السبت 10/مايو/2025

نداء لكل الشرفاء

د.إبراهيم حمّامي

لكل شرفاء الوطن، لكل أبناء الشعب الفلسطيني الصابرالمصابر

لم يعد هناك مجال للتأويل والتفسير، لم يعد هناك وقت لتصفيف الكلمات والعبارات، لم يعد الوضع يحتمل المجاملة والدبلوماسية والسياسة والتكتيك، فقد عزم عبّاس ودحلان ومن معهما وبشكل لا لبس فيه على توجيه أجهزتهم لضرب الشعب الفلسطيني وإرادته ومقاومته، وأصدروا لذلك القرارت والمراسيم وتحت مسميات عدة ليس أقلها منع الفوضى والفلتان الأمني الذي كان ومازال صنيعتهم، وهاهي الحملة قد بدأت للنيل من صمود شعبنا إرضاءً لحكام تل أبيب وحفاظاً على امتيازاتهم من بطاقات خاصة ووكالات وعمولات وصفقات لبيع كل شيء حتى الشرف والكرامة.

لقد حول هؤلاء شعبنا إلى مجرم إرهابي يقوم بممارسة العنف والإعتداء، وكأن الشعب الفلسطيني هو الذي يقوم بالإجتياحات والإعتقالات والإغتيالات وباقي الممارسات الإحتلالية، التي لم يحرك عبّاس ودحلان ساكناً لمواجهتها وحماية شعبنا منها، بل لم يجرؤوا حتى على  مجرد التنديد بها أو إدانتها، ليتلقى هؤلاء الصفعة تلو الصفعة من الاحتلال وجنرالاته باستعذاب غريب وخضوع وخنوع تستحي منه الأرانب، ليفردوا ريشهم الآن في ضرب شعبنا والاستئساد عليه.

قوانين عباس وصلاحياته التي يتبجح هؤلاء بها ويهددون بمعاقبة من يخرقها، هي نفسها الذي زجت بأبناء شعبنا في زنازين الوقائي والاستخبارات، وعباس ومن معه هم من أطلقوا العنان للمجرمين الكبار ممن نهبوا خيرات البلاد ليستوزروا ويعينوا سفراء، وهم أنفسهم من رفضوا حتى الآن التحقيق في أسباب مرض ووفاة عرفات، وهم من برأ عصابة الأسمنت، وهم من  يغض الطرف عن الاعتقالات بدون محاكمات، وهم الذي يتجاهلون الزعران من منتسبي الحزب الحاكم كالحاكم بأمره في جنين، وهم الذين عجزوا عن إنصاف مظلوم أو مغبون، فعن أي قانون يتحدث هؤلاء، وعن أي سلطة وسيادة وهم لا يملكون قرار نفسهم، وعن أي وحدانية والاحتلال يصول ويجول على مرأى ومسمع من حجرات نومهم؟

ترى إن طُبق هذا القانون الوهمي الذي أصبح ككلمة حق أريد بها باطل، فكم سيزج في السجون الأوسلوية من عباد، وكم ضحية سنعد على أيدي هؤلاء الجلادين، وكم شهيداً سيسقط برصاص المرتزقة حرّاس المستوطنات من قوات لحد الجديدة التي تقف متفرجة أمام ممارسات الاحتلال الذي تقوم بحمايته؟

لقد أصبح هم هذه الزمرة تنفيذ أوامر المحتل دون عناء تفكير، ودون خجل، ودون حتى تقديم المبررات، وأصبح شغلهم الشاغل تجريم شعبنا ومعاقبته على تهمة عدم القبول بالاحتلال، لتمرير مخططاتهم التسووية الجاهزة، فبعد كل تحقير للشعب ومقاومته تنهال المساعدات العسكرية للقوات اللحدية وتنفق عشرات الملايين من الخارج لدعمهم.

ما تسعى إليه زمرة الفساد والإفساد هو مواجهة مفتوحة تنتهي بتطويع وتركيع هذا الشعب وتدجينه كما يتوهمون، والقضاء على كل من يرفض نهج أوسلو من فصائل ومجموعات وأفراد، وعلى رأسها جميعاً كتائب شهداء الأقصى التي يراد لها أن تدخل حظيرة أوسلو طيعة مطيعة وبأي ثمن، فبعد العرض العباسي المغري قبل عام ونصف بمنح قادة الكتائب 100000 دولار لكل منهم، يزيد عباس ودحلان أنه يجب حل مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية ودمجهم في الأجهزة الأمنية، وكأن دافعهم كان الفقر والعازة وانخفاض المستوى الاجتماعي، وكأنما يقول أنتم بنادق للإيجار وسنستأجركم، أي مهانة تلك وأي تسفيه هذا؟

هذا نداء لكل حر شريف أينما كان وفي أي منصب هو: لنرفض جميعا مخطط الاحتلال الذي تسعى زمرة أوسلو لتطبيقه، بضرب بعضنا ببعض، ليتحول الصراع إلى حرب داخلية لا منتصر فيها، وليقف الاحتلال متفرجاً عن بعد، هانيء البال بتحقيق مراده، وبدون خسائر من جانب المحتل، إذ أن السلطة الواحدة التي تريد فرض هيبة القانون وانهاء الفلتان (..) تقوم بذلك وعلى أكمل وجه، حتى وان كانت السلطة تلك لا يملك رئيسها قرار دخول المرحاض دون اذن من الاحتلال، وان تجرأ وأعلن أنه سيطلق سراح أحد المعتقلين، كما حدث مع سعدات، فلا بأس من أن يقوم موفاز وباقي جنرالاته بتذكير فخامة الرئيس أنه لا يملك حق اصدار مثل هذا القرار.

هذا نداء لكل مواطن وفرد أن يعلنها وبصراحة: لا وألف لا لتوجيه البنادق والرصاص نحو صدور أبنائنا، لنرفض جميعاً على اختلاف مشاربنا وألواننا أن تسيل شلالات الدم الفلسطينية إرضاءاً لهذا الطرف أو ذاك.

أخي في أجهزة السلطة الأمنية، هل تقبل أن تتحول لنائب عن الإحتلال في مواجهة أبناء شعبك؟ هل أصبح العدو هو ابن شعبك من أي لون آخر كان، وهل جهازك الأمني هو لعميل مجرم كدحلان ليتحكم بكم وبقراراكم؟ هل تقبل أن تواجه أخاك أو ابن عمك أو جارك؟ هل ستقبل بأن تقتحم منازل الآمنين بحثاً عن السلاح غير الشرعي كما يدعي قادتك، هل ستقبل بأن تكون أداة تنفيذ في يد من لا يخاف الله؟ أخي فكر جيداً، وارفض أن تكون طرفاً في المؤامرة، استقل، تمارض، تقاعد، افعل ما شئت، لكن لا توجه رصاصك نحو أبناء شعبك.

أخي الفرد والعنصر والشرطي والجندي والضابط، لا تخشى على راتب أو رتبة غمست بالذل والمهانة، ولا تقبل أن يأكل أولادك من ثمن دماء شعبك سحتاً إلى يوم الدين، ارفض أوامر الظلاّم والعملاء، كن رجلاً، فالرجال وقت الشدائد والمحن وهذا ابتلاء وامتحان، أخي ابن فلسطين فكر ثم فكر ثم قرر، لكن لا تكن أبداً مع من سيلعنهم التاريخ.

أخي وابن وطني، ما سيحدث إن أقررتموه وكنتم طرفاً فيه تتحملون مسؤوليته تماماً كمن عذّب ويعذب في غياهب معتقلات الأمن الوقائي والإستخبارات، أو كمن يطلق النار من فرقة الموت، أو يقتحم منازل الآمنين، ومنع الإقتتال والفتنة مسؤولية وواجب وأمانة، لن يفيدك رؤساؤك شيئاً يوم تقع الواقعة، فمسؤليتك قائمة لا محالة كمجرم حرب ان حوكمت يوماً على ما ستقترفه ان لم تتوقف الآن، فإن سقطت مقتولاً وأنت تهاجم أبناء شعبك فلن يفيدك هؤلاء شيئاً، ألم تقرأ قوله تعالى في سورة البقرة:

 “إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ “،

 نعم لن يفيدوك بشيء لا في الدنيا ولا فى الآخرة، فإثمك على نفسك، ولن تفيد الحجج والذرائع أنك عبد مأمور ينفذ الأوامر فالمسؤولية فردية أولاً وأخيراَ.

أبناء شعبي المخلصين، في فلسطين أرض الرباط، أرزاقكم ليست بيد السلطة أو عبّاس أو دحلان، بل بيد من خلقكم وسوّاكم وكتب ما لكم وما عليكم يوم ولدتكم أمهاتكم، اتركوا مناصبكم ومواقعكم وارفضوا تنفيذ أوامر الظلمة ممن ارتضوا أن يكونوا أداة لتنفيذ رغبات المحتل، ارفضوا العمل تحت امرة المجرمين والعملاء، لا تخشوا من فقر أو عوز، أو من فقدان منصب أو امتياز، فموقفكم هو الشرف والامتياز، ومن يرزق بلا حساب لا يغفل ولا ينام.

بترككم مواقعكم ورفضكم التعامل مع المفسدين ستحولون دون تحول مجتمعنا إلى مجتمع متصارع في غابة من الرصاص وسفك الدماء بحجة الشرعية، وستمنعوا حدوث الكارثة التي يتمناها أعداء هذا الشعب، فإن لم تفعلوا فما الفرق بينكم وبين عملاء جيش لحد الذين وقفوا في وجه شعبهم لينتهي بهم المطاف في مزابل تل أبيب والتاريخ، بالله عليكم ما الفرق؟

أبناء فلسطين، أنتم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تساهموا في مجزرة بشعة يتم الإعداد لها باسمكم لتريح الإحتلال وتقض مضاجعنا، أو أن تمنعوا هذه المأساة بأن تقفوا وقفة عز وفخار فتحقنوا دماؤكم ودماء أهلكم وذويكم، ليكن اختياركم اختيار الحق والعدل، ولتعلنوا بكل ما أوتيتم من قوة، لا لمحاولات تحويلنا إلى أكياس رمل وحراس للمستوطنات، لا لتزوير ارادتنا، لا لتسفيه مقاومتنا وتجريمها، لا لمنح الإحتلال صك براءة من جرائمه، لا لتوجيه الرصاص نحو أبناء شعبنا، ولا لتحويلنا إلى قطعان غنم تنفذ أوامر الظلمة.

ليس المطلوب بكثير، وليس المطلوب توجيه البنادق نحو رموز السلطة، لكن المطلوب عصيان الأوامرالتي قد تصدر لضرب شعبنا وقواه، وهذا يحتاج إلى جهد جماعي وتكافل على أعلى مستوى، سبق وأن نجحنا فيه في إنتفاضة الحجارة الأولى، وعلى أسس نبذ الأنانية ومد يد العون للغير لنتحول لمجتمع متراص متكا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات