الجمعة 09/مايو/2025

أسدود تودّع أكبر معمريها الحاج هارون

أسدود تودّع أكبر معمريها الحاج هارون

غاب الألق عن عائلة هارون برحيل الحاج عبد الرحمن هارون (أبو سلمان) أكبر معمري مدينة أسدود المحتلة جنوب فلسطين ورحلت معه قصص لا تنتهي عن ذكريات الوطن.

أنجب هارون أحد عشر ولدًا وبنتًا وتجاوز عدد أحفاده 151 حفيدًا من مختلف الأعمار، حدثهم عن قصص نكبة عام (1948م)، ودعاهم مرارًا للتمسك بحقهم في العودة.

وترك رحيل هارون (90 عامًا) في مخيم النصيرات والعائلات المهجّرة من مدينة أسدود المحتلة، أثرًا بالغًا؛ فهو من أكبر معمري أسدود، ويحظى بثقافة عالية، ويتقن قسطًا وافرًا من اللغة الإنجليزية التي استخدمها دومًا للحديث عن النكبة وضياع فلسطين.

توفي والد هارون وهو ابن 6 سنين، وبعد أن اشتد عوده تحمّل مسئولية أسرته المكونة من والدته و4 شقيقات، فقام بمهام الزراعة في اسدود منفردا حتى هاجر إلى قطاع غزة في نكبة 1948، وسكن مخيم النصيرات حتى توفّي.

الأب والصديق

لا يكاد السيّد جمال هارون (66 عامًا) الابن الأكبر للحاج هارون يصدق رحيل سنده ومعلمه في الحياه بعد أن عاش معه ابنا وصديقا في آن واحد.

يقول جمال: “والدي هو أب وصديق ومُربٍّ.. أنا مرتبط به كثيرًا.. شخص مرح، ودائمًا يتحدث عن مقاومة الاحتلال في نكبة 48، وذكريات بندقيته الأولى التي اشتراها عام 1946 من مال والدته، حتى واصل العمل في الأمن بعد النكبة وقبل حرب 67”.


أكثر ما تحدث عنه هارون منذ نكبة فلسطين هو مدينة أسدود المحتلة وذكرياته في بساتينها حيث كان الوريث الوحيد لوالده مع شقيقاته، وله مساحة كبيرة من الأرض.

ويضيف جمال: “فقدت كنزًا كبيرًا؛ فهو المربي والمعلم.. لم يقصر معي ومع أخواتي يومًا ما.. آخر أيامه كان يدعو لنا، وهو دائم الاهتمام بالأخبار وعمليات المقاومة التي يعجب بأدائها”.

وتوافد إلى بيت عزاء هارون عشرات الآلاف من المعزين من أنحاء قطاع غزة كافة، بينهم وجهاء ورجال مجتمع بارزون.

ويقول السيّد محمود جودة (68 عامًا) أحد أقارب هارون، إن الحاج هارون يشكل حالة ربط بين الجيل القديم والشباب؛ حيث هاجر وهو في ريعان شبابه، وعاصر مراحل معاناة فلسطين كافة.

ويعدّ الحاج هارون حلقة وصل في العائلة والمخيم بين الأجيال كافة.. تعلّم في صغره وتفوّق، وبإمكانه أن يناقش في أي موضوع؛ فهو مثقف دائم الحديث باللغة الإنجليزية عن فلسطين، ومهتم بالأخبار وشئون فلسطين من حوله.



ويتابع جودة: “فقدت اليوم قيمة غالية تذكرني بالماضي وتذكرني بقيمة الإنسان؛ فهو إنسان ودود مع كبار وصغار السن، وكلهم يجب مجالسته.. قديمًا كان مجندًا في الأمن الوطني قبل احتلال 67، وواصل مقاومة وحماية الشبان من بطش الاحتلال في انتفاضة الحجارة”.

العودة لأسدود

ولم يكُفّ الحاج هارون يومًا عن الحديث في كل مناسبة عن أسدود؛ فهو  يحفظ الشعر وأناشيد وطنية، ولديه حزمة من جمل إنجليزية تترجم نكبة فلسطين، ورسائل خاصة به تتحدث عن فلسطين يوجهها للعالم في كل احتفال.

ومن أهم القصص التي يحفظها أحفاد هارون؛ ما حكاه لهم عن بندقيته التي كان معها 5 رصاصات فقط حملها في الهجرة إلى قرية برقة وبطانة.

أما السيّد عبد الرحمن هارون (أبو رائد) أحد وجهاء العائلة، فيبدو حزينًا على رحيل كبير العائلة، مشيرًا إلى أن الراحل ظلّ متشبثًا بوطنه حتى اللحظة الأخيرة، ما انعكس على أبنائه وزوجته الراحلة.



ويتابع أبو رائد: “صارعت زوجته جنود الاحتلال في انتفاضة الحجارة، وتعرضت للاعتداء.. في عائلتنا هو قيمة ثقافية عالية شديد الانتماء والعطاء، ويحظى بمحبة كل أبناء العائلة نظرًا لتواضعه وحكايا أسدود وكل ما يتمناه أن يعود للوطن”.

كرر أبو سلمان حتى آخر يوم من حياته؛ أن ما أخذ بالقوة لا يعود إلا بالقوة، ولابد من بناء جيل متعلم ومثقف يواصل النضال من أجل فلسطين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...