الإثنين 05/أغسطس/2024

فوبيا المقاومة عند صناع كارثة أوسلو.. والشمس لا تغطى بغربال

أسامة عامر*

فوبيا المقاومة عند صناع كارثة “أوسلو”… و”الشمس لا تغطى بغربال”  … يا سيد  حسن!!

هل من علاقة عضوية ومشكلة نفسية معقدة بين صناع كارثة “اتفاقية أوسلو”، -سيئة الصيت والسمعة- وبين الافتئات على حركات المقاومة الفلسطينية؛ وتحديداً على حركة “حماس”؟!؛ وهل هي مشكلة وجع؛ وحسد سياسي وغيرة غير محمودة؟! أم هي مشكلة نابعة من كونها تعكس حالةً من خيبة الأمل السياسية الكبيرة بعد ضياع وهم “أوسلو” لدى صنّاعه؛ وهو الوهم الذي تحطم كمشروع تصفوي للقضية الفلسطينية على صخرة مقاومة الشعب الفلسطيني وقواه الحية في انتفاضة الأقصى 2000، حين أدرك الشهيد ياسر عرفات لحظة الحقيقة؛ في قمة “كامب ديفيد” (الثانية)، فرفض المساومة والتنازل والتوقيع على إنهاء الصراع مع المحتلين الصهاينة بالصورة التي كانت ترغبها (إسرائيل) ومن خلفها أمريكا، وأدواتهما في المنطقة من “عرب الإعتدال”، أو عرب “السلام خيار استراتيجي”؛ وكانت النتيجة حصار الرئيس عرفات في مقر المقاطعة برام الله، والتخلص منه بدس السم له في الطعام- وهي القضية التى لا زالت حتى تاريخه مقيدة ضد مجهول.

تتالت الضربات التي وجهتها قوى المقاومة الفلسطينية للمشروع الأمني الوظيفي؛ جوهر اتفاقية “أوسلو”؛ عبر استمرارها بالخط المقاوم رغم كل بطش وجبروت “سلطة أوسلو” وترهيبها وممارستها القمعية بحق قوى النضال الفلسطيني، ورغم أن مشروع “أوسلو الوظيفى” كان مشروعاً دوليًّا محظورًا عليه الفشل؛ فوُفرت له -حينها- كل أسباب النجاح؛ إلا أنه لم يصمد أمام الحق الفلسطيني الثابت؛ فجاءت الضربة الأشد لهذا المشروع (الوظيفي الأمني) بالفوز الكبير والمستحق للمقاومة الفلسطينية في انتخابات 2006؛ وحينها انكشفت كل أراجيف ودعاوى الزيف والخداع التي نادت بالمشاركة في بناء سلطة (وهمية) تحت الاحتلال؛ ولم يُترك مجال من حينها وإلى الآن أمام شعبنا وقواه الحية، سوى الاستمرار في المزيد من الصمود والصبر أمام آلة العدو الهمجية ومواجهة إجرامه والعضّ على الثوابت والحق الفلسطيني.

ولكي تتعرف على جوانب هذه المشكلة المستعصية ودواخلها الباطنية عند صناع “كارثة أوسلو”، ما عليك -عزيزي القارئ- سوى أن تقرأ مقالات أحد أقطاب مرحلة “أوسلو” الفاعلين -في حينه- السياسي الحزبي الماركسي (سابقاً)، ثم السياسي والمفاوض والوزير (لاحقاً)، والكاتب المتفرغ (حالياً) لـ”حماس” السيد حسن عصفور، المشرف على الموقع الإلكتروني “أمد للإعلام”؛ فهو منذ أن تقاعد من المنصب الوزاري الذي كان يشغله؛ وزيراً للمنظمات الأهلية في سلطة الحكم الإداري الذاتي المحدود، بعد فوز حماس شتاء 2006 تفرغ لكتابة المقالات التقريعية والتحريضية عن حركة “حماس”؛ وجمع جزءاً منها في كتاب أسماه “حماس وخطف غزة”.

