السبت 10/مايو/2025

صراع العائلات الفلسطينية المسلحة بعد اتفاق مكة

سراج الدين المقدسي

في يوم الخميس الموافق 8/2/2007تم توقيع اتفاق المصالحة في مكة  بين اكبر فصيلين على الساحة الفلسطينية ” فتح وحماس” حيث لا يخلو بيت على الساحة الفلسطينية إلا وأحد أبنائه ينتمي لأحدهما وجاءت هذه المصالحة وهذا الاتفاق بعد صدامات دامية حصدت عشرات الأنفس من الطرفين . فهل سينجح هذا الاتفاق ويصمد ويضع حدا للتصادم الفلسطيني . الفلسطيني  ؟؟

إن المتابع للحالة الفلسطينية وخاصة التنظيمية يدرك بأن مجرد التقاء هذا الكم من القادة الفلسطينيين وفى مكة هو اتفاق بحد ذاته وان هذا الاتفاق الذي تم توقيعه بين قادة اكبر فصيلين على الساحة الفلسطينية ولد لينجح وليبقى من دون الخوض في نتائجه ومن  المستفيد ومن الخاسر فيه إذ علينا أن نسلم وندرك ويدرك العالم من حولنا أن مجرد وقف شلال الدم الفلسطيني المسفوح بأيد فلسطينية هو اكبر انجاز لفلسطين و لجميع الفلسطينيين بدون تمييز ولا نخفي سرا إذ قلنا أن كل من عمل ويعمل ويريد للحالة الفلسطينية أن تبقى كما هي بفلتانها وصراعها، ولهذه الدماء أن تسيل و تنزف بين فتح وحماس إما أن يكون عميلا مندسا أو عدوا متربصا وهذا ما يدعنا نجزم ونؤكد بأن الاتفاق ولد لينجح وليبقى بين اكبر فصيلين  ويضع حدا لصراع فلسطيني . فلسطيني تنظيمي من خلال حضور هذين التنظيمين شعبيا واتساع وضيق رقعة كل منهما على الساحة الفلسطينية.

 ولكن السؤال الأكبر والأهم والذي يجب أن يجاب عليه اليوم وقبل غد وبدون الإجابة عليه تبقى الساحة الفلسطينية رهن سجالات وتطورات لا يعلم مصيرها ومداها إلا الله . والسؤال هو هل سيعمل هذا الاتفاق على جسر الهوة بين الكل الفلسطيني من خلال دراسة الواقع الفلسطيني بجوانبه المتعددة الاجتماعية منها والثقافية. واقصد بالكل الفلسطيني ليس التنظيمات الفلسطينية فحسب بل شرائح المجتمع العائلي والعشائري بشتى أطيافه السياسية لأن البعد العشائري والعائلي يأخذ في فلسطين حيزا وبعدا ليس بالقليل و هو البركان القادم وهو من سيرسم ملامح الصراع الفلسطيني – الفلسطيني القادم  الذي  بدأت تتشكل معالمه و تشعل ناره على الساحة الفلسطينية وفق أجندة البعض الخاصة ليحقق ما عجز عن تحقيقه قبل اتفاق مكة من خلال إشعال الصراع الفلسطيني – الفلسطيني الذي يحمل الصبغة التنظيمية وهذا لن يكون إلا من خلال زج العائلات والعشائر في الشارع الفلسطيني والتي في اغلبها ذات انتماءات سياسية وألوان وأطياف محسوبة ومحسومة بين فتح وحماس أو هذا الفصيل أو ذاك في أتون هذا الصراع ولذلك سيكون المستقبل القادم  قاتم السواد وسيكون وقود الصراع فيه هذا البعد العائلي وسنشهد حالة احتقان اشد وانكى على هذه الساحة مما سبق وشاهدناه، وسنشهد حرب شوارع جديدة تتطور من بيت لبيت ومن حي لحى وقناصة يعتلون البيوت وستخرج نفس الأسلحة التي كانت تستخدم فيما مضى من الصراع الفلسطيني – الفلسطيني من خلال تنظيماته سواء  فتح وحماس أو غيرهما وبذلك لن يختلف هذا الصراع  كثيرا في شكله وفى مضمونه عما سبقه من صراعات سوى الإشارة إليه وتسميته بالصدامات العائلية فقط لان الصفة والتغطية التنظيمية قد رفعت عنه  في ظل وجود اتفاق مثل اتفاق مكة، ليس هذا فحسب بل قد يتجرأ تنظيم ما على الساحة الفلسطينية إلى دفع أبنائه في أتونها باسم عائلاتهم بحجة أخذ الحق بأيديهم من خلال التحريض بأن الدماء لا يمكن أن تكون ماء وهذا ما بدا واضحا في حادثة مقتل الشهيد محمد أبو كرش على أيدي حراس بيت محمد دحلان وادعاء عائلة من العائلات بأنها هي المسئولة عن قتله انتقاما لاثنين من أبنائها قتلا في أحداث سابقة.

هل هي إذا بشائر الحرب الأهلية الحقيقية والتي لن تطوى صفحاتها بسهولة إذا ما اندلعت لأن الأقدر دوما على رأب الصدع ونسيان الماضي هو التنظيم وليس العائلة أو العشيرة لأن الدم لن يصبح ماء في يوم من الأيام في ثقافة هذه العائلات وهذه العشائر أم هي جل مأساة الشعب الفلسطيني بجانب مأساة وقوعه تحت نير الاحتلال.

لماذا إذا يتم زج العائلات في الصراع ودعمها تنظيميا من خلف الكواليس لتسعى للانتقام لمقتل احد أبنائها في صراع تنظيمي أو تصادم بين أجهزة سلطة فتوجه سلاحها نحو إحدى العائلات أو احد الأفراد مدعية بأنها أخذت حقها ممن قتل ابنها!!

لماذا يتم حشد أبناء الحمولة والعائلة وتجييشهم ضد حمولة وعائلة أخرى لمجرد معلومة بان احد أبنائها هو احد أبناء التنظيم الذي قام بقتل أو خطف احد أبنائهم على خلفية تنظيمية ؟؟

لماذا يتم دوما انتقاء أشخاص مسالمين ذوي مكانة اجتماعية أو تعليمية وليس لهم فيما حصل من مواجهات تنظيمية لا ناقة ولا جمل ووضعهم على رأس قائمة التصفيات العائلية للانتقام من تنظيم ما كما حصل مع شهداء عائلة الديري؟؟

الم تكن هذه العائلة أو تلك على علم بان ابنها يخوض غمار المواجهة التنظيمية مع هذا الفصيل أو ذاك أو في هذا الجهاز أو غيره وفق قناعات شخصية وتنظيمية ووفق أيدلوجية تربى عليها ويدافع عنها وفق هذه المعتقدات التنظيمية أو منفذا لأوامر قادته ومسئوليه في جهازه الذي يعمل فيه؟؟

الم تكن هذه العائلة أو تلك على علم بعمل ابنها و حمله السلاح بين يديه وخطورة وعواقب أي صراع يحدث بين تنظيمات أو بين أجهزة سلطة وغالبا ابنها سيكون وسط دائرة هذا الصراع ؟؟

إن ما شاهدناه من حبس للأنفاس في الساعات الأخيرة من اتفاق مكة وترقب الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وفى الشتات لنتائج الحوار سنشهده وسننتظره وسينتظره أطفالنا وأبناؤنا في شوارعنا وفى أزقتنا ولكن هذه المرة لإيجاد مصالحة وحوار بين أبناء عائلات وليس بين أبناء تنظيمات فهل يا ترى سنذهب لمكة من جديد لوقف صراع العائلات .

إن حبر اتفاق مكة لم يجف بعد والكل الفلسطيني بشتى أطيافه مطالب بمساندة هذا الاتفاق وتجفيف حبره بما يخدم المصلحة الفلسطينية العليا من خلال إسراع هذا الكل الفلسطيني بتنظيماته وعائلاته وعشائره بوضع النقاط على الحروف من خلال المصالحة الشعبية الشاملة بحيث تعمل على تصفية نفوس الكل الفلسطيني بشتى أطيافه ومساندة اتفاق مكة والعمل على ما تم الاتفاق عليه من خلال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية القادرة على بناء المنظومة الفلسطينية كما ينبغي من الناحية  الأمنية والقضائية من خلال بناء أجهزة امن قوية قادرة على تطبيق القانون لا يعيقها في تطبيقه لا هذه العائلة ولا تلك العشيرة وبناء منظومة القضاء الفلسطيني المستقل والقوي والبعيد عن كل التجاذبات على الساحة الفلسطينية ليقطع الطريق أمام كل المفسدين والعابثين في مصالح الشعب الفلسطيني وهذا لن يكون إلا باتفاق الجميع وتكاثفه والعمل على  احترام القانون والقضاء ليأخذا مجراهما كما ينبغي إضافة لكل كلمة خير في الشارع الفلسطيني تجمع ولا تفرق وتعري المفسدين والعابثين بمقدرات الشعب الفلسطيني وهذا هو الدور المطلوب من العلماء والخطباء والوعاظ وأهل الخير والإصلاح والعقلاء من كل العائلات لطمس هذه الفتنة النائمة لعن الله من أيقظها ويحاول إشعالها لأننا حينها سنندب حظنا ونبكي أنفسنا وسنندم حيث لا مجال للندم حينها لأننا سنكون حديث الساعة، والتاريخ لن يرحمنا أو نكون حينها تحت الثرى وكما يقول المثل على نفسها جنت براقش.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات