الإثنين 12/مايو/2025

تضعضع ركائز وجود إسرائيل الصهيونية

تضعضع ركائز وجود إسرائيل الصهيونية

أثبتت الأحداث في المنطقة العربية وعلى مدى أكثر من ستة عقود من عمر الصراع العربي- الإسرائيلي أن إسرائيل هي كيان استيطاني استعماري عنصري تأسس على ثلاث ركائز رئيسة، ومازالت هذه الركائز تشكل منهجاً سياسياً عقائدياً عسكرياً يهدف إلى السيطرة الكاملة على هذه المنطقة الاستراتيجية التي تقع في قلب العالم من خلال تقسيمها وشرذمتها ونهب ثرواتها.

أولى تلك الركائز هي الايديولوجية الدينية اليهودية المستنبطة من نصوص مختارة من التوراة والتلمود والمستندة إلى أساطير أبرزها «شعب الله المختار» و«أرض الميعاد» واستطرادات تاريخية ليست لها حوامل حقيقية على الأرض، وتتبنى هذه الايديولوجية ذات المنبع الصهيوني فكرة تفرد اليهود وما يسمى نقاء اليهود والعمل على تسخير غير اليهود (الأغيار) ليكونوا عبيداً لليهود المختارين، كما تتبنى نزعة الكره للآخرين والحقد عليهم وتمني الموت لهم ولاسيما العرب، وهو ما يجمع عليه اليوم الحاخامات المتعصبون داخل إسرائيل والرؤوس الحامية في القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية.. وما زالت هذه الايديولوجية العنصرية هي المرجعية الدينية الصهيونية التي يلتف حولها ويتغذى منها التجمع الاستيطاني اليهودي على أرض فلسطين بالرغم من بعض خلافاته السياسية حول كيفية الوصول للأهداف الموضوعة في التفرد والتفوق والهيمنة، وما القوانين العنصرية الإسرائيلية الصادرة ضد الفلسطينيين وتصريحات الكثير من المسؤولين الإسرائيليين التي تطالب اليوم العرب الاعتراف بما سمي «يهودية» إسرائيل وضرورة إقصاء الفلسطينيين وتهجيرهم وتسويغ قتلهم إلا التجسيد الأمثل لتلك العقيدة الايديولوجية الفاشية. ‏

أما الركيزة الثانية فهي الحركة الصهيونية التي وضعت في مؤتمر «بال» في سويسرا عام 1897 مشروعاً لجمع الشتات اليهودي في «وطن» جغرافي سياسي محدد، ثم كانت أرض فلسطين العربية هي الهدف، حيث باشرت بعض المجموعات اليهودية في أوروبا التوجه إليها، وعقب الحرب العالمية الأولى ثم «وعد بلفور» واتفاقيات «سايكس بيكو» التي قسمت الوطن العربي إلى دويلات –بدأت موجات الهجرة اليهودية المتلاحقة للأرض الفلسطينية التي كانت تحت الانتداب البريطاني، وبدأ معها بناء المزارع اليهودية والتعاونيات التابعة لها (الكيبوتزات)، وكان أول الشعارات المزيفة للحركة الصهيونية للاستيطان في فلسطين هو «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» وأن فلسطين الهدف هي «أرض بور متخلفة» يلزمها «شعب حضاري» يعمل بها ويطورها ويحولها إلى أرض «الحليب والعسل» ومع إنشاء إسرائيل بدعم الصهيونية والقوى الاستعمارية على حساب فلسطين وشعبها تحول الاستيطان اليهودي إلى واقع احتلالي عدواني لتفريغ الأرض من سكانها الأصليين وتهويدها بالكامل. ‏

إن بناء وتوسيع المستوطنات في القدس والضفة الغربية المحتلة كان ولا يزال العمود الفقري للسياسة التي نفذتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، واستمرار عمليات الاستيطان والتهويد هي عقيدة صهيونية يلتف حولها ويتحصن خلفها اليوم مختلف المهاجرين اليهود وممثلوهم في الأحزاب والتكتلات السياسية داخل إسرائيل بما فيها اليمين أو ما يسمى باليسار. ‏

الركيزة الثالثة التي ما زالت إسرائيل تحتمي بها هي ترابط المشروع الصهيوني مع مصالح القوى الاستعمارية الغربية في المنطقة وعلى رأسها اليوم الولايات المتحدة، وقد تلاحمت هذه القوى مع الحركة الصهيونية لكي تجعل من إسرائيل حاجزاً غريباً يفصل الشرق العربي عن غربه وقاعدة عسكرية ثابتة مدججة بمختلف الأسلحة الحربية ومهمتها تحقيق الأهداف الأميركية- الصهيونية المشتركة في بسط الهيمنة على الشرق الأوسط واستغلال ثرواته واستعباد شعوبه، وقد بدأت تلك القوى بالدفاع عن إسرائيل والتكفل بحمايتها ودعهما تحت ذريعة أنها «واحة الديمقراطية» في محيط مستبد و«قاعدة حضارية« وسط صحراء من الدول المتخلفة! وحتى اليوم ما زالت هذه القوى الاستعمارية تدعم إسرائيل، وتؤكد أن أمنها ومصالحها هي ثوابت لا يمكن تجاوزها تحت أي ظرف. وهي اليوم، ولاسيما أميركا، تتغاضى عن جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، بل تتبنى السياسات الإسرائيلية في تكريس الاحتلال والاستيطان والعدوان. ‏

وعلى الرغم من أن ركائز هذا الوجود الاستعماري للكيان الصهيوني قد تخلخلت من جراء فشل سياسة الحرب والعدوان التي ينتهجها الحلف الأميركي- الإسرائيلي وبسبب صمود قوى المقاومة والممانعة، فإن مفاعيله ما زالت قائمة حتى اليوم مهددةً الأمن القومي العربي ومصالحه الوطنية ومعرضة الهدوء والاستقرار للخطر، وعلى العرب من دون استثناء إعادة النظر في مواقفهم تجاه ما يجري في منطقتهم وتوحيد كلمتهم والتصدي الحازم لأي مشروعات أميركية- صهيونية تستهدف وجودهم ومستقبلهم. ‏

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات