تطبيع إعلاني فلسطيني إسرائيلي

صحيفة القدس العربي اللندنية
نشرت ثلاث صحف إسرائيلية أمس إعلانات احتلت صفحة كاملة ملونة تتضمن نص مبادرة السلام العربية، بهدف الترويج لها في أوساط الرأي العام الإسرائيلي، في تزامن لافت للنظر مع الجولة الأخيرة لحوار الأديان التي انعقدت في نيويورك بحضور الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني.
السلطة الفلسطينية في رام الله أقدمت على هذه الحملة الإعلانية المدفوعة الأجر لاعتقادها بأن الرأي العام الإسرائيلي لا يعرف تفاصيل هذه المبادرة، ولذلك قررت أن تخاطبه مباشرة ودون وساطة السياسيين والمحللين الاستراتيجيين، على أمل كسبه إلى جانبها، خاصة أن الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية باتت على الأبواب.
إنها خطوة غير مسبوقة، تعكس منهجاً جديداً من قبل السلطة، يقوم على أساس التطبيع الإعلاني، والتعاطي مع الإسرائيليين كما لو أنهم أصدقاء، تمكن مخاطبتهم بطريقة حضارية، مثل تلك المتبعة في الدول المتقدمة في الغرب الأوروبي والأمريكي.
السلطة الفلسطينية تكشف بهذه الحملة الإعلانية عن كم كبير من السذاجة والتخبط السياسي، فالافتراض بأن الرأي العام الإسرائيلي لا يعلم بتفاصيل مبادرة السلام العربية التي صدرت عن قمة بيروت في آذار (مارس) 2002، هو افتراض في غير محله، ويعكس جهلاً فاضحاً بطبيعة المجتمع الإسرائيلي وتفاعلاته السياسية والإيديولوجية.
فأصحاب هذه المبادرة أرسلوا وفودا من الجامعة العربية إلى القدس المحتلة تضم وزيري خارجية مصر والأردن لشرح هذه المبادرة للمسؤولين الإسرائيليين، كما شارك معظم وزراء خارجية الدول العربية في مؤتمر أنابوليس للسلام الذي عقد في مثل هذا الوقت قبل عام من أجل تفسير هذه المبادرة وإطلاق المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية برعاية الإدارة الأمريكية.
ست سنوات والصحف الإسرائيلية تنشر المقالات والتقارير الإخبارية، المؤيدة والمعارضة لهذه المبادرة، ومع ذلك هناك من يعتقد في أوساط السلطة في رام الله، أن الإسرائيليين لا يعلمون بتفاصيلها، ويبادرون إلى نشر إعلانات في الصحف الإسرائيلية الكبرى لتفسيرها أو بالأحرى تسويقها إلى الرأي العام الإسرائيلي مزينة بأعلام نحو خمسين دولة عربية وإسلامية وافقت عليها.
السؤال الذي يطرح نفسه هو عن موقف السلطة الفلسطينية التي أقدمت على هذه الخطوة التطبيعية الإعلانية، لو قام بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود الإسرائيلي، بالإقدام على خطوة مماثلة، وطلب نشر إعلانات في الصحافة الفلسطينية، وربما العربية أيضاً، يشرح فيها مبادرته للسلام للرأي العام الفلسطيني التي تتبنى فكرة “السلام الاقتصادي” والترويج لها، باعتبارها خطوة أساسية لتحسين أوضاع الفلسطينيين المعيشية، ورفع مستوى دخلهم كما يقول كمقدمة للوصول إلى السلام المنشود، فهل ستقبل السلطة نشر هذه الإعلانات سواء لنتنياهو أو غيره من السياسيين الإسرائيليين؟
السلطة الفلسطينية تتخبط، وتتصرف كما لو أن عدوها في مستوى حضارة فرنسا، ووداعة السويد، وتنسى أن هذا الرأي العام الإسرائيلي هو الذي يؤيد في غالبيته الاستيطان والحواجز العسكرية، والاحتفاظ بالأراضي المحتلة في الجولان ولبنان وفلسطين ويرفض حق العودة، ويزود الجيش الإسرائيلي بالجنود الذين يرتكبون المجازر في قطاع غزة والضفة الغربية.
مبادرة السلطة السلمية الوديعة هذه تأتي في وقت تتوقف المخابز عن العمل بسبب نقص الدقيق، وتموت الدواجن في مزارعها بفضل نقص العلف، وتتوقف المستشفيات لانعدام الإمدادات الطبية والطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل الأجهزة في غرف العمليات.
يبدو أن المحيطين بالرئيس محمود عباس في رام الله، والذين يقدمون له المشورة والنصائح، يعيشون في كوكب آخر، منعزلين تماماً عن محيطهم، ولا يعرفون ما يجري حولهم، أناس ينتمون إلى مجتمعات أخرى مثل المجتمعات السويسرية والكندية والفنلندية، وليس المجتمع الفلسطيني المحاصر المجوع المهان على أيدي الحضاريين الإسرائيليين الذين يريدون مخاطبتهم عبر الإعلانات في الصحف.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...