واشنطن وتل أبيب تتوزعان الأدوار في الحرب على العراق وفلسطين

تتقاسم الولايات المتحدة الأميركية و”إسرائيل” هذه الأيام، خطاب التهديد ضد العرب والمسلمين، وتنسقان فيما بينهما لتوجيه ضربات عسكرية للمناطق الحساسة في جسد الأمة، فكان العراق من نصيب الأساطيل والبوارج والصواريخ والطائرات الأميركية، وكانت فلسطين من حصة “إسرائيل” أرييل شارون.
ويتنافس الطرفان كما يتحفاننا يومياً بممارسات ومواقف وتصريحات في عرض العضلات في كيفية اخضاع الشعبين العراقي والفلسطيني لعملية الإبادة، فواشنطن لم تستبعد استخدام السلاح النووي ضد بغداد، وشارون هدد بمزيد من المذابح ضد الفلسطينيين، وذلك استكمالاً لما بدأه في الاربعينيات، مروراً بمجزرة صبرا وشاتيلا في الثمانينيات، وصولا إلى ما يقوم به في جنين وكل القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم ينس شارون أن يستفيد من هذا التاريخ الدموي البشع، ليجيره في الانتخابات الإسرائيلية، ليسجل نقاط فوز على مدى سنوات طويلة، بأن الحرب الدائرة في فلسطين هي استكمال لمعركة الوجود والمصير، وبالتالي فإن اللجوء إلى العنف هو الوسيلة الوحيدة لفرض السيطرة على العرب، واخضاعهم للشروط التي يمليها “شعب الله المختار”.
وطبقاً لهذا المفهوم الغريب، فوض الشارع الإسرائيلي شارون باكمال مهمته العسكرية، خاصة وأن الظروف الإقليمية والدولية تسمح له بتنفيذ خططه، فالولايات المتحدة تضع العراق في أول اهتماماتها، فهي تريد الاستيلاء على نفطه وموقعه، توطئة لاستكمال الطوق الأمني حوله وفي قلب المنطقة لصالحها، كما تريد التوسع وتهديد بقية الدول المحيطة بالعراق، بخاصة تلك التي تمتلك ثروة نفطية، وبالتالي ففلسطين آخرهمها.
وهي -أي الولايات المتحدة- لا تعير وزناً لقرارات دولية، أو نداءات إنسانية، بعد أن نجحت في تفريغ منظمة الأمم المتحدة من محتواها، وعطلت دورها، نتيجة هيمنتها عليها، وأعاقت أي دور أوروبي يمكن أن يسهم في إرساء حل منطقي وعاقل للوضع في المنطقة.
ثم إنها تنظر إلى الأنظمة العربية، على أنها مجرد تابع لنفوذها، ومن يحاول أن يخرج عن طاعتها، يمكن أن يعرض نفسه للسقوط، ولذا فإن هذا النظام خارج من أن يحسب له أي حساب، وإذا أعطي له دور فهو لقمع الشارع الذي يمكن ان يتحرك أو يحتج أو يصرخ،، لأن الصراخ في وادي الأزمة ممنوع لأنه يعكر صفو الفوز بشفط النفط والدم.
وبما أن الساحة مفتوحة لكل شهوات القتل والتدمير والاستعمار الجديد، فإن الدراسات الجديدة التي تتحفنا بها الصحافة الأميركية والغربية تشير إلى توزيع أدوار بين واشنطن وتل أبيب، ليس لتقاسم النفوذ والهيمنة على المنطقة، بل وعلى العالم أيضاً، وعليه فإن الخطط تظهر أماكن النفوذ لكل طرف، باعتبار أن كليهما ينطلق من منطلق سياسي واحد أصوله الحركة الصهيونية العالمية بشقيها المسيحي البروتستانتي واليهودي.
