السبت 10/مايو/2025

لبنان يحتفل بانتصاره على العدوان

نضال حمد

سنة كاملة مرت منذ بدأ في العام المنصرم العدوان الصهيوني على لبنان وذلك في أعقاب نجاح المقاومة الإسلامية في أسر جنديين صهيونيين في مزارع شبعا المحتلة. وقتل وجرح مجموعة أخرى من جنود الاحتلال في العملية التي أطلق عليها الشيخ نصرالله زعيم حزب الله عملية الوعد الصادق.

بدأ العدوان الصهيوني الهستيري الحاقد بسلسلة من الغارات الجوية، تبعها قصف مدفعي وصاروخي شامل، ثم محاولات تقدم داخل الأراضي اللبنانية باءت بالفشل. شمخت طلائع المقاومة في التصدي للغزاة واستطاعت تدمير دباباتهم وناقلات جندهم وقتل وجرح العشرات من ضباطهم وجنودهم. كما تمكنت الوحدات الصاروخية في المقاومة الإسلامية من قصف العمق الصهيوني مما جعل الحياة في عشرات المدن والبلدات والمستعمرات والكيبوتسات الصهيونية المنتشرة شمالي فلسطين المحتلة وفي مناطق حيفا وصفد وعكا والناصرة وكرمئيل وغيرها غير ممكنة.فنزح على إثرها مئات آلاف الصهاينة هرباً وهلعاً. مما تسبب في أزمات خانقة. كما تمكنت صواريخ حزب الله من الانهمار على هؤلاء في كافة المناطق. ووصلت إلى ما بعد حيفا.

ويعتقد المحللون انه كان بإمكان حزب الله قصف تل أبيب والقدس وأماكن أبعد في فلسطين المحتلة. أما على ارض المواجهة المباشرة وفي الميدان على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية تمكنت قوات المقاومة من جعل عدة مناطق لبنانية مثل مارون الرأس وعيتا الشعب ووادي الحجير وبنت جبيل مقابر للغزاة. وبقيت دباباتهم وبالذات الميركفاه التي تباهوا طويلاً بتميزها ونوعيتها عبرة لمن لم يعتبر. إذ تحولت إلى أكوام من الحديد المحروق بصواريخ وقذائف وعبوات المجاهدين.

على الصعيد الإعلامي برز الشيخ المجاهد السيد حسن نصرالله كقائد سياسي محنك ورجل إعلام من الطراز الأول حيث كان لخطاباته ورسائله أكبر الأثر في تعزيز قوة وصمود وإيمان المقاومين وجماهير المقاومة وأنصارها ومحبيها ومؤيديها في كل بقاع الدنيا. كما أثرت رسائله على نفسية المجتمع الصهيوني وقيادته العاجزة وأفراد جيشه الذين منوا بهزائم مخيفة.

ولا بد من ذكر الخطاب التاريخي الذي أعقب الاعتداء على بيروت حيث اختتمه السيد حسن نصرالله بكلماته الشهيرة ” انظروا إلى هذه البارجة الصهيونية التي اعتدت على شعبنا في بيروت كيف ستحترق وتغرق …الخ”. وما هي إلا ثوانٍ حتى كانت صواريخ المقاومة تدمر البارجة. مما عطل في ما بعد فعالية وجودة سلاح البحرية الصهيوني. وأخرجته من المعركة. كذلك حصل الشيء نفسه مع سلاح طائرات الهليكوبتر حيث مني بخسائر وتم تحييده من أرض المعركة على الأقل في النهار. مع العلم انه لا فعالية مؤثرة له في الليل.

انتقم الصهاينة لخسائرهم وعجزهم وفشلهم وقلة حيلتهم بقصف وقتل المدنيين في سلسلة مجازر سوف تظل وصمة عار على جبينهم وجبين المجتمع الدولي الذي التزم الصمت. فأسماء أماكن ارتبطت بالمجازر مثل مروحين وقانا سوف لن تغيب عن عقول وبال البشر. لأنها ستحفر في الذاكرة كعلامة سوداء ووصمة عار للصهاينة ومن معهم.

وفي مشاهد حقد أخرى تكررت طوال الحرب.انتقم الصهاينة من الشعب اللبناني بتدمير البنية التحتية وقصف كافة الجسور في لبنان من جنوبه حتى أقصى شماله وشرقه. كذلك تدمير محطات وإذاعات الإعلام اللبناني المحسوب على المقاومة مثل تلفزيون وفضائية المنار وإذاعة النور.  كما وقعت خسائر بشرية ومادية فادحة في صفوف الشعب اللبناني لكن هذا الشعب وقف بغالبيته مع المقاومة ولفظ مجموعة السياسيين الذين حاولوا ممارسة الضغط من الخلف على حزب الله والمقاومة. فتم عزلهم حيث فشلوا ولم يجدوا حليفاً لهم سوى الصهاينة والأمريكان والدول التي تدور في فلكهم.

حرب تموز أثبتت أن الشعوب العربية ومقاومتها المؤمنة بالقضية تستطيع هزيمة الاحتلال وتوجيه الضربات القاصمة له. وأثبتت أن السلاح يجب أن يستخدم في المعركة مع الأعداء ويوجه في الاتجاه الصحيح. وأعطت أروع الأمثلة على ذلك بالرغم من طابور العملاء الذين حاولوا طعن المقاومة في ظهرها. ومن هؤلاء من هم عملاء معروفين وسبق لهم التحالف مع الصهاينة ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني أثناء الحرب الأهلية في لبنان. هذا بالإضافة لمجموعة جديدة من الحلفاء الجدد الذين يتم توجيههم بجهاز تحكم أمريكي، غربي و صهيوني.

بعد توقف المعارك أظهرت المقاومة اللبنانية كفاءة عالية حيث باشرت مؤسساتها عملية إعادة البناء. وسارعت للقيام بذلك في حين تلكأت الحكومة في القيام بمهامها. أعادت المقاومة بناء وإعمار الكثير مما تهدم في لبنان كله. وقد قمت في مايو – أيار الفائت بزيارة لبيروت وضاحيتها الجنوبية وشاهدت عن قرب مدى سرعة عملية البناء. و سمعت من بعض الذين التقيت بهم أن المقاومة قدمت لهم تعويضات ومساعدات.

هذه المعركة المفتوحة والتي لم تنته تركت لنا فسحة من الأمل ومساحة للتفكير والتأمل. لأن القادم في القريب سوف يحدد مستقبل المنطقة وقوى الفعل الحقيقي فيها. ولا بد أن يكون هذا المستقبل للقوى الشعبية المقاومة التي تؤمن بحرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد قولا وممارسة. وسيكون كذلك لتحالف المقاومة العربية التي لا بد منتصرة. أما تحالف الاستسلام الرسمي وأبواقه من المثقفين والإعلاميين والمستشارين والفاسدين فلا بد إلى زوال.
 
* مدير موقع الصفصاف الإخباري العربي النرويجي

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات