الثلاثاء 13/مايو/2025

أشواك في الخاصرة

أشواك في الخاصرة

في الوقت الذي تزرع فيه السلطة الفلسطينية غصن زيتون آخر في قلب الأمم المتحدة ليزهر سلاماً ووطناً “شرعياً”، تزداد الأشواك التي تزرعها “إسرائيل” وحليفتها أمريكا في خاصرة فلسطين وخاصرة كل عربي، يتجرأ أن يفتح فاهاً ليقول لا للتزوير ولا للدعاية الصهيونية الكاذبة التي لم تعد محاولاتها غسل أدمغة الناس بتشويه الحقائق وتزوير التاريخ تنطلي على كثيرين.

وكأن الشعب الفلسطيني لم يفهم بعد أن الكيان الصهيوني يعاني من حساسية تجاه المواقف الإنسانية ولغة العواطف والمشاعر والتلويح بأغصان الزيتون ومد الأيدي للتصافح والسلام. ألم يريهم أن اللغة التي يفهمها ويمارسها هي اقتلاع أشجار الزيتون وقمع الأصوات وملء السجون بالمعترضين وقتل المقاومين والمشي بالبلدوزر فوق أجساد البشر؟ وها هم مجدداً يلوحون له بورقة شرعية ويمدون أيديهم للسلام بلا أثمان باهظة وبلا دماء.

حالف هو ألا يسمع إلا صوته وألا يعترف إلا ب”إسرائيل” الممتدة فوق كل شبر من الأراضي الفلسطينية، وهو بارع في شن الحملات الصهيونية التي تلف العالم وتدخل أروقة المدارس والجامعات. والمؤسف أنه يملك بين يديه لعبة السياسة الأمريكية ويتحكم بها كيفما يشاء، لذلك يرد على طلب وقف الاستيطان بترسيخه أكثر وأكثر و”زرع” 1100 مستوطنة جديدة في خاصرة السلام الفلسطيني.

يالسخرية “العدالة” التي تمارسها الدول الكبرى، ففي حين تبنى المستوطنات من الطوب، يتعلم أبناء غزة في مدارس من صفيح بلا نوافذ ولا تهوية بنتها “الأونروا”، ويتكدس في صفوفها الطلبة كأنهم في زريبة للحيوانات.

ويا لسخرية “العدالة الأمريكية”، ففي كاليفورنيا حكمت محكمة سانتا آنا على عشرة طلاب مسلمين من جامعة كاليفورنيا بالبقاء قيد المراقبة ثلاث سنوات وأداء كل منهم 56 ساعة عمل في خدمة المجتمع. أما تهمتهم، فهي مقاطعة خطاب كان يلقيه السفير “الإسرائيلي” لدى الأمم المتحدة في إحدى الندوات التي نظمتها جامعة كاليفورنيا، حيث قام هؤلاء الطلبة بالاعتراض مرات عدة على أكاذيب سردها السفير. ولأنه “ابن إسرائيل”، مارس حقه في الاعتراض ولجأ إلى القضاء أو “العدل الأمريكي” الذي أنصفه – كالعادة – وعاقب من تجرأ وقال “أنا أعترض” في وجهه. وكأن أي اعتراض على كلمة يقولها أي “إسرائيلي” ولو بالكذب تندرج ضمن إطار ال “فيتو” ولا يحق لغير “الكبار” ممارسته وإلا سمي “عرقلة غير قانونية” كما ورد في تهمة الطلبة.

ومن سخرية العدالة أيضاً، أن تعلم أن محكمة في نيويورك حكمت قبل يومين على رجل قتل هرّة حماته بالسجن 6 أشهر وهو حكم مخفف “لأنه لم يكن يقصد ذلك”، بينما مستوطن دهس طفلاً فلسطينياً وأكمل طريقه وكأن شيئاً لم يكن، وأيضاً اعتدى مستوطنون آخرون على مسن فلسطيني بالضرب واعتقلوه ثم أطلقوه بلا سبب، وكأن شيئاً لم يكن. 

يبدو أن الأطفال والمسنين في فلسطين يحتاجون إلى سنين من النضال بعد حتى يرتقوا إلى مستوى “الهرة الأمريكية”.

[email protected]

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات