أحداث نهر البارد أثارت أسئلة مصيرية حول الوجود الفلسطيني في لبنان


وتطرّق مرة، في حوار مع “المركز الفلسطيني للإعلام”، إلى مواقف الأطراف الفلسطينية واللبنانية من أزمة مخيم “نهر البارد”، والمخاطر التي تلوح في الأفق جراء هذه الأزمة.
كما تناول رأفت مرة، في الحوار، مسألة سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان، على ضوء الموقف الراهن الذي أفضت إليه أزمة “نهر البارد”، مؤكداً في هذا الصدد “نحن الفلسطينيبن في لبنان نعتبر سلاحنا جزءاً من وجودنا وهويتنا، وهذا السلاح نستخدمه أداة ضد الاحتلال الصهيوني، ونرفض توظيف هذا السلاح في أي مسألة لبنانية داخلية، ولانقبل أن يتحوّل هذا السلاح الی أي طرف لبناني داخلي مهما كان هذا الطرف”.
وفي ما يلي نص الحوار الذي أجراه “المركز الفلسطيني للإعلام”، مع رأفت مرة، المسؤول الإعلامي لحركة “حماس” في لبنان.
تأثيرات الأزمة على الأرض
ـ الآن كيف وضع مخيم “نهر البارد” بعد هذه المدة الطويلة من القصف والمواجهات؟
مرة: الصراع مستمر منذ حوالي شهرين وأكثر، المخيم يتعرض لقصف كثيف من قبل الجيش اللبناني. نسبة التدمير في المخيم زادت عن تسعين في المائة وحوالي أربعين ألفاً من أهالی المخيم نزحوا عنه، ولم تبقَ في المخيم إلاّ عائلات جماعة فتح الإسلام فقط. المستشفيات دُمِّرت، المدارس دُمِّرت، والمراكز التجارية دًُمِّرت، ودُمِّر جزء كبير من المساجد، والمساكن غير صالحة للسكن. أقول باختصار إنّ ما حصل في المخيم هو نكبة فعلية وحقيقية.
ـ وماذا عن الأوضاع الإنسانية لمن تبقى في مخيم نهر البارد، ولأولئك النازحين منه؟
مرة: بقي في المخيم بضع مئات قليلة جداً، وهم يحصلون علی المياه والطعام بطريقة صعبة للغاية، ولا توجد مستلزمات الاستشفاء للمعالجة الطبية، والكهرباء مقطوعة منذ اليوم الأول للأزمة. أما الأزمة الأكبر فهي التي أصابت النازحين الذين خرجوا من المخيم، فهؤلاء عددهم أربعون ألف شخص أقاموا في المدارس وفي المساجد وفي المراكز الرياضية، وخرجوا بدون ثياب غير التي يرتدونها، وبدون أموال، وبعضهم خرج حتی بدون الأوراق الثبوتية، أي البطاقات الشخصية، هؤلاء فقدوا كل ما يملكون لأنّ منازلهم ومحلاتهم التجارية دُمِّرت بالكامل، ومن ثم لا يملكون أموالاً ينفقون بها علی أنفسهم، الآن أصبح هناك خوف كبير على هؤلاء، وهذا الخوف يتعلّق بمستقبلهم ومصيرهم .
ـ هل ثمة خطة لدى الجهات المعنية لإسكان هؤلاء النازحين؟
مرة: هؤلاء النازحون يطالبون بالعودة السريعة إلی المخيم حتی علی الأنقاض، وهم مستعدون لأن يبدؤوا بإعمار منازلهم والمخيم، ولكنّ السلطة اللبنانية تمتنع الآن عن إعطاء جواب واضح حول مسألة الإعمار، وهذا الأمر يثير شكوك أهالی المخيم والقوی الفلسطينية والشعب الفلسطيني في لبنان. نحن نتخوّف من أن تطول الأزمة وأن تبدأ بعض الجهات الدولية ببناء مساكن بديلة لهؤلاء في أماكن متفرقة، وبالتالي نكون فقدنا المخيم وفقدنا الترابط الفلسطيني الأساسي.
مواقف الأطراف الفلسطينية في لبنان
ـ كيف وجدتم دور القوی والفصائل الفلسطينية لإنهاء الأزمة بين الجيش اللبناني و”فتح الإسلام”؟
مرة: الموقف الفلسطيني في لبنان انقسم الی محورين؛ محور تمثله فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ويحاول استغلال أزمة مخيم نهر البارد لأجل توظيف هذه الأزمة لخدمة مشاريع سياسية وأمنية ومالية خاصة بهذه الفئة. والمحور الآخر تقوده حركة حماس وتحالف القوی الفلسطينية، هذا المحور سعی منذ البداية الی إيجاد حلّ للأزمة وأعلن عن استنكاره لاعتداء جماعة “فتح الإسلام” علی الجيش اللبناني، لكنه في الوقت نفسه أعلن رفضه الخيار العسكری لهذه الأزمة، وهذا المحور طالب بحل سياسي لأزمة نهر البارد وأعلن عن تصوّر يقوم علی وقف إطلاق نار وإدخال قوات أمنية للفصل بين الجيش اللبناني وجماعة “فتح الإسلام”، وعودة النازحين، ومن ثم اختفاء جماعة فتح الإسلام عن الأنظار وتفكيكها. لكنّ هذا التصور جوبه برفض “فتح الإسلام” الذين رفضوا تسليم أي عنصر من عناصرهم، وجوبه برفض الجيش اللبناني الذي تمسّك بضرورة تسليم العناصر التي ارتكبت الاعتداء علی الجيش اللبناني.
ـ هل نستطيع أن نعتبر ما حصل ويحصل في نهر البارد هو جزء من المشروع الأمريكي بنشر الفوضی الخلافة في المنطقة كما أعلنت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية غونداليزا رايس؟
مرة: لا نستبعد أن يكون ذلك جزءاً من الفوضی الخلاقة، لأنّ الولايات المتحدة الأمريكية اليوم تعادي كل القوی المقاومة، وتعادي الجهات التي تتبنی المقاومة وترفض الدخول في المحور الأمريكي. لذلك قد يكون من أهداف ما جری في مخيم نهرالبارد التشويش علی الوضع الداخلي اللبناني، بحيث يتم الإضرار بالسلاح الفلسطيني بلبنان والإضرار بسلاح حزب الله في لبنان والتشويش علی الدور السوري في المنطقة. باعتقادي أنّ ما حصل في نهر البارد هو أزمة تحاول أطراف كثيرة أن تستفيد منها لمصالحها الخاصة.
آفاق المستقبل
ـ ما هو تأثير هذه الأحداث علی مستقبل التواجد الفلسطيني في لبنان؟
مرة: هذه الأحداث المؤسفة فتحت المجال لأسئلة كبری ومصيرية حول الوجود الفلسطيني في لبنان، الآن الحكومة اللبنانية تقول إنها لا تسمح لإعادة إعمار المخيم بالشكل الذي كان عليه، وتقول السلطات اللبنانية إنها لن تسمح بوجود الأسلحة داخل هذا المخيم. هناك مخاوف لدينا كفلسطينيين من بقاء أهالی نهر البارد خارج هذا المخيم، ومن محاولة استخدام هذه الأزمة لفرض مشاريع توطين أو تهجير أو إسقاط حق العودة، أو علی الأقل من أجل فتح المجال أمام أزمات أخری في مخيمات أخری يكون مصيرها مثل مصير مخيم نهر البارد. ولولا تصرّف العقلاء في المجتمعين الفلسطيني واللبناني لكانت هناك بعض أطراف لبنانية جرّتنا كفلسطينيين وكلبنانيين إلی أزمات جديدة إضافة إلی أزمة نهر البارد.
ـ هناك من تحدّث عن احتمالات تكرار سيناريو “نهر البارد” في مخيمات أخرى، وبالأخض عين الحلوة بالجنوب، ما تعليقك على ذلك؟
مرة: أولاً، ليس من مصلحة الفلسطينيين تكرار هذا السيناريو في أي مخيم آخر، لأنّ هذا سيجلب الدمار للمخيمات ويؤدی إلی تهجير أهله. ثانياً، هناك أطراف لبنانية تسعی إلی هذا وتحاول يومياً أن تخلق توترات في أماكن مختلفة، لكن هناك أطراف فلسطينية ولبنانية واعية تعمل لتطويق الأحداث وإطفاء النيران. ونحن قلنا منذ البداية؛ إنه يجب التحرك بشكل سريع وفاعل من أجل تطويق أزمة نهرالبارد ومحاصرتها، وحلها بالسرعة المطلوبة.
ـ كيف وجدت مواقف القوی اللبنانية من لجوء الجيش إلی الخيار العسكري؟
مرة: بعض القوی اللبنانية شجّعت الجيش علی هذا الخيار، وبعض القوی اللبنانية عملت من أجل توريط الجيش اللبناني في هذا الخيار، وبعض القوی اللبنانية استخدمت أزمة نهر البارد كعنوان من أجل توظيف هذه الأزمة ضد سورية وضد قضايا إقليمية كثيرة. لكن نحن نقول إنّ هناك مصالح لبنانية وفلسطينية كثيرة تقتضي منا جمعياً أن ننظر بالحكمة والموضوعية لكل هذه الأحداث، وأن نعالج أية أزمة تحصل بحوار وبشكل عقلاني.
سلاح المخيمات
ـ وماذا عن سلاح المخيمات؟
مرة: نحن الفلسطينيبن في لبنان نعتبر سلاحنا جزءاً من وجودنا وهويتنا، وهذا السلاح نستخدمه أداة ضد الاحتلال الصهيوني، ونرفض توظيف هذا السلاح في أي مسألة لبنانية داخلية، ولانقبل أن يتحوّل هذا السلاح الی أي طرف لبناني داخلي مهما كان هذا الطرف، لذلك نحن نحافظ علی هذا السلاح حتی نحمي مخيماتنا من الاحتلال الصهيوني ونحمي وجودنا ونحمي حق العودة ونرفض التوطين.
ـ ولكن كيف تردّ على من يقول إنّ الاحتلال الصهيوني خرج من لبنان منذ سنوات بما ينفي حسب تصوّر هذا الفريق الحاجة إلی هذا السلاح؟
مرة: لا تنسَ أنّ الجيش الصهيوني نفّذ العام الماضي هجمة كبيرة وواسعة علی لبنان، وكانت تعرضت مخيمات فلسطينية لهذا الاعتداء حيث قٌصفت أطراف مخيم البرج الشمالي وقُصف مخيم عين الحلوة وقُصفت أطراف مخيم نهرالبارد، وبالتالي سقط منا مجموعة من الشهداء. ونحن نعتبر أننا مستهدفون من العدو الصهيوني في كل وقت وبكل الوسائل.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...