أجواء العيد بين الماضي والحاضر في عيون المعاصرين

بالمقارنة بين أجواء وطقوس أعياد الزمن القديم وأعياد هذه الأيام، يُجمِع كبار السن على أن أعياد الماضي كانت أبهج وأجمل وتغمرها السعادة، وأن هناك فارقًا كبيرًا جدًّا في الحالتين؛ من ناحية التقاليد الأصيلة، وبساطة الحياة وعفويتها، وزخارتها بالمعاني الكبيرة، وعدم تصنع الفرحة، التي كانت نابعة من القلب قديمًا، برغم أن الحالة المادية هذه الأيام أفضل بأضعاف ما كان متوفرًا في الماضي.

وعن أجواء العيد سابقًا، يقول المسن عيوش حرب من نابلس، إن “أجواء العيد في الماضي كانت ذات نكهة محببة وجميلة ومختلفة كلية؛ فالقلوب كانت عامرة بالقناعة والمحبة، وكانت الطقوس والمعايدة تدخل الفرحة على قلوب الجميع، بينما الآن اختصرت المعايدة تقريبًا على المال فقط لإدخال الفرحة”.

ويصف المواطن عادل المسيمي (60 عامًا) من طولكرم، فرحة العيد بأنها “كانت قديمًا تغمر الفؤاد، وتبهج النفس، وتكتمل بوجود أحباب يحيطون بالمرء من الأهل والأحبة والأصدقاء؛ يبادلونه الحب والوفاء في المنزل والشارع وفي أي مكان يلقاهم”، لكنه يضيف: “الآن بالكاد تشعر بهكذا مشاعر جياشة خلال العيد؛ كون الحياة المادية طغت نوعًا ما على العلاقات الإنسانية الجميلة”.

طقوس وعادات

بدوره يذكر المواطن سلام مصطفى من رام الله، وخلال تسوقه من سوق المنارة وسط المدينة، أعياد الماضي بقوله: “سابقًا كنا نعمل الحلويات في المنزل وكان لها نكهتها الخاصة، وكنا نهدي الجيران منها، أما اليوم فالحلويات نشتريها من المخابز أو محلات الحلويات، ما أفقدنا متعة صناعتها وإهدائها للجيران والأقارب”.

ويرجع الباحث الاجتماعي أحمد وليد -من رام الله- سبب الاختلاف بين أعياد زمان والأعياد الحالية إلى حالة التقدم التقني؛ حيث بتنا نرى معايدات على مواقع التواصل الاجتماعي، عدا عن قوة المؤثرات الحالية المختلفة ومشاغل الحياة المتزايدة، فقد كانت البساطة والعفوية هي من تتحكم في المشاعر الإنسانية في أعياد زمان، وكانت تؤثر إيجابًا بالفرحة والسعادة، بينما الآن نرى أن النظرة المادية طغت كثيرًا، وهو ما قلل من حدة وتأثير التقاليد والعادات القديمة والطقوس التي كانت مصاحبة لأعياد زمان”.

وينتظر علي طبيشة -من قلقيلية- ذبح أضحيته بفارغ الصبر ويرفض شراءها جاهزة؛ حيث يقول: “كان أجمل ما في العيد أيام زمان هو الأضحية التي كانت تجمع الأهل والجيران والأقارب، ونهديها لهم بفرحة غامرة، واليوم يريدوننا أن نشتريها جاهزة وهو ما يفقدها فرحة لحظة ذبحها تقربًا لله تعالى، وأنا أرفض شراءها جاهزة أو ذبحها في المسلخ حفاظًا على التقليد القديم، وقلةٌ من هم مثلي متمسكون بالتقليد القديم”.

وتقول فاطمة عياش -من نابلس- إن “عيد الأضحى أيام زمان كنا نستعد له قبل أيام بتحضيرات العيد وكانت فترة الفرحة والبهجة به أطول وأسعد، فأكثر مواد وحلويات العيد تشترى جاهزة هذه الأيام، والمال كان شحيحًا مقارنة بهذه الأيام التي فيها المال أوفر بكثير”.

ويتذكر العامل خليل مصطفى من رام الله، كيف كان وهو صغير يشتري لباس العيد، وكيف كان ينام بجانبه ويرتبه ولا يدع أحدًا يقترب منه من أشقائه، وكان يرتديه صباح العيد وسط الفرحة والسعادة الغامرة؛ مضيفًا: “جمال وروحانية عيد الأضحى، الذي ننتظره في كل عام بكل شغف وشوق، ليغمرنا بالسعادة ورؤية من نحب، وهم على أجمل حال وهيئة ولباس، ولكن هذه الأيام والزمن الحالي افتقدنا الكثير من روحانيات عيد الأضحى”.