عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

غزة من الأمر الواقع إلى فرض الوقائع

غزة من الأمر الواقع إلى فرض الوقائع

من مسلمات استراتيجيات الأمن “الإسرائيلية”،التفوّق، وعدم السماح بكسر معادلة الردع تجاه الآخرين. وإذا حصل واختل التوازنلغير مصلحتها فهي مستعدة لشن الحروب والاعتداءات خدمة لتصحيح معادلات الردع.

وثمة سوابق كثيرة في هذا المجال، من بينها عدوان 2006على لبنان الذي أعقبته بعدوان آخر على غزة في عام 2008 ومن ثمّ في 2012 و2014، فماالذي جنته “إسرائيل” من اعتداءاتها السابقة وما الذي يمكن أن تجنيه مناعتدائها الحالي؟

في جميع حروبها (ضد المقاومة في لبنان وغزة) رفعت “إسرائيل”سقف مطالبها إلى أقصى الحدود في كل عملية كانت تقوم بها، لكن بدء المعركة ليسكإدارتها أو نهايتها، والمفارقة أنه في أغلب الجولات العسكرية كانت “إسرائيل”هي السبّاقة لطلب التدخل الغربي للحد من خسائرها ومحاولة التوسّط للتهدئة والهدنة،وهذا ما جرى بشكل واضح في اليوم الرابع مثلاً لعدوان يوليو/ تموز 2006 على لبنان،والأمر يتكرر اليوم في طلب التوسط للتهدئة رغم تلويحها الدائم بالاجتياح البريلقطاع غزة وهذا ما تنتظره المقاومة.

في الجولات السابقة وإن تمكنت المقاومة في غزة من تسجيلإنجازات الصمود والتوصل إلى جملة تفاهمات برعاية إقليمية ودولية، إلا أن هذهالتفاهمات لم تكن لتصمد طويلاً، فهل تغيّرت التوازنات والمعادلات الآن؟ في الواقعتمكنت المقاومة من جر “إسرائيل” إلى حيث لا تريد وهي إطالة الأزمةوبالتالي المزيد من الصواريخ على كافة أراضي فلسطين المحتلة من الجنوب إلى الشمال،كما الشرق والساحل، ما يعني أن “إسرائيل” لم تعد متحكمة بقواعد اللعبةالأمنية والعسكرية التي تعوّدت خوض غمارها مع الفلسطينيين وغيرهم، علاوة على أنفصائل المقاومة حالياً باتت تفجر المفاجأة تلو الأخرى وهي من العيار الثقيل الذيلا قدرة ل”إسرائيل” على بلعها وهضمها بسهولة وبساطة، وخاصة لجهة إدخالسلاح الطائرات من دون طيار والصواريخ متوسطة المدى، كما تم استهداف مواقع تمثل عصبالاستراتيجيات الأمنية والعسكرية “الإسرائيلية” براً وبحراً وجواً،وببساطة تامة كأن القبة الحديدية التي تتبجح بها “إسرائيل” تهاوت على رأسها.

في عام 1996 تمكنت المقاومة اللبنانية من فرض “تفاهمنيسان” بعد ما أسمته “إسرائيل” آنذاك عملية عناقيد الغضب، ومفادهعدم الاعتداء على المدنيين اللبنانيين، ووضع قواعد اشتباك محددة كما طورته وحسنتشروطه في القرار 1701، اليوم تحاول المقاومة في غزة فرض تفاهم من هذا القبيل وهيقاب قوسين أو أدنى من تحقيقه.

فالمقاومة تمكّنت إلى حد بعيد من امتلاك الأسس والقواعدالتي تمكنها من البحث بجدية حول تحديد قواعد الاشتباك مع “إسرائيل”،وفرض بعض الشروط التكميلية لقواعد اللعبة في حال التوصل إليها. وساعدها على ذلكبشكل أساسي إدخال التكنولوجيا في الحرب القائمة وهو السلاح الذي تدعي “إسرائيل”تفوقها به وفي جميع أوجهه.

حلقت طائرات فلسطينية فوق وزارة الدفاع “الإسرائيلية”في تل أبيب، وتم اختراق الإعلام “الإسرائيلي” إلكترونياً، ولم ينقص “إسرائيل”إلا أن تنزل قواتها العسكرية إلى الملاجئ مع ملايين المدنيين، إضافة إلى خسائرالاقتصاد والمال غير المسبوقة إلا في الحروب الكبرى. ثمة صور نمطية جديدة بات على “الإسرائيليين”التعوّد عليها، وهي أن الأراضي الفلسطينية المحتلة بكاملها باتت تحت رحمة الصواريخالفلسطينية.

طبعاً ثمة إنجازات نوعية قد تحققت وينبغي استغلالهاواستثمارها جيداً، وهنا بيت القصيد في المواجهات الحالية، وحتى لا نغرق بالكثير منالتفاؤل المعتاد عليه عربياً، يجب على المفاوض الفلسطيني كما المقاوم أن يدركجيداً بأن الانتصار هو في النتائج المحققة سياسياً بعد النتائج العسكرية وهو البيئةالتي لم نحسن نحن العرب استغلالها في كافة المواجهات مع “إسرائيل”.

ومن الموضوعية، الاعتراف بأن العدوان على غزة يحصل اليوموسط بيئة إقليمية ودولية معقدة وخطرة، ما يسهّل استثمار نتائجه في غير ملف داخليعربي وإقليمي، بدءاً بالاقتتال الداخلي في غير بلد عربي، مروراً بإعادة التموضعلبعض الدول الإقليمية الكبرى في المنطقة، وصولاً إلى إمكانية صرفه في مفاوضاتنووية على قياس غير عربي. باختصار ثمة الكثير من المسائل التي كانت يوماً ما،أمراً واقعاً على الفلسطينيين، واليوم الفرصة سانحة لأن تفرض الوقائع الفلسطينيةأمراً واقعاً على “الإسرائيليين”، فهل سنتمكن من ذلك وإن كانت التجاربالسابقة غير مشجعة؟

صحيفة الخليح الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...