السادس عشر من يناير .. عندما أصبح المسنون هدفاً لقذائف لاحتلال (تقرير)

طوال العدوان الصهيوني على قطاع غزة وجد المسنون في دار رعاية العجزة في مستشفى الوفاء الطبي في شمال شرق قطاع غزة، أنفسهم في مواجهة غير مسبوقة من الخطر في ظل القصف الصهيوني الذي طال كل شيء بما في ذلك مخادعهم.
في الدار التي تعتبر الوحيدة من نوعها في قطاع غزة حيث يفضل الغالبية رعاية الأفراد العجزة في أسرهم في المنزل، ولكن المرضى في مستشفى الوفاء الطبي لا يجدون مكاناً آخراً يلجئون إليه، ترقد النساء العجائز في أسرتهن، ومعظمهن طريحات الفراش.
الحاجة رحمة شاهدة على العدوان
الحاجة رحمة مراد (75 عاماً ) هي أحد النزلاء الدائمين في المستشفى. يشرق وجهها عندما تتذكر سنواتها الأولى في دمشق، حيث أنها انحدرت من وسط ثري وكانت لغتها الأولى هي اللغة الفرنسية. أما الآن، فأولادها في سوريا ولا أقرباء يزورونها، ولم يتبق لديها سوى الذكريات.
لقد خلف الهجوم الصهيوني الأخير على قطاع غزة والذي استمر لأكثر من ثلاثة أسابيع أكثر من 5500 جريح، غالبيتهم أصيبوا بجروح بالغة. إلا أن الإصابات الناجمة عن الصدمات النفسية التي خلفها القصف المدفعي والصاروخي ستستغرق وقتاً طويلاً من الزمان كي تبرأ.
الليلة المرعبة
في ساعات الصباح الباكر من يوم السادس عشر من الشهر الماضي كانون ثان (يناير) تعرض مستشفى الوفاء الطبي، المركز التأهيلي الوحيد من نوعه في قطاع غزة، إلى ضربات عدة بالقصف المدفعي، بما فيها جولات من القصف بقذائف الفسفور الأبيض. آثار القصف الموجودة في أقسام الجناح الشرقي للمستشفى تشهد على الأضرار التي تكبدتها المستشفى في تلك الليلة، والتي تقدر بنحو نصف مليون دولار أمريكي.
لا تزال الحاجة رحمة وغيرها من المريضات المقيمات في المستشفى يتذكرن تفاصيل هذه الليلة المرعبة وأوضحن أنهن أمضين “ليلة طويلة من الرعب” وكن محاصرات في المستشفى وغير قادرات على المغادرة.
أمر لا يطاق
وحتى الآن، وبعد شهر من وقف إطلاق النار من قبل الاحتلال الصهيوني ما تزال الحاجة رحمة تذرف الدموع، قائلة: “لا يمكنني أن أصف دوي القصف”. كانت نظراتها تتنقل بين الفتحات التي أحدثتها الشظايا التي أمطرت جدران غرفتها في مستشفى الوفاء الطبي. “كان الأمر لا يطاق…” تشابكت يداها بإحكام، بينما كانت أحد المتطوعات في المستشفى تهدئ من روعها.
وحول ما جرى تلك الليلية قال الممرض وائل محمود سمارة (23 عاما) من سكان حي الشجاعية، الذي كان على رأس عمله: “تعرضت المستشفى لإطلاق النار بعد منتصف الليل مباشرة. سقطت قذيفة كبيرة في المستشفى وتطاير الغبار والدخان من حولنا. لم نتمكن من رؤية شيء لأن الدخان الكثيف كان يملأ الممرات. واندلعت حالة من الذعر بين المرضى والموظفين.
خطة طوارئ
كانت إدارة المستشفى قد أعدت خططاً للتعامل مع حالات الطوارئ، وكانت قد قامت بالفعل بإخلاء عدد من المرضى من الجناح الشرقي قبل بدء القصف بساعات. لقد نجحت الإجراءات التي اتخذتها إدارة المستشفى في تجنب كارثة محتملة، بالرغم من الصعوبات التي تضمنتها عملية نقل المرضى المشلولين والذين يعانون من إصابات في العمود الفقري.
ولكن غالبية النزلاء من العجزة في دار رعاية العجزة في مستشفى الوفاء الطبي هم طريحو الفراش، ولم تكن هناك من إمكانية لإخلائهم بسلام. كذلك حالت عمليات القصف دون تمكن وصول موظفي المستشفى إلى قسم رعاية العجزة بسلام، فقد أصيبت أم محمد الوادية، إحدى مقدمات الرعاية، بجروح شظايا في رأسها بينما كانت تحاول مساعدة المرضى.
6 ساعات من القصف
وواصل الجيش الصهيوني قصفه على المجمع الطبي في مستشفى الوفاء لما يقرب من ست ساعات، بالرغم من النداءات التي وجهتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر. كما لحقت أضرار بالغة في مبنى الجراحة التخصصية وطب الأطفال الذي تم الانتهاء من تجهيزه بالكامل منذ وقت قريب والذي كان على وشك الافتتاح. الآن، يقف المبنى بينما تغطيه ثغرات الشظايا والثغرات السوداء الناتجة عن القصف المدفعي.
علي أبو ريالة، رئيس قسم التمريض في مستشفى الوفاء الطبي، أفاد: “الهجوم الذي تعرضت له المستشفى بتاريخ السادس عشر من يناير للعام 2009 هو الهجوم الرابع على المستشفى”. وأضاف: “نحن هنا قريبون جداً من الحدود، وكان اثنان من ممرضينا قد قتلوا في قصف مدفعي في العام 2003، لذلك نحن لدينا خطط طوارئ معدة في حال حدوث هجوم في المستقبل.
واعتبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في بيان له استعرض فيه جانب مما تعرض له مستشفى الشفاء أن الاستهداف العمد للمرافق المدنية كالمستشفيات يعد انتهاكاً لمبادئ القانون الإنساني الدولي وقد يشكل جريمة حرب. المواد 15 إلى 19 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر استهداف المرافق الصحية في أوقات الصراع.
وفي حين أنه تم إزالة الحطام وآثار الدخان من ممرات مستشفى الوفاء ذات اللون الأخضر وبينما عاودت الأقسام النظيفة مزاولة وظائفها، إلا أن الندوب التي تركت على نزلاء المستشفى من العجزة والمعاقين الضعفاء ما تزال عميقة. قالت رحمة: “نشعر بالرعب طوال الوقت. هل هذا ما يجب أن أشعر به قرب نهاية حياتي؟”
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

أوتشا: 70% من سكان قطاع غزة تحت أوامر التهجير القسري
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن الفلسطينيين يموتون بقطاع غزة الذي يرزح تحت حصار...

وثيقة للشاباك تحذر من خطر انتشار السلاح في الأراضي المحتلة عام 48
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ "الشاباك"، من أن النطاق الواسع لانتشار الأسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة...

الأونروا: الاحتلال يحرم 550 طالباً في القدس من الوصول إلى مدارسهم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن سلطات الاحتلال تحرم 550 طالبا من...