الخميس 08/مايو/2025

بين 2002 و2023.. ملاحم أسطورية يسطرها مخيم جنين

بين 2002 و2023.. ملاحم أسطورية يسطرها مخيم جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام

منذ 16 ساعة يخوض مخيم جنين معركته الأكبر منذ عام 2002 ضد الاحتلال الصهيوني، وارتقى حتى اللحظة 8 شهداء، وأصيب أكثر من 50 آخرين، في ملحمة أسطورية تسجل بمداد من دم وعز.

والشهداء هم: سميح فراس أبو الوفا (21 عاما)، وأوس هاني حنون (19 عاما)، وحسام أبو ذيبة (18 عاما)، ونور الدين حسام مرشود (16 عاما)، ومحمد مهند شامي (23 عاما)، وأحمد العامر (21 عاما)، وعلي هاني الغول (17 عاما)، ومجدي عرعراوي (17 عاما).

وكانت قوات الاحتلال، قد بدأت عدوانها على مدينة جنين ومخيمها، بقصف منزل وسط مخيم جنين، ما أسفر عن استشهاد الشاب أبو الوفا وإصابة آخرين بجروح مختلفة. كما قصفت طائرات الاحتلال بالصواريخ عدة مواقع داخل المخيم وعلى أطرافه.

وفي أعقاب عملية القصف، اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال تقدر بـ150 آلية عسكرية ترافقها جرافات مدرعة، مدينة جنين من عدة محاور، وحاصرت مخيم جنين، وقطعت الطرق التي تربط بين المدينة والمخيم، واستولت على عدد من المنازل والبنايات المطلة عليه، ونشرت قناصتها فوق أسطحها، وقطعت التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من المخيم.

مصادر من مخيم جنين أفادت بأن الاحتلال ورغم الساعات الطويلة لا يستطيع التوغل في قلب المخيم، البالغ مساحته نصف كيلومتر مربع، وسط مقاومة شديدة من المقاومة الفلسطينية، وإيقاع خسائر مؤكدة، كما أكدت كتائب القسام وسرايا القدس.

وارتفع عدد شهداء محافظة جنين في الأعوام الثلاثة الماضية إلى أكثر من 131 شهيدًا، أكثر من نصفهم من مخيم جنين.

اقرأ أيضًا.. العدوان لحظة بلحظة.. 8 شهداء في عدوان بري وجوي على جنين والمقاومة تتصدى

مجزرة اليوم، تعيد إلى الأذهان، ذكريات اجتياح جنين ومخيمها في نيسان 2002، حين ارتكبت قوات الاحتلال أكبر المجازر منذ نكسة واحتلال 1967، حيث استشهد فيها أكثر من 52 مواطنا.

العدوان الصهيوني المستمر منذ أكثر من 16 ساعة، خلف دمارًا واسعًا، حيث شوهدت الآليات العسكرية وهي تجرف الأرض، وتقتلع شبكات المياه والكهرباء، في مشهد يعيد للذاكرة اجتياح جنين عام 2002.

فيديو أرشيفي لمعركة جنين 2002

وقالت بلدية جنين، في بيان لها، مساء اليوم الاثنين، إن جيش الاحتلال تعمد تدمير الخطوط الرئيسية لشبكات المياه والكهرباء في المخيم، ومنع طواقمها من العمل على إصلاحها.

وفي 2002، جرى تدمير 10% من المخيم تدميرا كاملا، حيث سوّيَ أكثر من 100 مبنى بالأرض، وتضرر نحو 100 مبنى تضررا جزئيا، وشردت على إثر ذلك 800 أسرة، يقدر عدد أفرادها بأكثر من 4 آلاف شخص.

واستخدم جيش الاحتلال أبناء المخيم دروعا بشرية، واعتقل العشرات، بعد التنكيل بهم، ومنع طواقم الإسعاف من الوصول للجرحى داخل المخيم، ومنَع عددا من الحالات المرضية المزمنة من الخروج من المخيم المحاصر، لتلقي العلاج.

وذكر تقرير أصدره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أنه تم الوصول إلى جثث متفحمة، وأخرى متعفنة تحت الأنقاض، إذ ارتكب جنود الاحتلال جرائم إعدام ميدانية للعديد من أهالي المخيم، الذين رفضوا مغادرة منازلهم.

