لماذا تخشى السلطة الحوار؟

لا شك أن الحوار من سمات الإنسان الذي ميزه الله عن سائر المخلوقات ، فمن خلال العقل الذي امتاز به يستطيع أن يفكر ويحاور ويحل المعضلات التي لا شك أنها ستتفاقم مع مرور الأيام لولا الحوار بسبب النزاعات والحروب والاختلاف.
وليس الحوار بدعا في القرن الحالي أو الذي سبقه أو هو من إفرازات العولمة أو النظام الدولي الجديد أو القطب الواحد، بل هو موجود قبل أن تتكون المجموعات البشرية على الأرض، فرب العزة والجلال حاور إبليس عندما رفض السجود لآدم عليه السلام ، ونوح عليه السلام حاور قومه قرونا عديدة وكذا إبراهيم حاور النمرود وموسى حاور فرعون وعيسى حاور قومه ومحمد حاور الكفار والمشركين واليهود ، وكذا جميع الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام حاوروا أقوامهم طيلة فترة الدعوة ، ولم يقتصر الحوار على الأنبياء والمرسلين بل نجده ديدن القادة والسياسيين عل مر التاريخ عربهم وعجمهم كردهم وفرسهم ومسلميهم ومسيحييهم ويهودهم وبوذييهم وغيرهم من الملل والنحل.
ويبدو أن الأمم التي جنحت للحوار وأحسنت طرحه فازت وسادت وأما الأمم التي رفضت الحوار انتهت وبادت لأن الحضارة الإنسانية هي خلاصة الأفكار التي يؤمن بها الناس ويدافعون عنها ويحاجون بها جهارا ونهارا لأنها في النهاية لصالح البشرية ، وأما الذين يتهربون من الحوار أو يضعون العراقيل أمامه فهم الضعفاء الذين يخشون عرض بضاعتهم لأنها تخالف القيم والمبادئ والحق، فلا يحسن المحاور الدفاع عن أفكاره وأطروحاته ومواقفه لأنها بلا شك لو طرحت لهزمت ، لذا يتهربون من الحوار وحتى لو تهربوا فإنهم بلا شك خاسرون مع مرور الزمن وتنطبق عليهم القاعدة ” الأبقى للأصلح”.
والمتتبع في أيامنا هذه للمشكلة الفلسطينية، ولا سيما في مسألة الخلاف بين حركتي حماس وفتح أو بين رئاسة الحكومة ورئاسة الوزراء يجد العجب العجاب ، يجد أن حركة حماس دأبت على مناشدة الرئاسة إلى الحوار منذ اليوم الأول للحسم العسكري ومن كافة صانعي القرار في الحركة من رئيس المكتب السياسي للحركة إلى أصغر مسؤول فيها وبدون قيد أو شرط ، في الوقت الذي نجد فيه الرفض المطلق لكافة أشكال الحوار من قبل التيار المناوئ للحركة أي تيار فتح أو السلطة أو الرئاسة أو أوسلو مسميات شتى لهدف واحد هو إفشال الحوار.
لقد أحسن بعض المراقبين ظنا في الفريق الثاني وراهنوا على الحوار سيجرى بعد شهر أو شهرين وبرروا ذلك أن الضربة القاضية في غزة لا بد لها من أيام أو أسابيع حتى يتعافى المصاب من صدمته ، ولكن وبعد مرور شهرين أو أكثر نجد أن لا آمال في الأفق فيبدو أن المصارع الجبار تلقى الضربة على دماغه فلم يعد يحسن التفكير فهو يحاور من أخرجه من دياره واحتل ملعبه ومرتعه ونكل به في الوقت الذي يصر على عدم محاورة الشقيق والصديق والرفيق ويعد محاورته من الكبائر.
تشاءم بعض المحللين منذ أن رفضت السلطة الحوار مع حماس من بداية الحسم في غزة وقالوا : لقد خرج الأمر من أيديهم وليس باستطاعة أي مسؤول في السلطة حتى كبيرهم السيد محمود عباس من فتح أي حوار مع حركة حماس ، وزادوا أن السلطة لو حاورت حماس لانقطع عنها الدعم المادي والمعنوي والمباركة الأمريكية والإسرائيلية وقد اتهمناهم بالشط والتطرف وقلنا :”إن عقلاء السلطة ولا سيما رئيسها لا بد لهم من الحوار لأنه في النهاية لصالح الشعب الفلسطيني الذي عانى الأمرين على اتجاهين الاتجاه الأول هو الاحتلال الإسرائيلي ، وأما الاتجاه الثاني فهو الفلتان الأمني الذي كان مدعوما من قبل بعض لأجهزة الأمنية البائدة ، والذي لم يكن يرضي الكثيرين من عقلاء السلطة بما فيهم السيد عباس، وأنها فرصة للتخلص من العبث بمصير الناس والوطن.
يبدو أن الذين راهنوا على أن الحوار سيفتح بعد أن تهدا النفوس ويتعافى المصارع الجبار قد خسروا وخابوا لأن الأمر بالفعل قد خرج من أيدي أصحاب القرار في السلطة الذي أصبح شعارها ” لا حوار مع الحمساويين الأعداء بل الحوار مع الإسرائيليين الأصدقاء ” هل أصبحت حماس عدوة للسلطة أو الشعب الفلسطيني حتى يغلق الحوار معها ؟ وهل أصبح الصهاينة شركاء استراتيجيين للسلطة لعدو مشترك كما يحلو لبوش أن يتبنى مثل هذه الأطروحات النارية ؟
بالأمس وخلال المؤتمر الصحفي مع وزير الخارجية الياباني دقت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني يدها على الطاولة وصرحت أن فتح الحوار بين حماس والسلطة خطأ كبير !! إنها لغة شبه دبلوماسية صادرة عن وزارة الخارجية وأما ترجمتها في وزارة الدفاع أو الداخلية الإسرائيلية كما يلي ” إن فتح أي حوار بين حماس والسلطة جريمة لا تغتفر ، وإن أي مسؤول في السلطة يفكر في فتح باب الحوار فإنه يلعب بالنار !!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...