السبت 10/مايو/2025

إلى متى يا شعبنا المجاهد؟!

أ.د. محمد اسحق الريفي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين وإمام الأتقياء والمرسلين النبي الصادق الأمين محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن سار على هديه من المسلمين إلى يوم الدين

أحداث مأساوية يمر بها شعبنا… لا شك في ذلك، فالأصل أن شعبا مسلما يعيش في أرض الرباط والإسراء والمعراج، ويدين لله وحده بالعبودية والولاء، ويدافع عن حقه المسلوب ويتصدى للجرائم الصهيونية والأمريكية، الأصل أن ينتظم هذا الشعب المجاهد المصابر في جبهة واحدة، ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم وشركائه في المشروع السياسي الذي يرمي إلى القضاء على حقوق الشعب الفلسطيني وتمكين كيان الاحتلال من تحقيق مآربه في إقامة دولة يهودية عبرية على أنقاض فلسطين، يُطرد منها الفلسطينيون إلى كل بقاع الأرض، ويحرم اللاجئين الفلسطينيين من حقهم في العودة إلى وطنهم وديارهم، ويتم تهويد مدينة القدس وهدم المسجد الأقصى المبارك وإقامة هيكل الشر المزعوم على أنقاضه.

وما كان لشعبنا أن يقع في هذا الاحتراب لولا قيام فئة بحمل أجندة أجنبية لألد أعداء شعبنا ممن أذاقوه الويلات وأشد أصناف العذاب، وحرموه من حقوقه وفي مقدمتها حق تقرير المصير، ولا يزالون يؤلبون العرب والعجم على شعبنا ويتآمرون عليه ويضغطون عليه بكافة الوسائل الخسيسة والإجراءات الوحشية ليرضخ لشروطهم ويتنازل عن باقي ما تبقى من حقوقه.

هذه الفئة باتت مدللة الإدارة الأمريكية، وتحظى بدعمها وأموالها، ليس حبا فيها ولا في الشعب الفلسطيني، وإنما حقدا على شعبنا واستحقارا له، فالإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال تهدف إلى النيل من شعبنا والتنكيل بكل من يقاوم الاحتلال، مستخدمة هذه الفئة أداة لها لتركيع الشعب وشق صفه والعبث في حياته ومسيرة جهاده ومصيره.

كان الأولى لكل فصائل شعبنا ألا تسمح بوصول شعبنا إلى هذه الحالة المؤسفة المأساوية من الصراع، فشعبنا له أجندته الخاصة التي في أولوياتها: محاربة الفساد، وإصلاح الأحوال، وتعزيز وحدة شعبنا، ورفع المعاناة عنه، والقضاء على الفوضى والفلتان، وحماية شعبنا من الفقر والتبعية الاقتصادية للاحتلال، وتعزيز علاقات شعبنا مع الشعوب العربية والإسلامية…، وكل ذلك مقدمات ضرورية لتحقيق آمال شعبنا في تحرير أرضه وإقامة دولته الإسلامية على كامل تراب وطننا فلسطين.

هناك من يبكي على ما آلت إليه أحوالنا من صراع واقتتال، ونحن نبكي معه كذلك، وندعو الله أن يحقن دماء المسلمين، وأن يجعل بلدنا آمنا مطمئنا، وأن ينجي شعبنا من الفتن والشرور،… ولكن علينا جميعا أن نعمل من أجل تحقيق السلم في مجتمعنا، والتصدي لكل العابثين أصحاب الأجندات الصهيوأوروأمريكية ، وذلك من خلال تمكين عملية الإصلاح، وتشكيل جبهة فلسطينية متينة لا تلين أمام الإجراءات الوحشية للمجتمع الدولي والممارسات القمعية للاحتلال، ولا تلين أمام إغراءات الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ولا نوالي من يناصبنا العداء ويحارب الإسلام والمسلمين في كل مكان.

أما أن نلجأ لسياسة دس الرؤوس في التراب، ونتجاهل الأسباب الحقيقة التي أوصلتنا لوضعنا الحالي المأساوي، ونرفض إلقاء المسؤولية على الجهات التي تتحرك بأوامر أجنبية وتتلقى دعمه وسلاحه وأمواله، ونصور الوضع على أنه صراع على الكراسي والمناصب، فوالله إن هذا لغبن كبير لتضحيات شعبنا، واستكبار وبطر للحق وغمط للمجاهدين من أبناء شعبنا، وتقزيم لجهاد شعبنا ونضاله.

كنت أتمنى على الأحرار والشرفاء من أبناء شعبنا من شتى الفصائل أن يقفوا وقفة إنسان حر وشريف وشجاع أمام العابثين بمصير شعبنا وحياته، وأن يشكلوا إطارا يتم من خلاله التنسيق وحل المشاكل عن طريق الحوار، وأن يساهموا في إنشاء قوة تخضع للحكومة لتضرب بيد من حديد كل مارق وعابث، وأن يبسطوا سلطة القانون والنظام، ويعيدوا للقانون هيبته، ويمكنوا القضاء من أداء دوره…

ولكن للأسف معظم هذه الفصائل ومعظم الناس ينظرون إلى الموضوع نظرة غير واقعية ويلقون باللوم على الجميع دون تمييز بين الصالح والطالح وبين المصلح والمفسد، ودون أي أساس منطقي أو موضوعي، ودون أي معايير سياسية أو وطنية أو إسلامية،….

فمتى يصحو شعبنا ويتخلص من أجندة عدوه؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات