الجمعة 09/مايو/2025

أهمية كظم الغيظ في السلوك السياسي

أحمد أبو رتيمة
مشهد إعدام الرئيس العراقي صدام حسين فجر أول أيام عيد الأضحى المبارك كان وقعه أليماً  على نفوس الكثير من العرب والمسلمين.ولم يكن هذا التأثر بالمشهد في بعض الأحيان نابعاً من الشعور بعدم استحقاق صدام للحكم الذي نزل به  بقدر ما كان نابعاً من الشعور بالإهانة جراء الرسائل والإيحاءات التي أريد لها أن ترافق عملية تنفيذ الحكم بدءً من التوقيت الذي استفز مشاعر كثير من المسلمين واعتبروه إهانة موجهة إليهم في يوم عيدهم وانتهاءً بالشعارات ذات الدلالات الطائفية التي ترددت في قاعة الإعدام.ونتيجة لذلك ساد جو من الغضب في مختلف البلاد الإسلامية  توجه بشكل ملحوظ إلى إيران خاصة وأنها سارعت للترحيب بالإعدام فاشتعل غضب الجماهير العربية وخرجت تظاهرات تندد بإيران وتسميها الخطر الفارسي تارة و العدو الصفوي أو الرافضي تارة أخرى تبعاً للتيار الذي ينتسب إليه المتظاهرون قومياً أو إسلامياً .

والتقطت أمريكا بسرعة هذا المزاج السائد في الشارع العربي وسعت إلى تعزيزه فنفت علاقتها بالإعدام ونبهت العرب إلى حسن أخلاقها  لو كانت هي من سيحاكم صدام على أراضيها.وفي مسلك لم يخل من دوافع خبيثة أعلنت أمريكا في نفس يوم الإعدام أنها أفرجت عن أربعة دبلوماسيين إيرانيين كانت تحتجزهم في العراق .وبذلك صارت نفوس الناس مهيأة للهتاف ضد “الأعداء  الفرس” ووضعهم في سلة واحدة مع أمريكا والكيان الصهيوني باعتبار ثلاثتهم خطراً على المشروع العربي.

لا شك أن التصريحات الإيرانية التي أعقبت إعدام صدام لم تكن موفقة وهي خطأ يضاف إلى رصيد الأخطاء الحافل الذي يشوب دور إيران في العراق ولعل هذا يصلح إلى حد ما ليكون مبرراً لموجة السخط التي عمت الشارع العربي .لكن الحكمة السياسية تقتضي ألا يكون الإنسان أسيراً لغضباته وانفعالاته وألا يسمح لعواطفه  بأن تكون الموجه له في اتخاذ القرارات فإتباع الهوى يودي بصاحبه إلى الردى ورب مرارة يتجرعها الإنسان اتقاءً لما هو شر منها.

إنه يجب أن يكون مفهوماً لنا بأن أي اشتغال في الوقت الحاضر بخلافات مع إيران أو غيرها سيكون بالضرورة على حساب قضايانا الكبرى والمهمة وسيكون هدية مجانية نقدمها لأمريكا والكيان الصهيوني  اللتان تشعران بقلق بالغ من المشروع النووي الإيراني وتودان لو دفعتا بالعرب في حرب بالوكالة عنهما مع إيران فتكونان بذلك قد ضربتا أعداءهما بأعدائهما وخلا لهما الجو لتواصلا تحقيق المشروع الهادف إلى كسر الإرادة العربية وبسط الهيمنة على أراضينا.

لذلك ينبغي أن نحذر مما يخطط لنا وألا نمد لأعدائنا طوق النجاة وندخل في صراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل، فلنكظم غيظنا ولنرتقي عن مستوى التعامل بالاندفاعات العاطفية وردات الفعل الآنية ،فنحن أمة لها أهداف سامية ينبغي أن نسير نحوها برؤية جلية وخطوات واثقة ،ندوس العوائق التي تعترض طريقنا ،ولا نلتفت  إلى الأبواق التي تدعونا إلى تغيير المسار .

هذا المثال في تعاملنا مع إيران الذي تناولته تحت عنوان كظم الغيظ يصح أن نضيف إليه من واقعنا الفلسطيني ما نشهده من أحداث مؤسفة كنا سنتجنبها لو أننا تعالينا عن ردات الأفعال الغير محسوبة وتعاملنا بمنطق الحكمة وبعد النظر “إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...