الثلاثاء 06/مايو/2025

عولمة التطبيع مع إسرائيل

عولمة التطبيع مع إسرائيل

نجحت الحركة الصهيونية العالمية في تحطيم أسوار العزلة الدولية، وظلت تكسب أرضاً جديدة على مدار الساعة، وتجهض بتحركها المؤسسي الدؤوب كل فعل عربي أو متعاطف مع القضية العربية.

وتحيل أي انتصار للعرب إلى انتكاسة وهزيمة مشينة، بفضل غفلتنا وخيبتنا الكبرى، وإدمان الكثيرين منا لعبة خداع الذات، وتوهم النجاة وتحقيق الأحلام الصغيرة عبر المرور من بوابة استرضاء مراكز اللوبي الصهيوني، المهيمن في غير عاصمة غربية.

أبلغ مثال على نجاح الحركة الصهيونية، في الانتقال بالتطبيع مع “إسرائيل” من دائرة العلاقات الضيقة مع بعض الدول العربية إلى مرحلة العولمة، وفرض الأسس والمرتكزات الأيديولوجية الصهيونية وجعلهاً أفكاراً تهيمن على فضاء عالمنا.

ما حدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً، من اعتراف بكل المبالغات وتضخيم “محرقة اليهود” في ألمانيا التي تعرف بـ”الهولوكست” وتخصيص ميزانية أممية للاحتفال بها سنوياً، وتخليد وتعويض الضحايا، دون الالتفات للضحايا العرب الفلسطينيين الذين حصدت “إسرائيل” أرواحهم في أبشع مذابح شهدها العصر، منذ اغتصاب فلسطين عام 1948، بتواطؤ دولي وتعويض للصهاينة عن جرائم النازية، على حساب العرب، ومازالت هذه المذابح تنفذ حتى الآن.

على أن أدهى ما ابتدعته آلية عولمة التطبيع مع الصهيونية، ما جرى الأسبوع الماضي، خلال حلقة دراسية نظمتها “إسرائيل” لقادة أسلحة الجو من دول حلف شمال الأطلسي، وعدد من كبار الضباط من خمس دول عربية، معظمها لا تربطها بـ”إسرائيل” علاقات دبلوماسية.

محور الحلقة الدراسية، حسب ما كشفته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية كان التعرف على دروس الاغتيالات لقادة انتفاضة الأقصى في غارات جوية، ودور سلاح الجو الإسرائيلي في القضاء على المقاومة الفلسطينية، والذي يحلو للصهاينة ومن لف لفهم تجميله بعبارة “محاربة الإرهاب الفلسطيني” رغم بشاعة اغتيال قادة سياسيين مثل الشيخ المجاهد القعيد أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وقبلهم يحيى عياش، وإلى جوارهم كثيرون من الأطفال والنساء اغتيلوا في غارات جوية أسقطت على منازلهم قنابل زنة نصف طن، أو بصواريخ موجهة، مثلما حدث في مجزرة بحي الزيتون في غزة واغتيال صلاح شحادة ومعه 15 آخرون.

قد يكون لدى قادة أسلحة الجو في دول حلف شمال الأطلسي ما يبرر انخراطهم في الحلقة الدراسية الإسرائيلية للاستفادة من تجربة اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية من الجو، لكن أي فائدة ترجى للضباط والجيوش العربية من هذه الدروس المهينة لأي عربي، هل بلغ الهوان بنا هذا الدرك؟ أم أن العرب هؤلاء فقدوا القدرة على التمييز بين ما ينفع أو يضر؟ أم انتقلت بعض دولنا بأدوارها من حماية شعبها إلى التآمر مع الآخرين عليه؟

شخصيا لا أتصور أن هناك جندياً أو ضابطاً عربياً يملك هذا القدر من البلادة الذي يؤهله لحضور مثل هذه الدروس الإسرائيلية، ويغالط قناعاته ويقبل بجرائم “إسرائيل” واعتبار اغتيال القادة الفلسطينيين عملاً مبرراً في “الحرب على الإرهاب” وإلا فإن الدور ينتظرنا جميعاً باعتبارنا “إرهابين”.

عولمة التطبيع الإسرائيلي لم تقف عند حد التطبيع العسكري مع العرب من باب اغتيال الفلسطينيين، بل تخطته إلى ساحة البحث العلمي والتاريخي، ودشنت مرحلة جديدة من محاكم التفتيش على العقول والأفكار بطريقة لم تصل إليها محاكم التفتيش في أوروبا إبان ظلام العصور الوسطى. تمثل هذا في اعتقال المفكر والمؤرخ البريطاني ديفيد ايرفينج في النمسا الأسبوع الماضي، بتهمة الدفاع عن النازية، واختزال مخل بحقيقة الانتقام منه لكشفه خدعة وأسطورة “الهولوكست” واستخدامها “فزاعة” لابتزاز الضمير الأوروبي، وكمبرر للتغطية على جريمة اغتصاب فلسطين.

في أجواء كهذه، يصبح التاريخ ساحة للتزييف وصياغة الأساطير، وتضيع كرامة البحث العلمي ويفقد المؤرخ استقلاله وحريته، ويفرض عليه الإشادة بالإرهابي الإسرائيلي قاتل الأطفال الفلسطينيين على الحواجز العسكرية. ويطلب منه التنديد بالضحية الفلسطيني والتعامل معه بوصفه “إرهابياً” ويتحول الاغتيال الإسرائيلي له إلى درس مستفاد يدرس في حلقات عسكرية لنا نحن العرب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين وجمعية "نادي الأسير الفلسطيني"، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت 58 أمر...

48 شهيدا و142 جريحا في غزة خلال 24 ساعة

48 شهيدا و142 جريحا في غزة خلال 24 ساعة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الثلاثاء، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 48 شهيدا، و142 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...