السبت 10/مايو/2025

معتصم رداد.. يتعرض للموت البطيء بوحشية الاحتلال

معتصم رداد.. يتعرض للموت البطيء بوحشية الاحتلال

“لم نكن نتوقع أن يصاب معتصم بأي من الأمراض التي تنهش جسده، فقد كان رياضيًّا من الطراز الأول وصاحب بنية قوية”.. بهذه الكلمات ابتدأ “عاهد” شقيق الأسير معتصم رداد المصاب بعدة أمراض ملأت جسده، ليس أقلها سرطان المعدة، الحديث عن شقيقه ورحلة مرضه، التي مهد لكل تفاصيلها السجان الصهيوني، والذي بات يعدّ أخطر الحالات المرضية في سجون الاحتلال.

“لا نعالج قاتلاً”!

اعتقل معتصم في العام 2006 في مدينة جنين، باشتباك مسلح مع قوات الاحتلال، ولم يكن يعاني وقتها من أي مرض، وقد كان طالبًا بكلية الرياضة في جامعة خضوري، وفي العام 2008 وفي سجن جلبوع بدأ يشعر بآلام في معدته؛ حيث توجه لأطباء السجن، فلما كشف عنه الطبيب، سأله عن ملفه الأمني وعن مدة حكمه، تبين للطبيب أنه محكوم بالسجن 20 عامًا، قال له بصريح الكلام: “أنت قاتل لنا، فهل تريدني أن أعالج قاتلاً يسعى لقتل الشعب “الإسرائيلي”، وطلب منه العودة لسجنه، وهنا بدأت رحلة الإهمال الطبي من السجان، ولم تكن العائلة تعرف أي شيء عن حالة نجلها الصحية، لعدم بوح معتصم لعائلته بما أصابه.

على باب غرفة العمليات

يضيف عمرو رداد شقيق معتصم الأصغر لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “وبعد آلام معتصم في بطنه تلك، تبين وقتها إصابته بالتهاب حاد وتقرحات في أمعائه، وحاجته لاستئصال 70 سم منها، ووعده الأطباء بإجراء عملية له، لكن إدارة السجن بدأت بالمماطلة بموعد العملية، وسط أوجاع معتصم وآلامه التي لم تتوقف، وبعد عدة أشهر نقل إلى مستشفى أساف هروفيه، لإجراء العملية له”.

وتابع: ” لكن وبعد أن جهزوا له غرفة العملية ولبس الثوب الأبيض الطبي استعدادًا لإجرائها، ظهر الوجه القبيح للاحتلال ثانية، وقالوا له: إن غرفة العملية مشغولة، وستؤجل العملية لوقت لاحق، وسط صراخ معتصم الذي اختلطت فيه آلامه بغضبه ودون أن يحرك الاحتلال ساكنًا له”.

“لا تخبروا عائلتي”

في العام 2010 انهارت بشدة حالة معتصم الصحية، وأغمي عليه لعدة ساعات، وأصيب بنزيف حاد حتى وصلت قوة دمه لـ 5، نقل بعدها الى مستشفى تل هشمير، وأخبره الطبيب أنه لو استمرت حالتك الصحية ساعتين اضافيتين على ما كنت عليه، لكنت في عداد الموتى.

ويشير عاهد لمراسلنا إلى أن “العائلة حتى تلك اللحظة لم تكن تعلم شيئًا عن معاناة ابنها طوال عامين كاملين، ووقتها سرب معتصم رسالة إلى نادي الأسير وروسها بـ (سري وليس للنشر)، قال فيها إنه تبين إصابته بسرطان في المعدة، وطالب بعدم نقل الأمر لعائلته ولا لوسائل الإعلام”، لكن نادي الأسير -لخطورة وضعه الصحي- أخبر عائلته بتفاصيل الرسالة، ليكونوا في صورة ما أصاب نجلها.