لسنا هنا بوارد الاعتراض على شخص السيد الوزير -السابق- ولا الاعتراض على أن يدلو بدلوه متى شاء وأنى شاء، أو في أن يكتب بالشأن العام أو الخاص، أو في أن ينتقد “حماس” أو غير “حماس”؛ لكن مأخذنا ومبعث استهجاننا -وأنا أتحدث هنا كفلسطيني وكباحث- هي أن تجعل شغلك الشاغل الطعن والتشكيك في كل مواقف “حماس” وفي كل أفعالها، وفي أي خطوة تخطوها، سواءً كان ذلك على الصعيد السياسي، أوالعسكري، أوالدبلوماسي العلاقاتي، أو على أي صعيد آخر، كتابات غالبيتها تطعن -فهي هنا ليست مجرد رأي- في سيرة ومسيرة حركة تعتبر الجوزة القوية للجهاد الفلسطيني المعاصر، هي وباقي أخواتها من قوى وفصائل المقاومة لهذا الاحتلال الصهيوني الإجلائي الإحلالي على أرضنا فلسطين.

وهنا يثور السؤال؟ هل كتابات السيد حسن التشكيكية، وبمعلومات مضللة ومخادعة وتلاعبه بالألفاظ وبالعناوين؛ كونه واحداً من أهم صناع  اتفاق العار “أوسلو” إن لم يكن أهمهم، ضد “حماس” جاءت لكونها -أي حماس- وقفت سياسياً قولاً وعملاً -وهذا حق طبيعي لها- في وجه هذا الاتفاق التصفوي للقضية، واستمرارها بالفعل المقاوم للكيان الاحتلالي الصهيوني حتى هذا اليوم، وهي التي لا تزال تزيد من قوتها وجهوزيتها يومياً بإعدادها المتواصل، وبإصرار كبير منها على تصليب جبهة المقاومة؛ لمواجهة المحتل. هل من أجل ذلك هي تعاقب حتى اليوم بصبّ اللعنات من السيد حسن، تُعاقب على كل ما تجسده على الأرض من جهد ومجهود وجد واجتهاد، تُعاقب على التضحية والفداء وعطائها من لحمها الحي، ومن صبرها وصمودها والتحامها بشعبها الفلسطيني، حتى أضحت هي الضمير الجمعي للأمة، ولكل الأحرارعلى أرض المعمورة، الأحرار الذين يتوقون للتحرر من قبضة واستبداد وطغيان العالم الأعور الذي لا يرى إلا بعيون (إسرائيل)، ورأس حيّته أمريكا التي وقفت من وراء صناعة كارثة “أوسلو”، فجاءت بهذا الاتفاق الأمني الوظيفي، ليكون لعنةً وأيةُ لعنة، على شعبنا الفلسطيني، حين عمّق من الانقسام الوطني بين مختلف شرائح شعبنا السياسية والمجتمعية.

“أوسلو” التي أوقعتنا بالمصيدة؛ والتى ما زلنا نتجرع علقمها حتى اللحظة،  الاتفاقية -الكارثة- لا زال يعتبرها السيد المفاوض -السابق- حسن عصفور؛ أهم منجز تاريخي شخصي له.

في هذا الإطار وداخل هذا المربع علينا أن نقرأ ونفهم مواقف السيد عصفور اتجاه “حماس”؛ فـ”حماس” هنا ليست سوى ميدان رماية -واسع نسبياً-، يفرغ فيه السيد حسن كل ما يمثل من إخفاقات سياسية سابقة وحالية ولاحقة.

وحتى لا نكون كمن يلقى كلاماً مرسلاً؛ لننظر كمثال فحسب: لآخر مقالين متتاليين للسيد حسن؛ وهما: “حماس و”التطبيع الحلال” و”التطبيع الحرام” مع إسرائيل”! و”ملامح سياسية ما قبل انتخابات “ضارة وطنيا”! بتواريخ؛ (06/08/2016) و(07/08/2016) على التوالي، ونشرا على موقع “أمد للإعلام”.

