الفلسطينيين المتواجدين في كل مناطق الشتات، الأمر الذي حدا بالأونروا لإلغاء قرارها.

ما نود التأكيد عليه: أن إقرار القوانين العنصرية السابقة والحالية في الدولة الصهيونية جاء بالتزامن مع قرار الأونروا، وهذا يؤكد أن القوانين العنصرية الإسرائيلية هي جزء من مؤامرة صهيونية بمشاركة بعض الجهات الدولية لمحو الذاكرة الفلسطينية ومحو كل ما يرتبط بها من حقائق تاريخية وتراث سابق وتاريخ عربي إسلامي لفلسطين على طريق الترويج محلياً ودولياً للرواية الصهيونية الكاذبة جملة وتفصيلاً.

ومن القوانين التي سيجري بحثها في الدورة الحالية للكنيست: قانونان الأول: يحظر على أية جمعية سياسية (بمعنى حقوقية وسلامية) من الحصول على تمويل داعم من حكومات أجنبية تفوق مبلغ 5400 دولار سنوياً،ويستهدف هذا القانون جمعيات ومراكز حقوق الإنسان التي تلاحق جرائم الاحتلال وتراقب حقوق الفلسطينيين: سواء في منطقة 48 أو في مناطق 1967، ويتبين من التقارير الرسمية أن المقصود بهذه الجمعيات: تشكيلات عربية تحصل على مساعدات من منظمات دولية حقوقية عديدة.

القانون الثاني: يُلزم كل مرشح لتولي منصب قاض في المحكمة العليا الإسرائيلية أن يدلي بشهادة أمام الكنيست من أجل معرفة توجهاته، إضافة إلى شق آخر يلغي الأنظمة لتعيين رئيس للمحكمة العليا، وذلك بهدف فتح الطريق أمام قضاة مقربين من اليمين الفاشي المتشدد لتولي منصب رئاسة المحكمة العليا.

وحتى تكتمل فصول تمثيلية الديمقراطية الإسرائيلية: توجه المستشار القضائي للكنيست إيال يانون بدعوة للأعضاء لإعادة النظر في بعض هذه القوانين. جدير ذكره أن هذا المستشار قد (عارض) سابقاً بعض القوانين العنصرية السابقة التي جرى سنها لبشاعتها من ناحية قانونية، ولكن لم يُحفل برأيه وتم إقرارها.

الغريب أن سن القوانين العنصرية في “إسرائيل” يجري على مسمع ومرأى من كل دول العالم، والمنظمات الدولية المنادية بالمساواة والعدالة والتمسك بحقوق الإنسان، لكن لم يرتفع صوت واحد يدين هذه القرارات! يا ترى لو أن دولة غير “إسرائيل” سنّت الحد الأدنى من هذه القوانين العنصرية ضد الأقليات فيها ومنها اليهودية، ماذا سيحصل؟ الأغرب أنهم ما زالوا يتحدثون عن ديمقراطية “إسرائيل”!.

صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات