الحسم العسكري أنقذ أبناء فتح من الهلاك ..!

قبل معرفة كيف أنقذ الحسم العسكري أبناء فتح من الهلاك ، سأتحدث قليلا عن الأسباب التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار وكيف تم ..
في كل مرة كان يُقتل فيها أحد كوادر حركة حماس غيلة ، تشرع كتائب القسام بالتحري عن القتلة لكشفهم ومحاسبتهم .. وبعد أن يقدم جهاز أمن الكتائب ما توصل إليه من أدلة حول القتلة ، تتحرك القوة التنفيذية لإلقاء القبض عليهم في وضح النهار وأمام وسائل الإعلام ..
تكرر هذا الأمر كثيرا ، وفي كل مرة كانت حركة حماس تخرج بخسارة إعلامية كبيرة .. فضحايا حماس وهم غالباً ما يكونون من صفوة المجتمع وخيرة أبناء الشعب الفلسطيني ، كان الإعلام يتحدث عن قتلهم بخبر بسيط غالبا ما يكون ( مجهولون يطلقون النار على أحد المواطنين ويردونه قتيلا ) .. وحين تذهب القوة التنفيذية لإلقاء القبض على القتلة الذين يبادرون بالمقاومة ، يتناول الإعلام هذا الأمر ويتابع المعركة من بدايتها لنهايتها تحت خبر ( القوة التنفيذية تحاصر أحد كوادر حركة فتح وتقصف منزله ) ..
هناك من انتبه إلى هذا الأمر من تنظيمات أخرى ومن فتح نفسها ، وقد نصح الحركة القيام بتصفية القتلة بنفس طريقة المجهولين كي لا يبدو الأمر وكأن حماس تستهدف فتح كلها ، أو حتى لا تتضرر سمعة حماس إعلامياً أمام الناس الذين لا يستطيعون متابعة كل شيء عن كثب بسبب قوة الإعلام المضلل .. لكن الحركة رفضت أسلوب الاغتيالات في الخفاء حتى لا تحدث فتنة يستغلها كل من يريد تصفية حساباته الخاصة سواء كان من التنظيمات أو العشائر .. ولهذا واصلت نفس الأسلوب كلما اُغتيل أحد قادتها أو عناصرها بتوجيه التهمة علناً للقاتل الذي غالباً ما يثبت على نفسه تهمة القتل بمقاومة الاعتقال وتحويل منزله ومحيطه إلى ثكنة عسكرية ، جنودها أبناء عشيرته و بعض الأصدقاء الذين يمنون أنفسهم بمجد وشهرة ترفع رصيدهم التنظيمي ، أو وظيفة تمكنهم من التحكم في رقاب العباد !!..
الإغراءات التي كانت تقدمها الجهة الواقفة خلف من يقوم بعمليات قتل كوادر حماس كبيرة جدا .. ومع أن هذه الجهة لم تعط أوامر مباشرة بقتل أشخاص معينين من حركة حماس ، إلا أن من تطوعوا ليكونوا أداة لهذه الجهة فهموا من تجارب من سبقهم ، بأنه كلما كانت هناك جرأة أكبر في القتل ، كلما كانت الامتيازات والمكافآت أكبر .. لكن بقيت مشكلة عدم استطاعة الجميع تحويل منازلهم لثكنات عسكرية ومربعات أمنية ، وكذلك ليس بمقدور الكل استمالة عشائرهم ليقفوا إلى جانبهم ..!!
تم حل هذه المشكلة بوضع جميع مقرات الأجهزة الأمنية بكل ما فيها من إمكانيات تحت تصرف من لديهم الجرأة على القتل بصرف النظر عن من وكيف ولماذا ! .. وبعد أن كانت مقرات جهاز الأمن الوقائي هي المأوى الوحيد للقتلة ، تحولت جميع المقار الأمنية ومعسكرات التدريب وحتى منتدى رئيس السلطة إلى أوكار ومحميات يلجأ إليها القتلة بعد تنفيذ جرائمهم .. بالإضافة لاستخدامها في احتجاز المخطوفين من أبناء حماس ، وفي الآونة الأخيرة كان يُدفن فيها من يفارق الحياة تحت التعذيب !!..
كان بإمكان كتائب القسام وضع حد لهذا الإجرام بتنفيذ عملية عسكرية مفاجئة وشاملة تُسيطر فيها على جميع مقرات الأجهزة الأمنية .. ورغم سهولة ذلك في بادئ الأمر حيث لم يكن سلاح أمريكي ولا تدريبات ومعدات ، إلا أن المستوى السياسي رفض فكرة الحسم العسكري وطالب الكتائب بالتعامل مع كل حدث بشكل موضعي مع أقصى درجات ضبط النفس.. ثم تطورت الأمور واتخذت شكلا مغايرا لما كانت عليه في السابق بعد تدفق الدعم الأمريكي والصهيوني ، وخاصة عندما هاجم حرس الرئاسة الجامعة الإسلامية وعاث فيها فسادا وتخريبا ، وزاد الاستفزاز أكثر بعد أن أصبحت المساجد هدفاً للقتلة ..
كان واضحا أن التيار اللحدي يسعى لاستفزاز حركة حماس من أجل مواجهة شاملة معها ، وكان واضحا أكثر تجنب الحركة ذلك رغم امتلاكها للقوة التي تمكنها من سحق هذا التيار سحقا .. ففي كل مواجهة وعندما كانت كتائب القسام تقترب من حسم المعركة عسكرياً ، كان الاتفاق بوقف إطلاق النار يحول دون تنفيذ ذلك ، فتنسحب الكتائب من المواقع التي سيطرت عليها أثناء المعركة وتقوم بسحب مسلحيها من الشوارع تنفيذا لاستحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار ..
كانت كتائب القسام وحدها من يلتزم ببنود اتفاق وقف إطلاق النار ، وقد ساهم تكرار هذا الالتزام من طرف واحد ، في تعزيز فكرة أن المواجهة انتهت لصالح التيار اللحدي وبهزيمة كتائب القسام .. ففي الوقت الذي كانت تنسحب فيه كتائب القسام من الشوارع ، كان التيار اللحدي يزيد من تواجد مسلحيه ويقيم حواجز إضافية ويعيد احتلال الأبراج والمواقع التي انسحب منها أثناء المعارك مخالفا بذلك بنود وقف إطلاق النار ..
بعد كل اتفاق وقف إطلاق نار كان التيار اللحدي يتصرف على الحواجز المفترض إزالتها مع من يشتبه في انتمائه لحركة حماس بنشوة المنتصر .. وعندما تقوم الحركة بتسجيل الخروقات ورفعها لمراقبي وقف إطلاق النار سعياً منها لعدم عودة الأمور لمربع المواجهة ، كان يعبر المراقبون عن شعورهم بالعجز وينصحون الحركة بالصبر وضبط النفس .. وكأن لسان حالهم يقول : أنتم الأعقل وقد تعودنا على همجية هؤلاء ، فاصبروا عليهم علهم ينتهون من تلقاء أنفسهم ويكفون عن هذه التصرفات ..!!
لكنهم لا يتوقفون .. فالتنكيل على الحواجز سرعان ما يتحول إلى عدوان ثم اختطاف ثم قتل ، ثم تعود المواجهة من جديد ، ثم تنتهي بنفس الأسلوب .. تكرر هذا ثلاثة مرات مؤخرا .. وفي المرة الأخيرة طالبت كتائب القسام المستوى السياسي مرة أخرى الموافقة على الحسم العسكري ، ومع أن المستوى السياسي كانت لديه معلومات بنية التيار اللحدي تنفيذ عمليات اغتيال تطال جميع رموز حركة حماس ، إلا أنه تردد في إعطاء الموافقة على الحسم العسكري خاصة بعد إعلان توفيق أبو خوصة وقف إطلاق النار من جانب واحد ..
سرعان ما تبين أن هذا الإعلان مجرد خدعة إعلامية بعد اغتيال الدكتور الرفاتي بساعات قليلة من الإعلان المزعوم ، ثم تأكدت الخدعة بعد تنفيذ عدة محاولات اغتيال أخرى نجح منها اغتيال الرنتيسي في خان يونس .. حينها حصلت كتائب القسام على موافقة المستوى السياسي بالحسم العسكري حتى تتوقف هذه المهزلة التي جُرب معها كل الحلول الممكنة دون جدوى ..
لم تقم كتائب القسام بالتحرك عسكريا سرا أو بشكل مفاجئ .. بل أعلنت عن نيتها هذه بإصدار بيان طالبت فيه أفراد الأجهزة الأمنية بإخلاء المقرات .. ومع أن هذا الإعلان من الناحية العسكرية ليس في مصلحة الكتائب ، إلا أن فكرة القيام بهذا العمل العسكري الكبير بأقل عدد ممكن من الضحايا كانت المسيطرة على الموقف .. وعلى الرغم من سخرية التيار اللحدي من بيان القسام وقيامه باستدعاء أفراده ونشر جنوده على نطاق أوسع استعدادا للمواجهة ، إلا أن الأوامر الصارمة صدرت للكتائب بمنحهم فرصة تسليم أنفسهم وعدم تدخل القوة الخاصة في كتائب القسام إلا في الحالات الصعبة فقط ..
تمت عملية الحسم في الوقت المحدد لها تماما ، وبعد ساعات قليلة استيقظ قطاع غزة على هدوء لم يسبق أن عاشه منذ سنوات .. وعلى الرغم من أن الحسم العسكري كان هدفه الأول وقف عمليات الاغتيال والاعتداء على أبناء حركة حماس تحديدا ، إلا أنه تبين بعد ذلك بأنه جاء في الوقت المناسب ومنقذا لأبناء فتح من هلاك حتمي .. ففي مقر السفينة كانت المخابرات العامة تعد سيارات مفخخة لتفجيرها في مواقع تتبع لحركة فتح عرف منها جامعة الأزهر وبعض الأبراج التي يسكنها موظفو السلطة ، بالإضافة لسيارات أخرى تم إعدادها لتنفجر أثناء مسيرات الحركة التي ستخرج للتنديد بالتفجيرات السابقة .. كل هذا كان سيتم تحت إيحاء بأن حركة حماس هي المسؤولة عن هذه التفجيرات بهدف جر حركة فتح لمواجهة شاملة مع حركة حماس وهو هدف فشل في تحقيقه التيار اللحدي منذ نجاح حماس في الانتخابات ..!!
هذه التفجيرات لو تمت كانت ستقضي على العديد من أبناء حركة فتح .. ولو حدثت المواجهة الشاملة التي ينشدها التيار اللحدي لكانت الخسارة أكبر بكثير مما يظن هذا التيار ، لأن هذا يعني مواجهة كتائب القسام بكل قوتها ، ولو تم هذا الأمر ستكون عواقبه وخيمة ، خاصةً لو عرفنا أن القوة التي استخدمتها كتائب القسام في عملية الحسم العسكري أقل من الربع بكثير ، وحتى هذا الربع كان يستخدم أقل إمكانياته ، وهو ما يفسر انتهاء العملية بأقل عدد من الضحايا .. فلو قارنا عملية الحسم العسكري التي تشارك فيها حركة فتح مع الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد ضد جماعة (فتح الإسلام) على قلة عددها وصغر حجم المخيم ، لوجدنا الفرق الكبير بين مفهوم حماس للحسم العسكري ومفهوم حركة فتح التدميري الخالي من الرحمة .. ولو استوعب أبناء حركة فتح الذين تركوا -وما زالوا- هذا التيار يقودهم معنى الحسم العسكري عند حماس ومعناه عند قيادتهم ، لعرفوا أنه حسم أنقذهم من هلاك حتمي !
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...

لجنة أممية تحذر من خطر المجاعة والمرض على الفئات الهشة بغزة
جنيف - المركز الفلسطيني للإعلام قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إن نفاد الغذاء في قطاع غزة، إلى جانب الدمار الواسع...

إصابتان برصاص الاحتلال وهجمات للمستوطنين في الضفة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم، فجر السبت، في الضفة الغربية المحتلة، إثر اقتحام...

“الجهاد الإسلامي” تنعى القائد بسرايا القدس الشهيد نور البيطاوي
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام نعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشهيد نور عبد الكريم البيطاوي، القائد في "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس،...

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...