عنصرية إسرائيل تجاه الأفارقة

بدايةً، فإن معظم بلدان العالم تعاني من تسلل الكثيرين بطريقة غير شرعية إليها، وغالباً هرباً من البطالة والجوع والظروف الحياتية البائسة لهؤلاء في دولهم. خيارات هذه البلدان محدودة تجاه المتسللين الأجانب فإما أن تعيدهم إلى دولهم، أو تتقبلهم فيها كلاجئين. ذلك يحدث عادةً في الأقطار الكثيرة إلاّ في “إسرائيل” حيث يواجه المتسللون الأفارقة بعنصرية شديدة وكبيرة. عنصرية بشعة وغريبة ففي تل أبيب جرت تظاهرات عنيفة ضد الأفارقة وتم نهب المتاجر التي يملكها بعضهم، وتم الاعتداء على كافة السيارات التي تقل هؤلاء.
هذه الظاهرة ليست وقتية وإنما متواصلة وسط تشجيع العديدين من السياسيين الإسرائيليين منهم وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي، الذي صرّح في مقابلة له مع الإذاعة العسكرية ” بأنه يجب حماية الطابع اليهودي لدولة إسرائيل من هؤلاء”. نتنياهو بدوره يعتبر”ظاهرة المتسللين الأفارقة مسألة خطيرة جداً وتهدد مكونات المجتمع الإسرائيلي والأمن العام والهوية الوطنية”.
من جانبها قالت ميري ريجيف العضو في الكنيست عن حزب الليكود ” إن هؤلاء الأفارقة هم سرطان يتفشى في أجسادنا “. أما نائب الكنيست داني دانون فيرى في هؤلاء ” قنبلة موقوتة في الجسد الإسرائيلي”. هذا غيض من فيض التصريحات والتصرفات العنصرية تجاه الأفارقة إلى الحد الذي وصفت فيه صحيفة “معاريف” هذه الظاهرة من خلال القول “هذا الغضب والعنف ومعاداة الأجانب مسألة خطيرة جداً”، وقد وصف أحد معلقي الإذاعة الإسرائيلية ما حصل “بالمذبحة”.
بالطبع العنصرية الإسرائيلية موجودة تجاه الأغيار” كل من هم غير يهود” وحتى تجاه اليهود إذا كانوا من إفريقيا أو من الدول العربية أو البلدان الشرقية، هذه المسألة يعرفها القاصي والداني. كلنا يذكر الاحتجاجات الكبيرة في تل أبيب والمظاهرات العنيفة في “إسرائيل” ضد هجرة اليهود الفالاشا إليها، ونذكر أن بنك الدم الإسرائيلي أتلف عينات الدم التي تبرع بها بعض الأفارقة لبنك الدم الإسرائيلي وذلك تحت ذريعة “احتمال تلوثها بفيروسات الإيدز” وكأن مختبرات الدم الإسرائيلية غير قادرة بل عاجزة عن معرفة احتواء الدم للفيروسات. ما جرى إبّانها وصفه مراقبون عديدون بالعنصرية المتفشية في “إسرائيل” تجاه السود حتى لو كانوا يهوداً.
لا نستغرب مظاهر العداء والعنصرية المتفشية في “إسرائيل” للأفارقة ف”إسرائيل” هي إحدى الدول القليلة في العالم التي وقفت إلى جانب النظام العنصري المدحور في جنوب إفريقيا ونسجت معه أفضل العلاقات الاقتصادية والتجارية (وأهمها تجاه الماس) والعسكرية، فقد ساعدت جنوب إفريقيا العنصرية بأحدث ما كانت تنتجه المصانع العسكرية الإسرائيلية من أسلحة لقمع السود الجنوب إفريقيين، كما أمدّت النظام العنصري بخبراء إسرائيليين عسكريين لقمع الثورة التي كان يحمل لواءها حزب المؤتمر الوطني الجنوب إفريقي بزعامة الثائر نيلسون منديلا.
“إسرائيل” امتلكت أفضل العلاقات آنذاك مع النظام العنصري فيما كانت تسمى بـ”روديسيا” وهي من الذين أيدّوا انقلاب الدكتاتور بينوشيت على الرئيس الشرعي المنتخب في تشيلي سلفادور الليندي. هذا غيض من فيض التأييد الإسرائيلي للأنظمة العنصرية والدكتاتورية على صعيد العالم.
من زاوية ثانية، فإن “إسرائيل” هي التمثيل العضوي الحي للحركة الصهيونية، وعلينا ألا ننسى قرار الأمم المتحدة رقم 3379 الذي كانت قد اتخذته في العاشر من نوفمبر 1975، في دورتها الثلاثين ” باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”. ولخطورة هذا القرار فبعد انهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية مباشرة وبروز عالم القطب الواحد بزعامة الولايات المتحدة الأميركية الحليفة الاستراتيجية ل”إسرائيل” تمثّل الهم الأميركي – الإسرائيلي – الغربي بضرورة إلغاء هذا القرار، وبالفعل تم الإلغاء، ولم يسبق في تاريخ الأمم المتحدة لا السابق ولا الحالي أن قامت بإلغاء قرار اتخذته سابقاً، سوى القرار المتعلق بإدانة الصهيونية!.
ندرك أيضاً العنصرية تجاه أهلنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 والتي ترجمتها “إسرائيل” في قوانين عنصرية كثيرة رافقت ولادة الدولة الصهيونية مباشرة، واستمرت بين العام والآخر وصولاً إلى العام السابق 2011 وبداية العام الحالي 2012، حيث سنّت الكنيست أكبر عدد من القرارات العنصرية تجاه شعبنا في الوقت المذكور، ولا يزال حتى اللحظة العديد من مشاريع القرارات العنصرية في طور الإقرار النهائي.
هذه هي الصهيونية، وهذا هو تعبيرها الحي (الدولة الإسرائيلية) التي تمتلك نقابة أطبائها قانونين (تصوروا!!) أحدهما بالعبرية وآخر بالإنجليزية مختلف تماماً عن الأول ولا تظهر فيه القوانين العنصرية وبخاصة حول منع معالجة غير اليهود في أيام السبت وغيرها من المظاهر العنصرية، فهل نستغرب العنصرية الإسرائيلية تجاه الأفارقة؟ بالطبع لا. ف”إسرائيل” دولة عنصرية من رأسها حتى أخمص قدميها.
كاتب فلسطيني
صحيفة الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...