إهمال طبي

بدأت أمعاء معتصم الملتهبة وسرطان الأمعاء المصاب به، تفرخ المزيد من الأمراض، وسط إهمال الاحتلال لحالته الصحية، ويقول شقيقه عاهد: “وضعنا جميع وزارات السلطة المعنية بحالة معتصم الصحية، إضافة لكل المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية العاملة في الضفة، ومع ضغطها سمحوا لطبيب خاص هو الدكتور هاني عابدين من خارج السجن الدخول لمعاينة حالة معتصم، وكان ذلك في العام 2013”.

وأردف: “لكنهم رفضوا السماح للطبيب بإدخال أي جهاز أو معدات طبية معه، كما رفضوا إعطاءه ملف معتصم الطبي، فخرج الطبيب بعد معاينة بصرية لمعتصم، وعقد مؤتمرًا صحفيًّا قال فيه: (إن استمرار اعتقال معتصم هو حكم بالإعدام عليه)”.

25 حبة دواء يوميًّا

استمرت حالة معتصم تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، مع هبوط حاد في وزنه حتى وصل اليوم إلى 60 كغم، نتيجة نزيف الأمعاء المصاب به، وبات برازه عبارة عن سيل من الدم، وهو يعاني إضافة لسرطان الأمعاء: ضعفًا في عضلة القلب وعدم انتظام دقاتها، وارتفاع دائم في ضغط الدم، وهشاشة في العظام، وآلام في المفاصل، وثواليل في أطراف يديه ورجليه، يتم حرقها بالأكسجين وما تلبث أن تعود، وانتفاخ في البشرة نتيجة إبر الكوتوزون التي يأخذها، وضعف في النظر وألم أسفل الظهر، وتلف في أعصاب في رجله اليسرى؛ حيث يجرها جرًّا عند المشي.

ويؤكد عاهد أن كل هذه الأمراض تتطلب من معتصم تناول 25 حبة دواء يوميًّا إضافة لإبرة الكورتوزون، وإبرة روماكيد شهريًّا للسرطان، وباتت قوة دمه تتراوح من بين 8-9 درجات.

ما بين الحياة الموت

يتعرض معتصم لسياسة تعذيب ممنهجة من الاحتلال، وذلك بإبقائه مع جزء ضئيل من العلاج في حالة موت بطيء، وهذه السياسة فهمها معتصم جيدًا، وكما ينقل عاهد عن شقيقه الأسير معتصم أنه “قبل ستة أشهر تعرض معتصم لانهيار في وضعه الصحي خسر نتيجته 10 كغم من وزنه خلال أسبوعين، فقرر أطباء السجن إجراء فحص طبي له، وأعطوه مادة لغسيل معدته عانى كثيرًا من آلامها، وسببت له نزيفًا حادًّا، ولما حددوا له موعد الفحص ووصل باب عيادة السجن، قالوا له لا نستطيع عمل فحص لك، وأعادوه إلى سجنه”.

ولم يتم إجراء الفحص له عقب شهور من التسويف إلا قبل شهر فقط؛ حيث فحصوا العظم والدم، وكانت النتيجة سلبية لكريات الدم البيضاء والحمراء، وقال الطبيب لمعتصم: “هناك خشية من انتشار سرطان الأمعاء وإصابتك بسرطان في الدم. وقال له الطبيب: يجب وقف إبرة الكورتوزون وإبرة الروماكيد وإيجاد بديلٍ عنهما.

صابر محتسب

ويقبع معتصم رداد المنحدر من بلدة صيدا شمال مدينة طولكرم في مستشفى سجن الرملة، وقد أمضى 11 عامًا من حكمه بالسجن 20 عامًا، وقد طالب مرارًا إدارة السجن نقله إلى سجن إيشل ليكون قريبًا من مستشفى سوروكا، لكن الاحتلال يتعمد إبقاءه في عيادة سجن الرملة أو نقله الى سجن هداريم، لتظل عيادة سجن الرملة هي المكان الوحيد لعلاجه.

ويعدّ معتصم أخطر حالة صحية في السجون، وذلك لتسارع انهيار وضعه الصحي، لكنه يتحلى بمعنويات عالية وصبر جميل؛ حيث يشير لعائلته إلى أن الله يعلم بحاله، وهو من يسير الأمر، والله وحده يفعل ما يشاء: إن أراد أن يشفيني أو يجتبيني عنده شهيدًا”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات