النعش وآخر مسمار

اعتاد قيادات السلطة الفلسطينية المنبثقة عن اتفاقية أوسلو عام ١٩٩٣ أن يستخدموا عبارات كبيرة تدلل على عمق من يتحدث وأن بحوزته أوراقا ضاغطة واهتماما وحرصا بالانطلاق نحو خطة بديلة أو مرحلة لا تتماشى مع الوضع الراهن، فكانت من هذه العبارات والتوصيفات “اتفاقية السلام داستها جنازير الدبابات”، “الاستيطان هو الطلقة الأخيرة على مسيرة السلام”، “المجزرة الفلانية هي جنازة ودفن لعملية السلام” وأبرز تلك العبارات هي المتعلقة بالنعش والمسمار.
النعش الذي افترض قادة السلطة أنه لعملية السلام والمسمار الأخير هو انتهاك الاحتلال في ذلك اليوم، وأما النعش فيحتاج ميتا ليوضع فيه وحاملين له وجمهورا ليقال إنه تشييع.
في حالتنا كل ما يقال عكس ما يقصد، فحينما تكون قيادة السلطة التي يطالب الجميع بانتخابات لإفراز منتخبين لها، وهذه القيادة غير المنتخبة تجمد كل ما هو صلاحية للشعب من برلمان وانتخابات ونشاط فصائل ونقابات، ويبقى يردد أفرادها أن ممارسات الاحتلال هي آخر مسمار في نعش السلام وهناك المصيبة تكتمل.
تعالوا لنعرف كلمة السلام ولماذا ذهب فريق من بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مستفردا بعضهم في صياغة خريطة سلام مقابل الأرض برعاية دولية، السلام يا سادة هو الأمان الرخاء الاقتصاد الحياة وكلها طبيعة بشرية يحتاجها الجميع، وكان مقابلها الأرض كي يعيش حسب مفهوم اوسلو كل الأطراف جنبا إلى جنب وفي إطار حل الدولتين على أقل تقدير وضمن هذه الاتفاقية بنود عديدة أبرزها ومقتلها ما عرف بالتعاون الأمني.
لنرى أين وصل النعش وكم مسمارا بات فيه كونها كلها آخر المسامير، سنجد الكارثة أن النعش الذي يتحدثون عنه طيلة سنوات ليس بداخله أوسلو وعملية السلام، بل فيه أهم مقومات الشعب الفلسطيني، فكانت المسامير المتتالية تطبيقا لنظرية الأمريكي في أن عملية السلام وسيلة وليست غاية، فمن العرب من تم استغفاله ومنهم من كان يعرف المشروع إلى أين مآله.
ليتضح للجميع للقاصي والداني لكل فصيل ومستقل للعامل والمهندس والمعلم والطبيب للطالب للمغترب للاجىء للأسير للمقدسي للمشتت للمرابط في أراضي عام ١٩٤٨؛ أن المسامير ما هي إلا في نعش يحوي القضية الفلسطينية والصدمة الأكبر أن من يحمله هو التعاون الأمني الذي يجب أن يكون جزءا ممن في النعش بحسب المصرحين والناطقين والمقررين في اجتماعات موثقة لمركزي ووطني ولهتاف حناجر الفلسطينيين.
النعش يحمله التنسيق الأمني، وأما المشيعون والسائرون في الجنازة فهي أمريكا بخططها الأمنية وأنظمة استبداد إقليمية وصامتون معهم من هيئة الأمم ودول تتباهى بالإنسانية والضمير.
وماذا في النعش؟! كارثة لا تطاق لمن اعتقد أنها اوسلو والتسوية وغصن الزيتون.
في النعش مقاومة ومقاومون وقادة ومؤسسون ونخبة وكوادر وثقافة “اللا” وإرادة شعب عظيم، والانتخابات والمجلس التشريعي وصوت الشعب والوحدة الوطنية والحوار ومناطق “ج” المصنفة بحسب اتفاقية اوسلو والأسرى التي كان من المفترض أن تكون اوسلو أغلقت قضيتهم والسيادة على الحرم الإبراهيمي في الخليل والمسجد الأقصى في القدس.
وأثناء تشييع فلسطين خرج قيادات من السلطة ممن استفاق ضميرهم وقال كانت اوسلو خطيئة وكارثة ونكبة وغيرها من المصطلحات وغيرهم ممن لا يريد الاعتراف بالجحيم الذي وضع القضية فيه؛ بات يصرح أن السلام في غرفة الإنعاش ويحتاج مسعفين ولم يعد النعش واردا في تعليق الناطقين.
تعالوا لنعود للحكاية من أصل التاريخ فشعب سلبت أرضه قاوم وناضل للتحرير فبات الخوف من نيل حقوقه، فجزأوا القضية بين قرارات دولية وتلاعب بأحرف البيانات إلى ما بات يعرف ١٩٦٧ و١٩٤٨، فتمت أولى خطوات التشييع بأن إسرائيل حصلت على اعتراف صريح أن كل شبر في ١٩٤٨ هي أرض لإسرائيل لينتقل التفصيل إلى ما هو بديهي في القرارات الدولية أنها أرض فلسطين، لتصبح ٨٧٪ من أرض الضفة الغربية بتوافق مع السلطة تحت السيادة الإدارية والأمنية للمستوطنين ودولتهم، ليتم تجاوز ذلك إلى أبعد من اتفاقية الخليل وما تلاها من اتفاقية باريس وما قبلها وبعدها، كل ذلك تحت مظلة القرار الفلسطيني المستقل الذي للأسف يستثني كل طرف من الفلسطينيين وينحصر في مجموعة نصبت نفسها قيادة وباتت تشعر بالدولة وسيادتها فقط على الورق، ولم تعد تذكر مسامير ونعش ولا أجزاء من فلسطين ليست التاريخية وإنما حتى التي قيل إنها عضو مراقب في الأمم المتحدة بمعايير .
وختاما يصر الشعب على أنه صاحب حق لا يأبه لجنازة العابثين بل يزيد مساميره في نعش “إسرائيل” ويواجه قوة كبيرة بأذرعها زرعت هنا “إسرائيل” التي بات قادتها يتحدثون بوضوح عن البقاء والفناء وهو ذاته ما يسعى له الفلسطيني ولأجله يرفض الترويض والتطبيع والتنسيق.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: شعبنا وعائلاته الأصيلة يشكّلون السدّ المنيع في وجه الفوضى ومخططات الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام حيّت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وفي طليعتهم العائلات والعشائر الكريمة، التي...

وجهاء غزة للعالم: كفى صمتا وتحركوا عاجلا لنجدة غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أدان وجهاء قطاع غزة وعشائرها -اليوم السبت- استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي الغذاء والتجويع "سلاحا" ضد أبناء القطاع،...

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...

القسام يبث تسجيلا لأسير إسرائيلي بعد نجاته من قصف قبل أسابيع
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، تسجيلا مصورا لأسير إسرائيلي قال فيه، إنه يحمل الرقم 24، وإنه...

مستوطنون يحتجزون 3 صحفيين في رام الله
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلاماحتجز مستوطنون، اليوم السبت، ثلاثة صحفيين وناشطا في قرية المغير شمال شرق رام الله، فيما اعتقلت قوات الاحتلال...

362 عملاً مقاوماً في الضفة والقدس خلال إبريل
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامتواصلت أعمال المقاومة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه خلال شهر إبريل/نيسان...

المجاعة تتفشى بمستويات كارثية والأورومتوسطي يوثق ارتفاعًا حادًا في معدلات الوفاة الطبيعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ارتفاعًا حادًّا في معدلات الوفاة الطبيعية بين البالغين من سكان قطاع غزة، إلى...