مياه الاعتقالات السياسية تُكذب غطّاس مواجهة صفقة القرن

منذ إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترمب بنود صفقة القرن، الأسبوع المنصرم، أعلنت السلطة الفلسطينية، أنها في حلّ من اتفاقيات أوسلو المبرمة مع “إسرائيل”، وطالبت الأمتين العربية والإسلامية بمساندة الموقف الفلسطيني.

هذا هو ما صرّح به وزير الشؤون المدنية في السلطة حسين الشيخ، في حديثه مع قناة “الجزيرة”، تعقيبًا على “صفقة القرن” الأمريكية المزعومة، وقال: “إن السلطة الفلسطينية أصبحت في حلّ من الاتفاقيات مع إسرائيل المترتبة على اتفاق أوسلو عام 1993”.

لكن الإجراءات التي تتخذها السلطة على أرض الواقع مخالفة تماماً لهذه التصريحات، التي صاحبتها تصريحات لرئيس السلطة في الاتجاه ذاته، حيث تصاعدت حدّة الاعتقالات السياسية بالضفة، وظلت السلطة تمارس إجراءاتها التعسفية بحق المواطنين في الضفة.

فجوة سياسية

المحلل السياسي إبراهيم المدهون، أشار إلى وجود فجوة بين الإرادة والخطاب السياسي للسلطة الفلسطينية ولرئيسها محمود عباس، وبين الواقع الأمني والسياسات الأمنية التي يشرف عليها ضباط المخابرات والأمن في الضفة.

يقول المدهون لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إنّ “هؤلاء الضباط مرتبطون مباشرةً مع الاحتلال الإسرائيلي، ويبدو أنهم يلتزمون بسياسات الاحتلال والتنسيق الأمني أكثر مما يلتزمون بالسياسات العامة، والتي من ضمنها توصيات اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني، بضرورة وقف التنسيق الأمني”.

ويشير المحلل السياسي إلى أنّ حالة الغضب والاشتباك الجماهيري مع الاحتلال في كل المناطق، كان يجب أن يوازيها خطاب سياسي فلسطيني مرتفع ضد الصفقة والاحتلال، لكن للأسف الحالة تؤكّد أنّ ضباط التنسيق الأمني لا يزالون يلتزمون بالسياسات الأمنية بوقف أي عمل مقاوم يمكن أن يؤذي الاحتلال.

ويعتقد المدهون أنّ هذه المدّة هي مدّة تحول حقيقي تحتاج إلى وقت، داعياً إلى الابتعاد عن المواجهة الداخلية ومحاولة احتواء الأمن الفلسطيني والعمل على تصاعد الموجة الشعبية ضد صفقة القرن والاحتلال.

ويضيف: “باعتقادي أن المستقبل للمقاومة وللإرادة الشعبية الجماهيرية، وهذا ما يؤكّده الحراك الشعبي في الضفة والعمليات البطولية التي ترتفع وتيرتها وتقل”.

جريمة سياسية

رئيس لجنة الحريات بالضفة المحتلة خليل عساف انتقد استمرار أجهزة أمن السلطة في حملات الاعتقالات على خلفية سياسية.

ووصف عساف هذه الاعتقالات بأنّها جريمة بحق الشعب الفلسطيني ومصيبة كبرى، خاصة في هذا التوقيت، وقال: “لا يمكن بالمطلق قبول استمرار الاعتقالات على خلفيات سياسية في هذا التوقيت في تاريخ الشعب الفلسطيني، بأي حال من الأحوال، ولا يوجد لها أي منطق أو مبرر”.

السلطة لا تتغير

المحلل السياسي والأكاديمي عبد الستار قاسم، يقول: “واهم من يعتقد أن السلطة يمكن أن تتغير أو تتبدل؛ فهي مبرمجة على التنسيق الأمني وحفظ مصالح رجالاتها”.

ويعتقد قاسم في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ تغيير السلطة لسياساتها أو تخلفها عن الالتزام بالاتفاقات يمكن أن يشكل ضررا عليها، وبالتالي لا يسعون للتغيير.

ويضيف: “قالها رئيس السلطة مراراً أنّهم يريدون دولة منزوعة السلاح، فبالتالي هو يريد أن ينزع سلاح المقاومة أو يريد أن يتخلى عن غزة، وبالتالي من المؤكّد أنّ ذلك لا يؤدي إلى مصالحة ووحدة وطنية”.

ويعبّر الأكاديمي الفلسطيني عن أسفه أنّ “صفقة القرن لم تواجه تحديات لا من الشعب ولا من الفصائل أو على المستوى الرسمي، وقد قالها رئيس جهاز المخابرات: أنّ “التنسيق الأمني لمصلحة الشعب الفلسطيني”.