أوباما… خليفة المسلمين!

صحيفة الحياة اللندنية
بروح تخفق ونفس تُحَلِّق، استطاع سيد البيت الأبيض الجديد أن يُقلِعَ عالياً بثلاثة آلاف من الحضور وملايين المشاهدين من المسلمين في أرجاء المعمورة من قلب العالم الإسلامي في قاهرة المعز إلى حيث لم يصل رئيس أميركي من قبل!
فالخطاب الذي وجهه سيد البيت الأبيض الجديد إلى الأمة المسلمة في ظاهرةٍ هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الأميركية – المسلمة يوم الخميس الماضي، جاء ليؤكد عزم الرئيس الحديث العهد على وفائه بوعد تغيير سياسات سلفه غير المأسوف عليه!
لم تكن تلك أول كلمة من أول رئيس ينحدر من أصول مسلمة، فقد كانت لفتته إلى الحكومات الإسلامية في خطاب التنصيب غير مسبوقة كذلك، لتؤكد اكتراث الرئيس -الذي لا يخفي اعتزازه باسم والده المسلم- بعلاقات بلاده بالمسلمين، تماماً كما فعل قبل شهرين حين وجه كلمة للأمة المسلمة من عاصمة الخلافة الإسلامية السابقة في تركيا، حيث أكد أن بلاده لم تكن ولن تكون في حرب مع الإسلام والمسلمين!
ثلاث مرات إذاً، وليس مرة واحدة، حاول وما زال أول زعيم أسود في البيت الأبيض بناء جسور جديدة مع شعوب العالم الإسلامي، التي يخشى من مواجهتها في المستقبل القريب!
من أجل ذلك، جاءت كلمة الرئيس الأميركي موجهة إلى الشعوب المسلمة -وليس حكوماتها- في محاولة لاسترضائها، وهو أمر، وإن بدا مختلفاً بعض الشيء عن عادة الزعماء في توجيه خطاباتهم إلى الحكومات ذات الأمر والنهي، إلا أنه يشير إلى أن أوباما فطن إلى حقيقة أن سياسات الإدارات الأميركية السابقة هي التي آلت إلى استعداء الشعوب المسلمة، وإن لم يفصح عن ذلك صراحة.
ففي خطابه الذي أعرب الحاضرون عن استحسانهم له بتصفيقهم 42 مرة، استطاع صاحب اللسان المعسول أن يدغدغ عاطفة الأمة الجياشة بالتغني بمآثرها وأمجادها، حيث بدا وكأنه يلقي خطاباً انتخابياً لأجل كسب الأصوات المسلمة.
وبذكائه الفطري استطاع السيد الأميركي الجديد خلال 55 دقيقة، أن يتجنب كلمات الإثارة عند المسلمين كلفظة “الإرهاب الإسلامي” أو لفظة “الفاشية الإسلامية” التي اعتاد سلفه أن يشنف بها آذان مستمعيه، في محاولة من الرئيس الجديد لجذب مناوئيه من الأمة المسلمة.
ولأجل استرضاء عاطفة المسلمين كذلك، لم يفت الرئيس الذي بدا وكأنه “خليفة المسلمين” أن يستشهد بآيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية شريفة، أضفى بعد ذكر صاحبها لفظة “عليه الصلاة والسلام”.
وبهذا القدر كان أوباما “قادراً” على إقناع البسطاء من المسلمين، بنية الولايات المتحدة في بدء “حقبة جديدة” في التعامل مع المسلمين، كما كان شعاره الانتخابي “أجل نحن نقدر”.
وبأسلوب شعارات الانتخابات نفسه المتضمن المقدرة على التغيير، استطاع “مرشح الخلافة الإسلامية” أن يجوب “سماء الآمال الإسلامية” طولاً وعرضاً، ويقدم الكثير من الوعود، وإن كانت مسألة الوفاء بها أمراً آخر.
لعل السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: إذا كان “خليفة المسلمين الجديد” لم يفِ بوعوده الانتخابية في بلاده ومع شعبه الذي انتخبه رئيساً، فكيف يَفي بوعوده مع الشعوب المسلمة التي لم تصوّت له في فترته الأولى، ولن تصوّت له في فترته الثانية؟
فالوعود التي أطلقها أوباما خلال حملته الانتخابية، سواء المتعلقة منها بالسماح بنشر صور أساليب التعذيب التي قامت بها وزارة الدفاع الأميركية في معتقل غوانتانامو وسجن أبو غريب، أو في وعده بالتحقيق في قضايا التعذيب ذاتها وملاحقة المتورطين في الإدارة السابقة، أو بإيقاف المحاكمات العسكرية، ثم نكوصه عنه لاحقاً، لا تعين بأي حال على التفاؤل بوفائه بوعوده للمسلمين.
والرجل الذي كان ينتقد سياسات سلفه الرعناء في استخدام القوة العسكرية، ثم بات يتبعها خطوة خطوة في أفغانستان وباكستان والعراق، لا يرجى منه الكثير لمستقبل العلاقات الأميركية- المسلمة، مهما كان “قادراً” على تجميل الجرائم الأميركية بالعبارات المنمقة التي يحسن اختيارها.
واقع الأمر أن أوباما مقنع في حديثه، و”قادر” على إطلاق الوعود، و”قادر” على نقضها كذلك! فالفرق بين بوش وأوباما أن الأول يفعل ما يقول، والآخر يفعل خلاف ما يقول!
وإذا كان مجرد إطلاق الوعود يرضي السذج من المسلمين، فليكن أوباما “خليفة المسلمين”! ولينشد الشعراء قصائدهم “أبا المسك” كما كان يفعل المتنبي من قبل!
* حقوقي دولي
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...