وفي السياق، أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” الشيخ صالح العاروري، أن ما يحدث في مدينة ومخيم جنين حلقة جديدة من العدوان الاحتلالي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. منوهًا إلى أن معالم العدوان على جنين ومخيمها كانت واضحة المعالم.

وقال العاروري، في لقاء صحفي مباشر بثته قناة الأقصى الفضائية، إن الاحتلال لا يتعلم الدروس، بالذات هذه الحكومة الإجرامية الفاشية بمعايير كل العالم، وكلنا ثقة بإرادة وعزيمة شعبنا ومقاومينا في مخيم جنين وهم لحمة واحدة ويد واحدة.

وأردف: “كل شعبنا وأمتنا مع شعبنا ومقاومتنا في جنين، ونحن على ثقة أن الاحتلال الذي جاء ليحطم إرادة المقاومة في جنين سيخرج جارًا أذيال الخيبة والهزيمة منها”.

أما الخبير في الشأن المقدسي حسن خاطر فيقول: إن “العملية في جنين غير مسبوقة، ولو كانت إسرائيل كما تقول، نجحت في اجتثاث المقاومة أو في طريقها لتحقيق ذلك، لما حشدت كل هذه القوات والآليات العسكرية والأمنية خلال حملتها”.

ويشير خاطر، في حديث صحفي تابعه المركز الفلسطيني للإعلام، إلى أن هذه العملية لم تتكرر منذ عام 2002، بهذا الحجم العسكري غير المسبوق، بما يُؤشر على تنامي المقاومة وتطورها في جنين، وذلك باعتراف فعلي وعملي من الاحتلال.

ويضيف أن تنامي المقاومة وتطور وسائلها واستمرارها طوال هذه الفترة، يعني أن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه خلال اقتحاماته السابقة لمدينة جنين ومخيمها.

ويوضح أن الاحتلال تعمد هذه المرة، إحداث مزيد من التدمير والتخريب وتجريف البنية التحتية، بهدف إيلام المواطنين وزيادة معاناتهم أكثر، وأيضًا انتقامًا من الشعب الفلسطيني، ما يُدلل على ضعفه وعجزه وفشله في تحقيق أهدافه.

ووفقًا للخبير المقدسي، فإن “الاحتلال لا يستطيع الوصول إلى المقاومة بشكل مباشر، لذلك يحاول ضرب الحاضنة الاجتماعية بالمدينة ومخيمها من خلال التدمير والتخريب، وارتكاب مزيد من الجرائم بحق المدنيين”.

وحول تداعيات استمرار العملية العسكرية، يقول خاطر إن الاحتلال لا يتحمل استمرار مثل هذه العملية، لأن تداعياتها لم ولن تبقى محصورة في جنين وحدها، وهذه مسألة في غاية الأهمية، بل قد تمتد لتشمل مدن القدس وأريحا وطولكرم والخليل، وغيرها.

ويبين أن الاحتلال يعلم أن استمرارها سيؤدي إلى تفعيل بقية الساحات الفلسطينية، واتساع رقعة المواجهة وعدم بقائها محصورة في جنين، لذلك يريد إنهائها بأسرع وقت ممكن، خشية من تصاعد الأوضاع وفقدان السيطرة على الأرض.


يُشار إلى أن محافظة جنين، قدمت في عام 2021 (16) شهيداً، وفي 2022 (56) شهيداً، وفي 2023 (59) شهيداً حتى اللحظة. فيما تشير احصائية من مخيم جنين أن عدد شهدائه منذ 1967 بلغ (200) شهيداً.

تأسس المخيم عام 1953 ضمن حدود بلدية جنين، وينحدر أغلب سكانه من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل، والتي هجر سكانها خلال نكبة عام 1948.

وبلغت مساحة المخيم عند الإنشاء 372 دونماً، اتسعت إلى حوالي 473 دونماً، وبلغ عدد سكانه عام 1967م حوالي 5019 نسمة؛ وفي عام 2007  وصل إلى 10,371 نسمة.

وحسب تقديرات “الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني”، بلغ عدد سكان المخيم في منتصف عام 2023 نحو 11674 لاجئا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات