سلام فياض يسوّق نفسه دولياً لخلافة عباس

رغم أن «عملية السلام» بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي قد «ماتت»، إلا أن المسؤولين الفلسطينيين في رام الله ما زالوا يتمسكون باعتبارها كائنا حياً لا يموت أبداً، على عكس ما يؤكده الواقع الملموس، والطريق المسدود للمفاوضات، والمفاوضون من الجانبين والوسطاء، وفشل كل المعنيين بها في إنعاشها.
في الوقت الذي يشعر فيه كل الحريصين على حركة التحرر الوطني الفلسطيني بضرورة البحث عن استراتيجيات بديلة لواقع التبعية الاقتصادية والسياسية -الذي خلفته مسيرة المفاوضات العبثية الأزلية التي أصبحت غاية في حد ذاتها، ولا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي ودولته العنصرية واستراتيجيتها الثابتة التي تعتبر كل فلسطين وفي مقدمتها الحرم القدسي الشريف، جزءاً لا يتجزأ من أراضيها السيادية ومن عاصمتها الأبدية- وقع سلام فياض، رئيس وزراء سلطة الحكم الذاتي في رام الله، مع دولة الاحتلال اتفاقاً يعتبر في حد ذاته سيراً في الاتجاه المعاكس تماما للتوجه الوطني الفلسطيني العام المفترض نحو الاستقلال السياسي والاقتصادي وهو في الواقع اتفاق على تحديث التبعية الفلسطينية الاقتصادية للاحتلال ودولته عبر تحديث «بروتوكول باريس» الأداة الرئيسية لهذه التبعية. وكان من نتيجة الاتفاق رفـع ضريبـة القيمـة المضافـة إلى (15.5 %) بدلاً من (14.5 %) الحالية.
الاتفاق الذي وقعه فياض – لا يشمل قطاع غزة من الناحية العملية بحكم الانقسام الفلسطيني الراهن أولاً، وبحكم الحصار الاقتصادي الذي تفرضه دولة الاحتلال على القطاع ثانياً- لا يمكنه إلا أن يزيد في مساحة الانقسام ويوسع شقة الاختلاف والخلاف بين غزة وبين رام الله ويطيل أمد الحصار على القطاع، بحكم الأمر الواقع، بغض النظر عن حسن أو سوء نية موقع الاتفاق.
في إعرابه عن «سروره» لتوقيع الاتفاق قال فياض إنه «سوف يحسن العلاقات الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية وبين إسرائيل» وخطوة هامة في تقوية الروابط الاقتصادية بين الجانبين. لذلك «فإنني أود أن أنقل تقديري وامتناني لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو ووزير المالية الإسرائيلي شطاينتس على جهودهما للعمل نحو هذه الترتيبات الجديدة».
بالمناسبة أصدر نتانياهو بياناً جاء فيه إن هذه «الترتيبات تمثل جزءا من سياستنا المعلنة» في السلام الاقتصادي وأنها «تسهل تنفيذ الاتفاقيات السابقة في المجال الاقتصادي، وبخاصة بروتوكول باريس».
الاتحاد الأوروبي الممول الأكبر للوضع الفلسطيني تحت الاحتلال، رحب بالاتفاق في اليوم التالي لتوقيعه، في بيان مسؤولة السياسة الخارجية كاثرين آشتون، باعتباره «خطوة هامة… تحسن العلاقات الاقتصادية بين “إسرائيل” وبين السلطة الفلسطينية»، رغم أن الاتفاق الجديد يعزز التبعية الاقتصادية الفلسطينية لدولة الاحتلال ويبدو متناقضا مع الهدف المعلن للتمويل الأوروبي، ويظهر كما لو أنه ترحيب بتكريس الوضع الراهن في الضفة الغربية المحتلة.
لم يكن الاتفاق الجديد هو المؤشر الوحيد على أن فياض يسير في الاتجاه المعاكس تماماً للتوجه الوطني الفلسطيني العام نحو الاستقلال السياسي والاقتصادي، ففي ذات الوقت الذي تعلن منظمة التحرير نيتها في السعي إلى هذا الاستقلال عبر الأمم المتحدة، لم يجد رئيس الوزراء الذي جددت المنظمة تعيينه في منصبه المرة تلو الأخرى أي حرج في تكرار القول لصحيفة الواشنطن بوست في 22 يونيو الماضي: «أنا لا أحتاج إلى إعلان آخر للدولة، فنحن لدينا إعلان واحد كهذا»، في إشارة إلى إعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988 .
رغم الإجماع الفلسطيني بين طرفي الانقسام الفلسطيني على إدانة تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، ميت رومني، أثناء زيارته الأخيرة لدولة الاحتلال، عن كون القدس عاصمة أبدية لها، لم يجد فياض أيضا أي حرج في الخروج على هذا الإجماع للاجتماع معه في القدس ذاتها، بناء على طلب رومني، الذي استنكف عن زيارة الرئيس عباس في رام الله، بدلا من رفض دعوته احتجاجا على تصريحاته وعلى تجاهله لعباس.
القضية الفلسطينية لم يسبق لها أن كانت «مهمشة» كما هي اليوم، فلا شيء يحدث الآن يشير إلى أن هناك نهاية قريبة للاحتلال الإسرائيلي» وقيام دولة فلسطينية رغم أن الدكتور فياض كان منشغلا ببناء مؤسساتها طوال أكثر من عامين ، فالشعب الفلسطيني محبط، ولا يمكن إعفاء فياض من المسؤولية عن هذه الحال بعد مضي عشر سنوات تقريبا كان فيها هو الآمر الناهي، وبخاصة ماليا، والوضع الفلسطيني ليس أقل حاجة إلى التغيير والإصلاح من الأوضاع العربية، لكن فياض كرر القول في مقابلته للواشنطن بوست المشار إليها أنه «لن يبتعد» عن المشهد السياسي و«لا يستبعد» حتى ترشيح نفسه للرئاسة الفلسطينية.
صحيفة الوطن القطرية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...