وهنا لن نقوم بمناقشة كل القضايا والاتهامات والافتئات والتضليل الذي يسوقه السيد حسن من خلال هذين المقالين، وفي ما كان قبلهما وما سيأتي بعدهما؛ -فأغلب الظن، والظن ليس كله إثمًا- أن السيد حسن في قادم الأيام (ملوش) شغلانة إلا “حماس” تقريباً، كما كانت من قبل، منذ أن ترك الوزارة. فالرد على كل كتابات السيد حسن فيما يتعلق بـ”حماس” وأخواتها، سيحتاج شرحه وتفنيده والرد على شبهاته لمجلدات، وليس لمقالة قصيرة أو مطولة… وسنكتفى اليوم بالتعليق على بعض النقاط التي وردت في المقالين الحديثين المذكورين للسيد حسن.

يقول السيد حسن في مقال “حماس و”التطبيع الحلال” و”التطبيع الحرام” مع إسرائيل”!

“بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، انتقلت الحركة لتعلن معارضة سياسية – دينية للاتفاق، وبالتنسيق مع أجهزة أمنية عربية، بدأت في العمل لكسر هيبة منظمة التحرير وقيادة أبو عمار وزعامته، عبر اللجوء إلى العمليات الانتحارية، ما ساعد دولة الكيان لفرض منطق أمني جديد على مسار التفاوض والاتفاقات اللاحقة، بل وكان لها السبب الأساس في تغيير منطق الانسحابات الإسرائيلية المتفق عليها، وتصنيف الأراضي من “مناطق مأهلولة وغير مأهولة” إلى “أ ب ج”.

يا سلام على الفانتازيا هنا؛ وعلى حجم التضليل السياسي الذي يريد السيد حسن أن يسوقه علينا، وكأننا من “هونولولو”، ولم نعش تلك السنين وتلك الأجواء. هنا هو يريد أن يقول لنا بأن (إسرائيل) كانت ستكون “حنونة علينا”،  وكانت ستنسحب من المناطق الفلسطينية بأكملها، وجاءت عمليات “حماس” (الشريرة) ضد المحتل لتغير من كل هذا!! وهنا أسأل السيد حسن: ما قولك يا سيد حسن بقرار “حماس” في ذلك الحين، بوقف كل العمليات العسكرية بعد مباحثاتها مع حركة ” فتح” في القاهرة، بعد أن طلب ذلك منها الرئيس ياسر عرفات؛ وطلب -في حينه- إعطاءه الفرصة لاختبار (إسرائيل) “الحنونة” في هذا الوهم المسمى “انسحابات”، كذلك طلب التهدئة لكي تتم عملية إجراء أول انتخابات تشريعية بعد توقيع “أوسلو”، وبالمناسبة كان السيد حسن عصفور عضوا في هذا المجلس التشريعي.

لقد التزمت “حماس” – آنذاك- باتفاقها مع “فتح” لمدة قاربت التسعة شهور؛ جمدت خلالها عملياتها العسكرية. فماذا فعلت (إسرائيل) “الحنونة” يا سيد حسن… قامت باغتيال أسطورة المقاومة، وعنوان العمل العسكري المسلح لشعبنا الفلسطيني في ذلك الوقت، الشهيد “المهندس” يحي عياش. وأين تمت عملية الاغتيال؟ في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية؛ المفترض بأنها محررة، والمفترض بأن الفلسطيني له الولاية الجغرافية -الأمنية والسياسية- عليها؛ كما تحب أن تقول دوماً يا سيد حسن.

كان من الطبيعي أن يتم الرد على عملية اغتيال المهندس عياش (الغادرة)، وتم الرد بعد 51 يوماً، بعمليات متتالية هزت قلب الكيان، وفي هذا حديث كثير يقال… لكن السؤال الملحّ الآن؛ لماذا تبرئة الاحتلال هنا ولوم الضحية وتحميل “حماس” المسئولية يا سيد حسن؟. ثم إنك تتهم “حماس” بأنها نفذت ذلك لصالح دول عربية.. طيب لماذا لم تُلزم أنت (إسرائيل) باتفاقها الشفوي معكم بعدم تنفيذ عمليات اغتيال ضد الفلسطينيين -عوضاً عن ازدياد نهب الأرض وزيادة سرطان الاستيطان- وتحديداً عدم التعرض للقائد المطلوب رقم واحد على قوائم الاغتيال (الإسرائيلية)، المهندس يحيى عياش، وهو التعهد الذي قطعتموه لـ”حماس”، كي تقبل بتجميد عملياتها العسكرية، ولتعطيكم كـ”سلطة” وليدة -آنذاك- فرصة اختبار نوايا (إسرائيل) وطيبتها وحنيتها..!!

يواصل السيد حسن في مقاله (التطبيع الحلال” و”التطبيع الحرام) بالقول: “ويذكر الجميع موقفها (أي حماس) من انتخابات 1996 للمجلس التشريعي والرئاسة، وهي أول انتخابات وطنية فلسطينية عامة فوق أرض فلسطين تاريخيا، مع ما كان يمثل خرقا تاريخيا لتثبيت “الهوية الوطنية”..لكن حماس الإخوانية رفضت ذلك، بحجة “الحرام والحلال”.. وهددت بالقتل أي منها يشارك ولا زال إسماعيل هنية حاضرا وشاهدا، وليته يكشف الحقيقة كما حدثت”.

كنت أتمنى هنا على السيد حسن عصفور أن يقول لنا هو؛ عوضاً على أن يطلب ذلك من السيد إسماعيل هنية، كيف وأين ومتى هددت “حماس” في عام (1996) بالقتل كل من يشارك منها بالانتخابات؟؟!!، والسيد حسن كان – آنذاك- من أقطاب السلطة، وكان مطلعاً بصورة أو بأخرى على الحكاية والرواية كلها.

والحكاية يعرفها -حينئذٍ- كل المشتغلين بالسياسة الفلسطينية، ويعرفها حتى الفلسطيني رجل الشارع البسيط؛ وهي لم تكن -من الأساس- سراً حربياً؛ حتى تعود الآن كذلك؛ كما يريد أن يُصدر لنا السيد حسن بقوله: “ولا زال إسماعيل هنية حاضرا وشاهدا، وليته يكشف الحقيقة كما حدثت..!”.

فما الذي حدث يا سيد حسن؟ أنا أقول لك ما الذي حدث بكل بساطة؛ وأنت هنا تقصد ما دار من حديث حول نية أو رغبة السيد إسماعيل هنية وثلاثة من زملائه من قيادات الحركة ترشيح أنفسهم في انتخابات المجلس التشريعي (1996)، وقيل وقتها بأنهم أخذوا مباركة من مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين الذي كان لا يزال حينها أسيراً في سجون الاحتلال الصهيوني؛ -هذا ما قيل- وهو على خلاف الموقف الرسمي لحركتهم “حماس”… وسأقول لك هنا، وكل حرف سأكتبته دقيق 100%. ومرةً أخرى لا أحد عاصر تلك الفترة وكان متابعا ولا يعرف ما سأكتب؛ الأستاذ إسماعيل هنية والأساتذة خالد الهندي وسعيد النمروطي والدكتور سعد الدين المزيني، كان لهم اجتهاد فيما يتعلق بالتعامل مع السلطة الفلسطينية التي أصبحت أمراً واقعاً في حينه، وكانوا يرون أنه يجب التعاطي بهدوء مع هذه المرحلة لتخفيف الضغوط على الحركة في الوقت الذي تشهد فيه عملية ما يسمى بالسلام (وهي عملية إذعان واستسلام واتفاقات هي عبارة عن إملاءات) أكبر دفع دولي وعربي، مما سيجعل الحركة في وضع تراجع سياسي متواصل إذا استمرت عملية التسوية بحسب ما خطط لها؛ بتشكيل دولة -وهمية- بعد خمس سنوات من -كارثة- “أوسلو”. حصل هذا الاجتهاد في الوقت الذي كان فيه القادة المؤسسون في سجون الاحتلال، وكانت السلطة تتعامل بعنف مع “حماس” وقياداتها؛ مما جعل لهذا الرأي اعتباراً مهماً باعتباره الرأي العقلاني الذي يقدر الظروف.

قيادة الحركة السرية والمعلنة في الداخل والخارج لم تكن مع هذا الرأي، فطلبت من المسئولين الأربعة ال

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يسلّم جثامين 84 شهيدا سرقها من غزة

الاحتلال يسلّم جثامين 84 شهيدا سرقها من غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام سلمت جيش الاحتلال الإسرائيلي العشرات من جثامين الشهداء كان قد اختطفهم من مقابر في قطاع غزة. وأعلنت اللجنة الدولية...