الطريق إلى فلسطين يبدأ من هنا

الأحداث الأخيرة التي مرت بها المنطقة العربية لم تؤد إلى تعرية الولايات المتحدة الأمريكية وإظهار حقيقية أهدافها ونواياها الشريرة فحسب؛ بل أدت كذلك إلى تعرية أدواتها من الأنظمة العربية التي تدين بالتبعية التامة والخنوع الكامل لها، ونتيجة عن ذلك أدركت هذه الأنظمة القمعية بأنها باتت مهددة بالسقوط، مما أدى بزعمائها إلى التحذير من انجرار المنطقة نحو أخطار كبيرة وحث البيت الأبيض الأمريكي على إيجاد تسوية سريعة للصراع العربي الصهيوني.
هذه الأنظمة الخانعة تعلم أنها أدوات رخيصة للمشروع الغربي الذي يستهدف الحضارة العربية الإسلامية، ولا شك أن المتابع للأحداث التي تمر بها المنطقة العربية يدرك تماماً أن هذه الأدوات تتكامل وظيفياً مع المشروع الصهيوني لتحقيق الأهداف الغربية بالهيمنة على المنطقة.
فقد حاصرت هذه الأنظمة العراق لسنوات عديدة ومكنت القوات الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من غزوه والاستمرار في احتلاله، كما أنها لا تزال تحاصر الشعب الفلسطيني وتجوعه وتساهم في كسر إرادته وترويضه.
ولقد ساهمت هذه الأنظمة في مقاطعة الحكومة الفلسطينية وعزلها وتقويضها، هذا بالإضافة إلى تقديم الحماية الأمنية الكاملة لكيان الاحتلال، منذ نشأته، وقمع شعوبها ومنعها من القيام بواجبها في التصدي للمشروع الغربي الصهيوني.
إن ممارسات هذه الأنظمة تؤكد، دون أي مجال للشك، أنها تمثل العائق الأكبر أمام تحرير فلسطين ونيل شعبها المجاهد حقوقه وكرامته، وما تبديه هذه الأنظمة من حرص زائف على تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني هو فقط لذر الرماد في عيون شعوبها المقهورة ولتخديرها وإسكاتها، فمستقبل هذه الأنظمة الخانعة مرهون بالوفاء بالتزاماتها تجاه أمن الكيان الصهيوني والتبعية المطلقة للبيت الأبيض الأمريكي وخدمة المشروع الغربي؛ بالإضافة إلى الحفاظ على إنجازات معاهدة سايكوس بيكو التي مزقت الأمة وأذلت شعوبنا.
لقد استاءت هذه الأنظمة في الآونة الأخيرة من افتضاح أمرها وانكشاف تبعيتها الكاملة لأعداء شعوبنا وأمتنا، وأصبحت تئن تحت وطأة الخوف من سقوطها وذهابها إلى مزابل التاريخ، الأمر الذي أضطرها إلى استجداء البيت الأبيض الأمريكي لإيجاد أي حل للقضية الفلسطينية، حتى وإن أدى هذا الحل إلى التنازل عن الأرض وضياع الحقوق الفلسطينية، وذلك، بحسب مزاعمهم، لتجنيب المنطقة “مزيدا من العنف الناجم عن أيديولوجيات الإرهاب والكراهية”.
تزعم هذه الأنظمة أن استمرار المشكلة الفلسطينية دون تسوية يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وأمنها، وفي هذا قلب للحقائق؛ فالقمع والاستبداد في المنطقة هو سبب استمرار المشكلة الفلسطينية وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني وزيادة مآسيه، فلولا قمع هذه الأنظمة لشعوبها وتسلطها عليها لما تمكن الكيان الصهيوني من الاستفراد بالشعب الفلسطيني والتغول عليه واضطهاده وتشريده.
وهذه هي الوظيفة الرئيسة لهذه الأنظمة؛ قمع الشعوب، والحؤول دون نهضتها ووحدتها، ومنعها من الدفاع عن هويتها ووجودها وحدودها، فاستمرار تشبث هذه الأنظمة بالحكم هو السبب الحقيقي لعدم استقرار المنطقة التي تحكمها أنظمة فقدت صلاحيتها ومبررات شرعيتها الشعبية والوطنية والدينية. لقد أدت ممارسات هذه الأنظمة ضد شعوبها، وتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني، لميراث مؤلم من اليأس وخيبة الأمل في جميع الجوانب لدى الشعوب العربية، وهذا هو السبب الحقيقي لعدم الاستقرار والأمن في المنطقة.
ولولا خوف هذه الأنظمة القمعية من انفجار شعبي يؤدي إلى سقوطها، بسبب تبعيتها الكاملة للبيت الأبيض الأمريكي وممارساتها القمعية، لما اكترثت قط بمعاناة الشعب الفلسطيني وما لحق به من مآسٍ ومصائب على يد الاحتلال الصهيوني الغاشم، وهذا أيضاً هو ما حدا بالإدارة الأمريكية إلى محاولة تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وهذه رسالة واضحة المعالم والمعاني لشعبنا الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية؛ فستظل القضية الفلسطينية مهملة، والحقوق والكرامة الفلسطينية ضائعة ومهدورة، ما لم يؤد استمرار الصراع العربي الصهيوني إلى الإضرار بالمصالح الغربية والأمريكية، وعلى رأسها كيان الاحتلال الصهيوني والأنظمة العربية الخانعة للإدارة الأمريكية، والانتصار في معركة الصراع الحضاري مع الغرب.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

1500 مواطن فقدوا بصرهم جراء الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة، و 4000 آخرون مهددون بفقدانه؛ مع نقص...

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، حملة دهم واعتقالات في عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة، تخللها...

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...