الإثنين 12/مايو/2025

القوة التنفيذية تُفقد البعض أمنهم في غزة ..!!

وميض قلم

من يقول إن هناك أمناً مطلقاً في قطاع غزة ، فكلامه يفتقد للدقة وغير موضوعي بالمرة ..
صحيح أن الوضع الأمني تغير بعد تطهير قطاع غزة من التيار الخياني وعصابات الأجهزة الأمنية .. لكن هذا لا يعني أن نغض الطرف عن ممارسات القوة التنفيذية .. هذا الممارسات أفقدت البعض ممن يسكنون القطاع شعورهم بالأمن والاستقرار والذي كان أفضل بألف مرة قبل أن تسيطر حركة حماس على قطاع غزة ..

قد يستطيع الجميع ممارسة أعمالهم و التحرك في شوارع غزة ليلاً ونهارا بأمن وأمان وهو هادئ مطمئن البال ، ولكن هناك من لا يمكنه فعل ذلك بسبب ممارسات القوة التنفيذية.. وإليكم بعض النماذج ..

السيد أبو قرص على سبيل المثال .. كان يقوم بتفكيك سيارة أو اثنتين في الأسبوع الواحد مما يدر عليه دخلا لا يقل عن عشرة آلاف دينار في الأسبوع  الواحد .. صحيح أن جهاز الأمن الوقائي كان يقاسمه ربحه بالبلطجة والزعرنة بحجة حمايته ..لكنه لم يعدم الوسيلة يوماً في إيجاد طريقة يتحايل بها على أفراد الوقائي ليوفر من نصيبهم إلى نصيبه ..!

اليوم يسير السيد أبو قرص في شوارع غزة ينظر إلى السيارات المتوقفة جانب الرصيف بكل حسرة وألم دون أن يجرؤ مد يده على إحداها بسبب انتشار القوة التنفيذية .. لا يمكنكم أن تقدروا مشاعر الغيظ و الحسرة التي يشعر بها أبو قرص حين تمر من أمامه سيارة فارهة كانت في الماضي تصبح ملكه في لحظات بمجرد أن يشهر مسدسه في وجه صحابها .. أما اليوم فلا مجال لذلك بسبب القوة التنفيذية التي لن تترد في الذهاب إلى بيته وسحبه من قفاه وزجه في السجن إن فعل هذا .. صحيح أنه سيصبح بطلاً وسيذكر تلفزيون فلسطين اسمه كبطل وكادر كبير .. لكنه لن يفعل لأنه لا يطيق قضاء حر الصيف وبرد الشتاء في زنزانة السجن .. وحده الخوف الذي يجعله يعود إلى زوجته أم قرص خالي اليدين ، وهي التي تعودت أن ترى معه كل أسبوع سيارة جديدة تتباهى بها أمام الجيران ..

أبو قرص ليس أسوأ حالا من السيد أبو بربوخ .. والأخير لا يمكنكم تصور مدى المعاناة التي يعانيها اليوم بسبب غياب أمنه وشدة خوفه .. هذه الغرفة التي يجلس فيها الآن واضعاً خده على كفه حزيناً لم تخل يوماً من زيارة أو اثنتين لأحد مسؤولي الأجهزة الأمنية ، وجدرانها تشهد كيف كانوا يتملقون له ويتمنون أن يطلب منهم أية خدمة أو معروف من أجل إرضائه .. صحيح أنهم كانوا يكلفونه كثيرا لأن واجب ضيافة أنوفهم مسحوق أبيض أغلى من الذهب ، لكنه كان يستفيد من نفوذهم وسلطتهم من أجل تسيير مصالحه حتى لو شاركوه فيها .. أما اليوم فلا أحد يأتي لزيارته كي لا يُصبح مشبوهاً عند القوة التنفيذية .. ولا هو يستطيع زيارة أصدقائه لأن معظمهم فروا إلى المقاطعة في رام الله ..

أبو بربوخ وأقرباؤه البرابيخ فقدوا الأمن والأمان بسبب القوة التنفيذية التي طلبت من كل التجار عدم رفع الأسعار بينما حظرت تجارته مع أنه لا يؤثر فيها إغلاق معابر أو تضييق حصار ، لكنهم يرفضون تجارته ويعاقبون عليها رغم استعداده للبيع بنصف الثمن وربعه لو اقتضى الأمر كما فعل أبو غرمش الذي لم تُحظر تجارته بعد .. هل تعرفونه ؟ .. أبو غرمش !!

أبو غرمش من الذين ينطبق عليهم المثل ارحموا عزيز قوم ذل .. لكن إن كان لا أمن في عهد نفوذ القوة التنفيذية ، فبالله عليكم ، من أين تأتيه الرحمة ؟ ..

تذكرون تلك الأيام التي كان يُطلق فيها في العرس الواحد أكثر من ألف رصاصة .. هل فكر أحدكم يوماً أن يعد كم رصاصة تُطلق في الهواء أثناء مسيرة أو مهرجان ؟ .. بالطبع لم يكن يعنيكم هذا .. لكنه كان يعني أبو غرمش كثيرا .. فكل رصاصة أُطلقت في الهواء ، أو صراع العائلات فيما بينها ، كان صوتها نغماً ولحناً عذباً تُطرب له أذناه لأنه إعلان رواج تجارته .. أما اليوم وبسبب التضييق الذي تمارسه القوة التنفيذية ، توقف إطلاق النار في الأعراس واستبدلت العائلات العصي في صراعاتها بدلا من الرشاشات الخفيفة والثقيلة التي كانوا يقبلون عليها كلما حدث نزاع .. لم يعد أمامه الآن إلا أن يحمل حزمة من العصي ليبيعها للناس فيقاتلوا بعضهم بعضا بها .. وحتى هذا لن يفيد ، ففي الماضي كان أصدقاؤه في جهاز المخابرات العامة يقومون بما يلزم للإيقاع بين العائلات ثم يعملون كسماسرة ووسطاء بينه وبين العائلات التي تحتاج السلاح .. أما اليوم فلا مجال لهذا .. وحتى لو حدثت بالصدفة مشكلة بين عائلتين ، تقوم التنفيذية بفضها على الفور وكأن أفرادها يأتون من تحت الأرض !! .. ربما أبو غرمش لم يفقد أمنه الشخصي لأنه لم تُحظر تجارته تماماً .. ولكن زبائنه لا يشعرون بالأمن ليمارسوا ما تعودوا عليه أيام مجده وعزه وسطوته .. !

هذه النماذج يا سادة عبارة عن عينات من نماذج أخرى ، كل نموذج يمثل حالات مشابهة .. ولو حدثتكم عن معاناة آخرين يفتقدون إلى الأمن في قطاع غزة ، كأفراد كتائب الخصر النحيف ومجموعات أبو جِلّ سبايسي وفرق الشبح الدلوع ، لفهمتهم أن الأمن في غزة ليس مطلقاً .. فكل هؤلاء لا يستطيعون ممارسة حياتهم وعاداتهم بلا خوف .. بل إن الواحد فيهم لا يقدر على التعبير عن رأيه في الفتاة التي تسير أمامه في الشارع خشية أن يتصل والدها بالتنفيذية فتجعل منه خبرا في فضائية فلسطين وصحف المقاطعة حين يُقبض عليه !! ..

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات