السبت 03/أغسطس/2024

غزة: تحذير من تدهور الأوضاع النفسية في ظل الظروف الراهنة

غزة: تحذير من تدهور الأوضاع النفسية في ظل الظروف الراهنة

حذر اختصاصيّون نفسيون واجتماعيون وممثلو منظمات أهلية من التداعيات الخطيرة لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الوضع النفسي لسكان قطاع غزة وبخاصة الأطفال، مؤكدين ضرورة التدخل الحقيقي من أجل وقف التدهور الحاصل، ومعالجة أسباب الأزمة وبخاصة الأسباب الخارجية وفي مقدمتها الحصار والانقسام.

جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية التي نظمتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بعنوان “الأوضاع النفسية في قطاع غزة في ظل الظروف الراهنة”، وذلك ضمن مشروع تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA.

وشددوا على ضرورة تكاتف الجهود من أجل معالجة جذور الأزمات التي يمر بها قطاع غزة والتحرك في كل المستويات لتوفير الحماية الاجتماعية والتدخلات النفسية وبخاصة للأطفال الذين يتعرضون لصدمات نفسية.

بدوره أكد مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا أن حلقات الكارثة التي يعيشها قطاع غزة بدأت تأخذ أبعادا أكثر خطورة في المؤشرات التي تشير إلى ارتفاع نسب الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي التي يعيشها أكثر من مليونيْ فلسطيني في قطاع غزة والمساس بمقومات الحياة الأساسية في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد والمتواصل والانقسام السياسي.

ولفت الشوا إلى معاناة الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع من النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والمرضى الذين تزاد أوضاعهم سوءًا والشباب المعطلين عن العمل، وانعدام فرص المشاركة في مجتمعهم.

وأشار إلى ما ورد في تقرير مركز الميزان لحقوق الإنسان حول ارتفاع حالات المرضى المحولين لمستشفى الطب النفسي بنسبة 21% مقارنة مع عام 2017، وارتفاع عدد المرضى المترددين على مراكز الصحة النفسية الحكومية بنسبة (69%) مقارنةً بعام 2016، وكذلك تآكل مستويات الحماية الاجتماعية، وارتفعت أعداد الأطفال ممن هم على خلاف مع القانون، وبلغ عددهم (429) طفلًا في عام 2017م بزيادة نسبتها (41%) عن عام 2016م، وتعاظمت التحديات في الحصول على غذاء كافٍ، كما طرأ انخفاض على حالات الزواج، بنسبة (10.8%) مقارنة مع عام 2016م.

وفي كلمته أكد ياسر أبو جامع، مدير عام برنامج غزة للصحة النفسية، أن الأوضاع المعيشية تزيد من العبء الاجتماعي والاقتصادي على الأسرة الفلسطينية، فيجب الأخذ بعين الاعتبار ما يترتب على ذلك من ضغوط نفسية على المجتمع الفلسطيني، وكيف يمكن لهذه الضغوط النفسية أن تظهر، وما هي الجهات التي يمكن من خلالها توفير الرعاية النفسية اللازمة.

وأشار إلى إحصائيات برنامج غزة للصحة النفسية المبدئية عن عام 2017، فان الاضطراب الأكثر شيوعا بين الأطفال المترددين حديثًا على المراكز التابعة للبرنامج هو اضطراب التبول اللاإرادي بنسبة 20% يليه اضطراب كرب ما بعد الصدمة بنسبة 13%.

وأضاف ان 24% من الأطفال المترددين على المراكز التابعة للبرنامج يعانون من مشكلات وأعراض سلوكية لا تصل بهم إلى درجة التشخيص، ويتلقون الخدمات الإرشادية اللازمة.

أما بالنسبة للبالغين؛ فقد أوضح الدكتور أبو جامع أن التشخيص الأكثر للحالات الجديدة خلال العام 2017 فهو اضطراب الاكتئاب “22% من الحالات” ثم الاضطرابات التي تتعلق باستخدام المواد والعقاقير بنسبة 21% من الحالات وتشكل الاضطرابات المتعلقة بمجموعة اضطرابات القلق ما نسبته 26% من الحالات، وتتركز بشكل أساسي في اضطراب القلق العام واضطراب كرب ما بعد الصدمة.

وأشار إلى الشعور العام بالإحباط بين مختلف أفراد المجتمع الفلسطيني في غزة بسبب الصعوبات الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة خصوصا بين الشباب، وكذلك المعاناة اليومية الناجمة عن انقطاع الكهرباء وما يتبع ذلك من عناء.

وفي الجوانب الاكلينيكية قال الدكتور أبو جامع: إن أهم الملاحظات من المهنيين والمهنيات كان هي أن حالات الاكتئاب الناتجة عن سوء الوضع الاقتصادي بدأت تشمل ذوي الدخل المتوسط والجيد من المجتمع، كما وأن ممارسات الاحتلال تؤدي في كثير من الأحيان إلى حدوث انتكاسة لدى مرضى كرب ما بعد الصدمة خصوصا في المناطق الحدودية.

وبدوره أكد د. برايان باربر، الباحث و المحاضر الأكاديمي في الصحة النفسية، أنه يجري ومجموعة من الباحثين منذ عام 1995 دراسة معمقة حول الأوضاع النفسية للشباب الفلسطيني الذين عايشوا الانتفاضة الأولى وما تعرضوا له من تغيرات، خاصة أولئك الذين تعرضوا للعنف الجسدي والنفسي آنذاك، حيث أُجريت الدراسة على أكثر من ألفي شاب.

وقال: إن طبيعة المعاناة في قطاع غزة بشكل خاص وفي فلسطين تختلف عن بقية المناطق في العالم الخارجي؛ حيث طُوّرت أداة خاصة لقياس المعاناة؛ حيث إن الشباب في قطاع غزة ومن خلال المقابلات معهم كانوا يرددون العبارات ذاتها “نفسيتي تعبانة، مستقبلي مدمر، ضايع مهزوز”.

وأوضح باربر أن المعاناة في قطاع غزة ناجمة عن أسباب خارجية، وليس من الشخص نفسه خاصة أنه يتعرض لمشاكل من الخارج، أي بفعل الغير، وعلاجها أيضا يكون من الخارج من خلال حلول اقتصادية واجتماعية وسياسية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات