روجيه غارودي

إذا كانت “إسرائيل” تمتلك منظومة أسلحة نووية وترسانة مرعبة من السلاح المحرم دولياً وأخلاقياً وقانونياً، ثم لم يظهر من يفك هذه المنظومة المحمية من بعض دول العالم حتى الآن، أو لم يظهر من يتصدى لهذه القوة الغاشمة حتى الآن بشجاعة قانونية دولية، فإن لدى “إسرائيل” سلاحاً آخر لا يقل خطورة عن ترسانتها الفولاذية في المنطقة.. ذلك السلاح هو أيديولوجي عنصري يتكئ على أدبيات دينية مبنية على مفاهيم ملفقة وأكاذيب، ولكن هذه الترسانة وجدت من يتصدى لها ويفككها ويعري جذورها القائمة على أصول باطلة.
ذلك ما فعله المفكر الفرنسي روجيه غارودي الذي غيبه الموت أمس الأول في بيت متواضع شرقي باريس، بعد تغييب إعلامي طويل للرجل الذي حاربه اللوبي الصهيوني وأتباعه في العالم، بعد الهزة الأرضية العنيفة التي أصابت الكيان “الإسرائيلي” إثر صدور كتابه المجلجل “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية”، وفور صدور الكتاب في عام 1996، أدرج غارودي على القائمة “الإسرائيلية” السوداء، وبالطبع، كانت تهمته جاهزة: “معاداة السامية”.
ضرب غارودي (متزوج من فلسطينية) في كتابه هذا القلب “الإسرائيلي” من مركزه التوراني، ووضع تحليلاً للأسطورة “الإسرائيلية” بحيث كشف المضامين الفكرية التي لا تقوم على حقائق بل على أكاذيب، ومن هنا، كانت صدمة الكيان “الإسرائيلي” من مجرد كتاب أقوى من هزيمتها، ربما، في حرب تكلفتها المادية قد تصل إلى مليارات الدولارات.
هل يمتلك رجل وحده مثل هذه القوة وهذه المجابهة، ولماذا؟
نعم، غارودي مثال شديد الوضوح على امتلاك القوة الفكرية التحليلية، هو في ذاته ووحده مرة أخرى “مؤسسة” نقدية عنوانها الأبرز هو الشجاعة بصرف النظر عن أي تبعات أو أثمان قد تصل إلى التصفية المعنوية والجسدية، أما لماذا؟ لماذا قاد غارودي معركة يعرف أنها شرسة منذ البداية؟ ذلك لأنه هو الآخر مسلح بتراكم معرفي وفكري عريق.
هذا العجوز الذي رحل عن هذه الفانية برأس مرتفع، وكبرياء النفس الكبيرة تنقل وجرب الفكر والأديان والحياة من دون أن يتعب أو يتصبب خوفاً من عقيدة أو فكر أو فلسفة.
نشأ مسيحياً كاثوليكياً، ثم أخذه قلقه الفلسفي وربما الثقافي إلى الماركسية والانخراط في الحزب الشيوعي، فنقده من داخله وضربه كما ضرب الأساطير “الإسرائيلية” في القلب، وهكذا، ذهب إلى الإسلام، دين التسامح والمحبة والاعتدال، الدين الذي أنهى به حياته برفق وطمأنينة، طمأنينة المفكر الذي قاوم الظلام.
القارئ العزيز ليس في حاجة إلى المزيد من تقديمي السريع هذا لرجل في قامة غارودي، فهو علم فكري صلب وعنيد، يقال عنه “مفكر القرن”، أي القرن العشرين. لكن، صاحب أكثر من 50 كتاباً حملتها أكثر من 30 لغة في العالم، سيظل إلى سنوات طويلة مصدر قلق ل “دولة” عابرة في هواء عابر”، وهذا يكفي.
[email protected]
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...

لجنة أممية تحذر من خطر المجاعة والمرض على الفئات الهشة بغزة
جنيف - المركز الفلسطيني للإعلام قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إن نفاد الغذاء في قطاع غزة، إلى جانب الدمار الواسع...

إصابتان برصاص الاحتلال وهجمات للمستوطنين في الضفة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم، فجر السبت، في الضفة الغربية المحتلة، إثر اقتحام...

“الجهاد الإسلامي” تنعى القائد بسرايا القدس الشهيد نور البيطاوي
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام نعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشهيد نور عبد الكريم البيطاوي، القائد في "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس،...

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...