الشرق الأوسط المستقبلي

بوش فرض تنصيب أبو مازن على الفلسطينيين. ورامسفيلد فرض، نيابة عن بوش، الجنرال غارنر حاكماً على العراق. والنائب الأميركي توم لانتوس حط هذا الأسبوع في دمشق معلناً في مؤتمر صحفي أن سوريا موعودة بحزمة عقوبات إذا لم تستجب للمطالب الأميركية. فهل نحن حقاً أمة حرة؟ وماذا تبقى لنا من شرف؟ وفي كل الأحوال ما هو مصيرنا لمرحلة «ما بعد العراق»؟
لنعترف أولاً أن بلدان الأمة العربية باتت واقعة تحت سيطرة استعمارية أميركية صريحة لكن المؤشرات والتحركات الأميركية على صعيد منطقة الشرق الأوسط التي سبقت شن العدوان على العراق ورافقته ووضحت أكثر بعده تشي بأن الاستعمار الأميركي للأمة العربية ليس سوى مرحلة انتقالية إلى استعمار إسرائيلي. فنحن الآن نعيش الإرهاصات التطبيقية لنظرية «الشرق أوسطية» التي ابتدعها شمعون بيريز ووضع لها كتاباً كاملاً وشعار «إسرائيل من النيل إلى الفرات».
فور الانتصار العسكري الأميركي في العراق تتابع المسئولون الأميركيون والمسئولون الإسرائيليون في الحديث عن «مرحلة جديدة» أو «قوانين جديدة للعبة» أو «حقائق الوضع الجديد» بإيماءات واضحة تشير كلها إلى مغزى واحد: حتمية الاعتراف العربي الكامل والشامل بالدولة اليهودية ووفق الشروط الإسرائيلية. ومن يتلكأ فلينظر إلى ما جرى للعراق والعراقيين. وهذا بإيجاز معنى مقولة بوش عقب أحداث سبتمبر 2001 «من ليس معنا فهو ضدنا» إذا طبقت في سياق الصراع العربي الإسرائيلي.
وانظر في عناصر المشهد المتحرك بعد قصم ظهر العراق: كلها تشير في هذا الاتجاه.
الترتيبات الاستراتيجية لإعادة بناء العراق سياسياً يجري تطبيقها في اتجاه تنصيب حكومة من عناصر عراقية عميلة تحت ظل احتلال أميركي يكون على رأس أولوياتها السياسية الاعتراف بـ”إسرائيل”. وفي سياق هذه الترتيبات سوف يعاد إنشاء خط الأنابيب النفطي العتيق الذي يربط كركوك بميناء حيفا الإسرائيلي كتمهيد لربط الاقتصاد العراقي «الذي سوف يكون قوامه رؤوس أموال أميركية» بالاقتصاد الإسرائيلي.
في هذه الأثناء يبدأ عهد أبو مازن في فلسطين لتطبيق الأجندة الإسرائيلية الأميركية المتضمنة في مشروع «خريطة الطريق» لتنتهي إلى اتفاقية سلام تقوم بموجبها «دولة» فلسطينية يرتهن كل شيء فيها – من الاقتصاد إلى الأمن والشئون الخارجية – للسيادة الإسرائيلية.
وفقاً لهذه الأجندة سوف تكون أولى أولويات حكومة أبو مازن تقليم أظافر فصائل المقاومة عن طريق نزع ما لديها من سلاح وتغذية الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بكل ما تحتاجه من معلومات سرية للقيام بضربات استباقية ومواصلة نهج الاغتيالات.
ولاستكمال مشروع الحرب العلنية على «الإرهاب» الموجه ضد “إسرائيل” يجري في الوقت نفسه استهداف سوريا.
ومما يستخلص من حديث النائب الأميركي توم لانتوس في هذا الصدد خلال الأسبوع الجاري والأسلوب الذي انتهجه هو أن عصر المناورة الدبلوماسية الأميركية في مسألة حماية “إسرائيل” قد انتهى إلى غير رجعة لمرحلة ما بعد العراق.
كان حديث لانتوس تهديداً علنياً صريحاً بالثبور وعظائم الأمور علماً بأنه كان يتحدث داخل العاصمة السورية دمشق في مؤتمر صحفي، وليس داخل صالون مغلق دون لف أو دوران، سرد لانتوس ما هو مطلوب من الحكومة السورية: وقف الدعم لحزب الله اللبناني وإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية. وفي حالة الرفض أو التردد فإن هناك مشروع قانون جاهزاً لدى الكونغرس: قانون محاسبة سوريا. ومن قبيل الشرح أعلن هذا النائب الأميركي أنه في حالة عدم الاستجابة للمطالب «فإننا سنستخلص النتائج وسأعمل شخصياً لإصدار قانون العقوبات ضد سوريا». وإذا كانت هذه اللغة غير مألوفة فلأنها لغة جديدة: لغة مرحلة ما بعد العراق.
ولنتصور ملامح المرحلة في المستقبل المرئي: خروج العراق نهائياً من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي ليوقع معاهدة سلام مع “إسرائيل”.. نهاية المسيرة النضالية الفلسطينية بتوقيع اتفاقية فلسطينية إسرائيلية على يد أبو مازن وشارون تؤدي عملياً إلى تكريس الاحتلال الإسرائيلي. استسلام سوريا عن طريق سلسلة إجراءات تنتهي إلى معاهدة سلام مع “إسرائيل” تتضمن تنازلاً سورياً عن مرتفعات الجولان. هذه هي الملامح الأولية.. وأظن أن بوسعنا تصور ما يحصل بعد ذلك: تتابع ما تبقى من الدول العربية للانخراط في «مسيرة السلام».. ليبدأ عصر الاستعمار الإسرائيلي الشامل!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...