خربة يرزا بالأغوار.. نقطة صمود وسط حقل تدريب الاحتلال

لا يوجد بيت في خربة يرزا في الأغوار الشمالية، إلا وفيه شهيد أو جريح برصاص تدريبات قوات الاحتلال في محيط الخربة أو مصاب بفعل مخلفات هذه التدريبات.

عائلة الحاج نعيم حافظ المساعيد، ثلاثة من أفرادها ضحايا لهذه التدريبات، فهو وزوجته أصيبا بالرصاص، فيما طفله إبراهيم سقط شهيداً جراء انفجار جسم غريب من مخلفات الجيش.

ضحية في كل بيت

ورغم مرور 48 عاماً على إصابته إلا أن الحاج نعيم حافظ مساعيد ما زال يتذكر تلك اللحظة العصيبة لإصابته برصاص قوات الاحتلال وهي تتدرب في محيط بلدته الغورية الواقعة إلى الغرب من مدينة طوباس.

يقول الحاج مساعيد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “بينما كنت أسقي ماشيتي من نبع البلدة في شهر كانون أول ديسمبر من العام 1969 وأذكر أنه كان في شهر رمضان، أطلق أحد الجنود النار علي مباشرة خلال تدريباتهم في محيط البلدة، فاخترقت الرصاصة صدري وكنت مطأطئ الرأس واستقرت في ظهري، نقلت إلى مستشفى رفيديا بمدينة نابلس ومكثت فيه شهراً كاملاً، وما تزال الرصاصة في جسدي ومع كل جهد أبذله، يتجدد آلام تلك الرصاص المستقرة قرب العمود الفقري”.

لم تكن هذه آخر إصابات العائلة، فتروي زوجته أم حافظ لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “أنه وفي العام 1993 خرج طفلها إبراهيم وكان في التاسعة من عمره، يرعى الأغنام، وهناك كان يعبث بجسم غريب من مخلفات الجيش، ما لبث أن انفجر به، ليرتقي شهيداً”.

وتضيف أنها هي أيضاً أصيبت برصاص تدريبات الجيش، خلال تواجدها في ساحة منزلها، في العام 2001، في حوضها الأيمن، وتقول: “إن حياتنا صعبة للغاية بفعل هذه التدريبات، لكننا لن نرحل من أرضنا مهما حصل”.

منطقة عسكرية

فيما يشير رئيس مجلس قروي خربة يرزا مخلص مساعيد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أن خربة يرزا إحدى قرى الأغوار وتتبع محافظة طوباس، وقبل احتلال الضفة الغربية في العام 1967 كان يسكنها ما بين 120 -150 عائلة، وبعد احتلالها أعلنت منطقة عسكرية.

ويضيف، أن “الاحتلال يتعمد إجراء تدريباته في محيط الخربة رغم المساحة الشاسعة لأراضي الأغوار، ولا يخلو أسبوع من إعلان قوات الاحتلال عن موعد لتدريب قواتها في محيط الخربة، والهدف ليس التدريبات بل تنغيص حياة المواطنين”.

ويضيف: “لقد تسببت تدريبات الاحتلال باستشهاد أربعة مواطنين منذ العام 1968 هم: محمود حامد عينابوسي (15عاماً) الذي استشهد في العام 1971، إبراهيم نعيم مساعيد (9 أعوام) استشهد في العام 1993، مصطفى خضر بشارات (30عاماً) استشهد في العام 2006، جمال عبد الناصر فقها (30 عاماً) استشهد في العام 2009، علاوة على عشرات الجرحى والمصابين”.

بلا مقومات

شنت قوات الاحتلال حرباً شعواء على سكانها، وتنوعت أساليب حربها للمواطنين، إما بهدم منازلهم، أو بمصادرة مواشيهم، أو تدمير أراضيهم الزراعية، إضافة إلى اعتبار محيط منازلهم منطقة تدريبات لقوات الاحتلال، وكل هذا دفعاً لترحيل المواطنين الصامدين في أراضيهم، ومع هذا تعاني خربة يرزا من إهمال كبير، وهي تفتقر للكثير من البنى التحتية.

ويؤكد مخلص المساعيد أن الأهالي يتحملون وحدهم تكاليف عمليات الهدم والتدمير التي تشنها قوات الاحتلال بحقهم، وهو ما يزيد من تكاليف الحياة.

وأكد مخلص مساعيد لمراسلنا أن “المواطنين بحاجة لدعم مادي ومشاريع لزيادة صمودهم على أرضهم، والخربة بحاجة ماسة لإيصال خدمات البنية التحتية لها، فهي تفتقر لماء الشرب، وتكلفة نقل الماء من أقرب تجمع سكاني تكلف 25 شيكلاً للكوب، وهو مبلغ باهظ، وحاولنا مد خط مياه تعرض للاعتداء أربع مرات، وهدموا الخزان الذي يزودنا بالماء، وقبل 6 أشهر حصلنا على خط بلاستيكي من خلال إحدى الجمعيات وبعد أن انتهينا تعرض للهدم”.

ويضيف مساعيد: “كل مشروع نعمل على بنائه يتعرض للهدم، فالطريق الترابي الذي وضع البيسكورس عليه تعرض للهدم، والآن هو مخطر من جديد بالإزالة، وحتى مسجد الخربة هدم ثلاث مرات”.

ويشير رئيس مجلس قروي يرزا مخلص مساعيد: “طلاب المدارس من أبناء الخربة يعانون هم أيضاً لعدم وجود مدارس قريبة لهم، وهم يتكلفون أعباء الوصول إلى مدارس طوباس، ونحن بحاجة لحافلة تقلهم وتعيدهم إلى الخربة دون تحميل أهاليهم التكاليف المادية”.