الخميس 21/سبتمبر/2023

أوسلو إذ تلد معارك مخيم عين الحلوة

أحمد الحاج

حتى وهي جثة متحللة، ما زالت اتفاقية أوسلو تلد الخراب، وهي تعيش ذكرى ميلادها/موتها الثلاثين. فالربط بين ما يجري من معارك في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان واتفاقية أوسلو ليس ربطاً قسرياً، أو عبثياً، بل إن السياق العام يشير إلى ذلك بوضوح.
فلحظة توقيع اتفاقية أوسلو هي اللحظة نفسها التي وُضع فيها اللاجئون الفلسطينيون على هامش القضية الفلسطينية، وشعروا أنهم كانوا ضحية خديعة تاريخية حاكتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، التي قتلتهم مرتين، مرة حين أقنعتهم بالقتال للدفاع عن شرعيتها لأنها “صاحبة القرار المستقل التي سوف تعيدهم إلى ديارهم”، وفي المرة الثانية حين تخلت عنهم حتى قبل أن تبدأ المفاوضات.
وفي الوثائق التي تلت أوسلو، وثيقة عباس-بيلين، وثيقة جنيف، وثيقة نسيبة- أيالون، إضافة إلى تصاريح قادة السلطة، كلها كانت تخبر شيئاً واحداً، تماهٍ مع مطالب الاحتلال بإسقاط حق العودة إلى القرى والمدن التي هُجّر منها اللاجئون الفلسطينيون، وفقط عودة طوعية لأعداد محدودة إلى بعض مناطق السلطة الفلسطينية بموافقة الاحتلال، وتوطين حيث يوجد اللاجئون الفلسطينيون.
هذا التخلي كان يولّد حالة من الإحباط الشديد لدى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يدفع البعض منهم إلى خيارات يائسة، بالهجرة وغيرها، بل انعدام الثقة بالمستقبل، حتى وصل الإحباط لدى قطاعات واسعة حد التشكيك بجدوى السياسة.
كان الفلسطينيون بلبنان، وفي عين الحلوة أكبر المخيمات فيه، يزدادون فقراً، وتزداد السلطة الناشئة في الضفة وغزة تخلياً عنهم، بعدما استنزفتهم، ثم تركتهم للقوانين اللبنانية البائسة التي تحرمهم العمل والتملك. نظرة إلى ميزانيات السلطة وقتها، وما تصرفه منظمة التحرير في لبنان من أموال على اللاجئين، توضح أن ما يُدفع لمخيمات لبنان أقل بكثير من الفتات. ربما كانت سياسة مقصودة أفرزتها أوسلو لدفع الجمهور الفلسطيني في لبنان، والمعروف بثوريته لأسباب عديدة، إلى القبول بالخيارات الاستسلامية الجديدة.
أزالت سلطة أوسلو كل المساحيق عن وجهها، وأعلنت عدم مسؤوليتها عن اللاجئين، وفي اجتماع الأونروا الطارئ في عمّان عام 1995 صرّح ممثل السلطة في المؤتمر نبيل شعث أن اللاجئين الفلسطينيين من مسؤولية الأونروا وليسوا من مسؤولية السلطة.
البطالة كانت تزداد، العجز عن مواصلة التعليم، تدهور في المعيشة، وبالصحة، شبه حصار للمخيمات، قوانين جائرة، والسلطة في مكان آخر. وبعد كل هذا، ليس مجازفة أو مغامرة القول إن اتفاقية أوسلو هي أم كل مصيبة نالت من اللاجئين الفلسطينيين، وهي البارود الذي يشعل مخيم عين الحلوة اليوم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات