المبادرة المصرية وإشارات الاستفهام

تبدواللحظات الحاسمة متسارعة الآن بالنسبة لما يجري في الكواليس الخلفية للدبلوماسيةالسرية بشأن العدوان على قطاع غزة. فالنية تتجه نحو دفع الجامعة العربية إلى تبنيالمبادرة المصرية للتهدئة وإلزام الطرف الفلسطيني بها، وربما تسويقها دولياًلتتحول إلى وثيقه سياسية في سياق عملية تفاوضية مُختلة ومأزومة.
فكيفنقرأ المبادرة المصرية الجديدة، والدور المصري بشكل عام على صعيد ما يجري من عدوانعلى قطاع غزة؟
مبادرةمنحازة
نبدأالقول بأن المبادرة المصرية لوقف العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة،فاقدة للمعايير الوطنية التي يريدها الفلسطينيون، فهي مبادرة تساوي وبكل صلافة بينالجلاد والضحية، بين الحمل والذئب، وتساوي بين العدوان “الإسرائيلي”والدفاع عن النفس، عندما تصف ما وقع ويقع من عدوان على الشعب الفلسطيني في القطاعبأنه “أعمال عدائية”.
بلأكثر من ذلك هي مبادرة منحازة، ولا تلحظ حجم العدوان وكوارثه التي سقطت وانهالتعلى الشعب الفلسطيني الصامد الصابر على أرض قطاع غزة منذ سنوات طويلة من ليلالحصار، غزة التي شنت عليها أكثر من ألف غارة جوية، وألقيت عليها من الحمم الناريةفي العدوان الأخير ما تم إلقاؤه على مدينة “درسدن” الألمانية في الحربالعالمية الثانية عند حساب نسبة المساحة وعدد السكان والنسبة والتناسب.
المبادرةالمصرية تعطي الاحتلال والدولة العبرية الصهيونية “صك براءة” أمامالمجتمع الدولي بأسره حين تصر على موازاة فعل الاحتلال بالعمل المشروع لقوىالمقاومة الفلسطينية التي تصدت وقاتلت جبروت الاحتلال بسلاحها المتواضع، واستطاعتأن تَقُض مضاجعه.
كماأن المبادرة المصرية لا تلحظ إنجازات المقاومة العسكرية -حتى لو اعتقد البعض أنهامتواضعة- ولا تريد لها أن تجني ثماراً سياسية، أولها فك الحصار الظالم منذ سنواتورفعه عن القطاع، وهو مطلب دولي على كل حال قبل أن يكون مطلباً وطنياً فلسطينياً.
إنالمبادرة المصرية تُقدم للفلسطينيين حلاً “إسرائيلياً” بامتياز، يتجاوبمع رغبات حكومة نتنياهو ويتجاهل الرغبات الوطنية الفلسطينية، وهو حل -في أحسنالأحوال- يتجاهل نهر الدماء التي روت أرض القطاع، ولا يعطيها أدنى قيمة.
إنهامبادرة تدعو وفوداً “إسرائيلية” وفلسطينية على أعلى مستوى لتثبيتالتهدئة واستكمال إجراءات بناء الثقة.! أي جر الطرف الفلسطيني إلى ما هو أبعد منالتهدئة، إلى التسوية ومربع لعبة المفاوضات العبثية، أي أنها باختصار دعوة إذلالفي جانب كبير منها للطرف الفلسطيني.
إنهامبادرة لا تستجيب لحقيقة أن “إسرائيل” هي دولة احتلال، وأن الفلسطينيينشعب تحت الاحتلال، ويمارس حقه في مقاومة الاحتلال ولا يمارس “أعمالاًعدائية”.
إنهامبادرة ستجعل شهية “إسرائيل” تندلق في سلوكها المُتعجرف، حيث يتوقع لهافي ظل هذه المبادرة الشديدة الارتخاء، أن تُقدم على أعمال أكثر وحشية استناداً إلىموقفها من بدعة التهدئة أو الهدنة أو أي مُسمى آخر.
موقفدون المرتجى
لماذاهذا الدور المصري، وتحديداً بالنسبة لملف قطاع غزة؟ فهو موقف يتكرر عقب كل جولةعدوانية تقع على القطاع، ألم يحن الوقت لفك القيود التي تُكبّل الموقف الرسميالمصري منذ سنوات طويلة، والعمل من أجل العودة إلى موقف مصر التاريخي من القضيةالفلسطينية.. مصر التي قدمت أنهاراً من الدماء لأجل فلسطين؟.. أما آن الأوانلبلورة موقف رسمي مصري آخر -ونشدد على موقف رسمي لا شعبي- يساعد الفلسطينيين فيالقطاع، وينحاز إلى موقفهم العادل، كما تنحاز إليهم بورتوريكو وبوليفيا ونيكاراغواومدغشقر وجزر الرأس الأخضر.
ففيكل مرة يُشن فيها عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، تتجه الأنظار صوب مصر، ليس لأنهابلد عربي مركزي ومؤثر فحسب، بل لأنها أيضاً البلد العربي الوحيد الذي يجاور غزةمباشرة، ولا بوابات للقطاع نحو العالم الخارجي دون مصر، وموقف قيادة هذا البلدوسلوكه يلعبان دوراً مهماً في تطورات ومسارات الأحداث في قطاع غزة وحتى في عموممسارات القضية الوطنية التحررية العادلة للشعب العربي الفلسطيني.. إنها الجغرافياالسياسية، والبعد المتعلق بالأمن القومي المصري، كما هي التاريخ الحي للعلاقة بينمصر وفلسطين، وهو التاريخ الذي لا يستطيع أي طرف أن ينهيه أو أن يهيل التراب عليه.
لكنللأسف، فإن مصر الرسمية ومنذ اتفاقية كامب ديفد الأولى الموقعة عام 1979، لا تلعبدورها المطلوب والمرتجى من قبل الفلسطينيين لجهة الضغط على الاحتلال، بل تلعب -وفيكل مبادراتها أو خطواتها السياسية على صعيد الصراع مع الاحتلال- دور”الرسول” بين الطرفين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، تنقل الرسائلو-في أحيان كثيرة- التحذيرات والتهديدات التي كانت تُطلقها الحكومات”الإسرائيلية”، وكان بعضها من التحذيرات الوهمية التي سبق أن نقلهاالجنرال عمر سليمان الذي كان يدير جهاز المخابرات الحربية المصرية لسنوات طويلة،حين كان ممسكاً بالملف المتعلق بالموضوع الفلسطيني في قطاع غزة وملف الفصائلوالقوى الفدائية الفلسطينية، وقد رحل عن دنيا الوجود وفي جعبته الكثير من الأسرارالتي لو قيض لها أن تخرج لأحدثت دويا في الساحة الفلسطينية وحتى المصرية لجهةالموضوع الفلسطيني.
وتحضرنافي هذا السياق المقولة التي كان يرددها الرئيس المخلوع حسني مبارك مع كل جولةعدوانية على القطاع، ومع كل جولة استعصاء سياسي في مسار المفاوضات “أنا لستمع هذا أو ذاك.. أنا وسيط”.
مصروخسارة الدور
قصارىالقول إن مصر الرسمية -لا الشعبية- ما زالت في موقع الخسارة لدورها القيادي فيالمنطقة، وهو الدور المفترض به أن يتناسب مع ثقلها المركزي في العالم العربي، حيثلم يقع حتى الآن تبدل إستراتيجي في الدور المصري على صعيد إدارة ملف الصراع بينالفلسطينيين والاحتلال، وملف الأوضاع في قطاع غزة.
والسببالرئيسي وراء تلك الخسارة أن الموقف الرسمي المصري ما زال يراوح مكانه رغم كلالتبدلات التي وقعت في مصر خلال السنوات الأربع الأخيرة، وهي تبدلات باتت تضعالعديد من إشارات الاستفهام على دور العسكرتاريا الحالي.
والمؤسفالآن -ونقولها بكل مرارة- أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاوز جميع من سبقوه في سوءأدائه في الحرب الراهنة على غزة، فقد أعاد إلى الأذهان تواطؤ نظام حسني مبارك فيالتحضير للعدوان على غزة في أكثر من مرة في سياق الضغط على الفلسطينيين وحتى علىالرئيس الراحل ياسر عرفات، وذلك عبر إيفاد السيسي مدير المخابرات العامة محمد فريدالتهامي إلى تل أبيب قبل يو
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...

حماس: إعدام السلطة لمسن فلسطيني انحدار خطير وتماه مع الاحتلال
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجريمة التي ارتكبتها أجهزة أمن السلطة في مدينة جنين، والتي أسفرت عن استشهاد...

تعزيزًا للاستيطان.. قانون إسرائيلي يتيح شراء أراضٍ بالضفة
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام تناقش سلطات الاحتلال الإسرائيلي في "الكنيست"، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون يهدف إلى السماح للمستوطنين بشراء...

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم. وقالت المنظمة في...