لذا فإنه ليس مجافياً للحقيقة ما يتردد من أن الحلف الأميركي-الصهيوني بات يشكل خطراً حقيقياً على العالم بأسره، ومنطقتنا في رأس القائمة، وعليه لا بد من إعادة النظر بأوضاع هذه الأمة قبل فوات الأوان، وهذا يتطلب منا:
أولاً: اسقاط الخوف من نفوسنا جميعاً، ومنع اليأس من التسرب إلى داخل قلوبنا وعقولنا، فنحن أمة لها تاريخ مجيد، ولديها امكانات مؤثرة إذا ما استخدمت بشكل مناسب.
ثانياً: اسقاط كل الحساسيات والخلافات الجانبية، التي ساهم البيت الأبيض وكل أجهزته الاستخباراتية والأمنية في غرسها، ليتمكن من السيطرة لأنه يصعب على أية قوة في العالم أن تضربنا دون اختراقات.
ثالثاً: استخدام كل وسائل الضغط الممكنة ضد اللوبي الأميركي اللصهيوني، سياسياً، اقتصادياً، وإعلامياً، للكف عن حربه التي يشنها ضد العرب والمسلمين.
رابعاً: سحب الأرصدة العربية، والتلويح باستخدام النفط أداة ردع.
خامساً: اعطاء الشارع فرصة للإعراب عن سخطه وغضبه تجاه ما يجري من أحداث وتطورات.
سادساً: الاستفادة من الأصدقاء والحلفاء، لتوسيع دائرة التحالف والتعاون، حتى لا تستفرد الساحة دون غيرها.
سابعاً: رفع مستوى التعبئة الداخلية على كافة المستويات، ليكون الشعب جاهزاً وقادراً على التصدي والمواجهة.
ثامناً: كشف الغطاء عن كل المتعاملين والمتساقطين والمرتزقة ليكونوا عبرة لمن اعتبر.
إننا أمام مرحلة في غاية الخطورة والحساسية، وخطوط العدوان فيها باتت مكشوفة ومعروفة، وقوى هذا العدوان لم تعد خافية على أحد، ولم يبق أمامنا سوى أن نقرر: إما أن نكون أحراراً فوق أرضنا، وإما أن نكون مجرد عبيد لدى الأميركيين والصهاينة.
نحن لم نعلن الحرب، ونرفضها فهم الذين أعلنوها، وهم الذين يسعون لتوسيعها، وما فلسطين والعراق سوى مقدمات لمزيد من الهجمات لن تستثني أحداً على الإطلاق، وما يمكن أن نقوم به ليس سوى عملية دفاع عن الذات والمقاومة، ما شرعته لنا المواثيق والأعراف الدولية، وما دعت إليه كل القرارات وكل الشرائع السماوية.
إن الدم الذي يسيل في فلسطين اليوم على يد الجيش الإسرائيلي المعزز بالأسلحة الأميركية هو خط دفاع أمامي ليس عن فلسطين ومقدساتها وتاريخها، بل عن الأمة العربية والإسلامية كلها، وكذلك فإن الهجمة المكملة ضد الشعب العراقي لن تكون سوى فاتحة الطريق إلى طهران ودمشق وبيروت وكل العواصم العربية الأخرى، وهذا ما تفصح عنه الإدارتان الأميركية والإسرائيلية دون مواربة.
إذن ماذا ننتظر؟
لا بد من اتخاذ موقف جريء وصريح، فإلى جانب مساعينا لتجنب الضربة، وإلى الدعوة للسلام، يجب أن نعرف أن اعداءنا لن يستجيبوا لكل هذه النداءات، فنحن أمام غزو ومن نوع آخر، يحاول أن يعيد ترتيب المنطقة، طبقاً لمصالحه ورغباته، ولا بد أن تكون لنا كلمة،، أو نصف كلمة تدرجنا في قائمة الاهتمامات، بدل الصمت والاهمال، واعتبارنا مجرد أرقام من كرتون.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...