بـنموذج رقم (1).. روح الطفل أبو هداف تتعلق بالحياة

في نهاية الرواق المؤدي لحجرته بالطابق الثالث في مستشفى الهلال الأحمر، يغرق الطفل محمد أبو هداف (6 سنوات) ووالده وعمه في عالم خاص ألفوه منذ أربعة شهور وشغلهم الشاغل الحصول على نموذج رقم (1).

والنموذج رقم (1) هو تقرير طبي متعارف عليه في سجل التحويلات للعلاج بالخارج للحالات الطارئة والخطرة، التي تستدعي نقل المريض للعلاج في مستشفيات الاحتلال أو غيرها.

 ما يخترق سكون الحجرة هو أنفاس محمد المتلاحقة التي تصفِّر من فتحة في وسط حنجرته وخطوات والده الذي يدخل الطعام لمعدته مستخدماً أنبوباً طبياً غليظاً يملأه بالطعام، ويبثه من فتحة في بطن ابنه الجريح.

ولازالت قصة الطفل أبو هداف تتفاعل في كثير من قنوات الاتصال ووسائل الإعلام حتى وصلت لمستويات عدة في وزارة الصحة ومكتب رئيس السلطة محمود عباس والآن هو بانتظار نموذج رقم (1) و قرار لحل مشكلته.

وكانت طائرة بدون طيار قصفت في الحرب على غزة منزل المواطن صالح أبو هداف من منطقة القرارة شرق خان يونس، ما أدى لإصابة الأب والأم وخمسة أطفال.

رغم أن المواطن صالح أبو هداف علم بقصف منزله الكائن على بعد كيلو ونصف من الحدود في الحرب، إلا أنه فضل عدم زيارته خشية على أطفاله وزوجته لكنه بدّل رأيه في الهدنة الأخيرة فذهبوا سوياً لتفقد المنزل.

عن ذلك يضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” بالقول: “مكثنا ساعة وعندما هممنا بالمغادرة قصفنا بصاروخ فحملت أصغر طفل وهو عايش 5 سنوات وعيونه جاحظة ومصاب بعموده الفقري ثم جريت 200 متر وفي الطريق رأيت شهداء ومصابين”.

كما أصيب في القصف التوأمين “محمد وأسامة” 6 سنوات ورغد 8 سنوات وريماس 3 سنوات إضافة للأب والأم لكن أشدهم خطورة كان محمد وعايش.

عندما لجأ صالح للمستشفى وهو مصاب وجد كل أطفاله في غرف العمليات وطفله عايش 5 سنوات غارق في غيبوبة استمرت بعدها 28 يوم قبل أن يصاب بشلل ثم يتعالج ويمشي على قدميه بأعجوبة –كما يقول.
 

سافر محمد مع قوافل جرحى الحرب إلى تركيا ومكث قرابة شهرين للعلاج، ثم عاد إلى غزة وقد استقرت حالته على الشلل الرباعي وتسديد حنجرته بنسبة 50% فمكث في المشفى الأوروبي ثم نقلوه لمستشفى الهلال.
 
ويعقّب أحد أطباء مستشفى الهلال الأحمر بخان يونس، والذي رفض الكشف عن اسمه، أن الطفل أبو هداف مصاب بشظايا في البطن أدت لتضرر الكبد والأمعاء والطحال وأنه نقل فور إصابته لمستشفى غزة الأوروبي وأجريت له عدة عمليات.
 
ويضيف: “حدث معه نزيف داخلي ودخل حالة سيئة وتوقف قلبه ورئتاه وأسعفوه لكن حدث نقص أكسجين لخلايا الدماغ فأصيب بشلل كامل، ثم سافر لمشافي تركيا وبعدها عاد مرة أخرى لمشفى الأوروبي ومن بعدها عاد لمشفى الهلال”.
 
بعد إجراء التأهيل للطفل أبو هداف بقيت مشكلة خطرة تتعلق بحنجرته؛ فلديه ضيق في مجرى التنفس من جراء الإصابة، والأطباء في مشفى الهلال يبقون على فتحة في حنجرته لا يستطيعون إغلاقها”.
 
ويتابع الطبيب: “حتى تغلق حنجرته أو تعالج طبياً يحتاج لعمليات معقدة غير موجودة بمشافي غزة، كما يحتاج الآن بشكل مستمر لأجهزة طبية لمساعدته على التنفس ومواصلة تأهيله”.
 

ضاعت أوراق محمد الطبية التي رفعها لوزارة الصحة وهو يطالب بنموذج رقم (1) وقد ملّ من المطالبة بتحويله للعلاج، والآن هو بانتظار رد من السيد بسام البدري مسؤول العلاج في الخارج بوزارة الصحة.
 
ويتجشم صالح تكلفة علاج محمد منذ سبعة شهور وقد زاد الأمر سوءًا بعد انتهاء التغطية المالية حيث يتابع: “أنا لا أعمل، ومحمد الآن ليس له تغطية مالية، ومضطرون لمغادرة المستشفى، وهو بحاجة لمستلزمات وأدوية يومية وطعام خاص وجهاز تبخيرة وكرسي متحرك”.
 
ويتناوب نضال مع شقيقه صالح على رعاية الطفل محمد في الفترة الصباحية، ويبدأ جدوله بفحص حنجرته وطعامه عبر فتحة البطن وتعديل وضعية رأسه حتى لا يختنق.