لأنه وعد بلفور هي معركة أمّة

لو كان احتلال فلسطين بجهد صهيوني فقط لربّما أمكن الحديث عن مواجهة مع الصهيونية محصورة بالفلسطينيين، وقواهم الذاتية. لكن، ولأنه كان هناك وعد بلفور، كتطبيق لطموح ومشروع غربي، فإن المعركة أصبحت بين مشروع استعماري غربي ومشروع أمّة تريد قيامة حضارتها من جديد.
من المعروف والثابت تاريخياً أن وعد بلفور سبقته وعود غربية كثيرة، ودعوات لهجرة اليهود إلى فلسطين، أشهرها على الإطلاق دعوة نابليون بونابرت عام 1799 يهود العالم للاستيطان بفلسطين، وتكمن هذه الأهمية في أنها ترافقت مع وصول نابليون إلى أسوار عكا، أي أصبح متاحاً عملياً تطبيق هذه الهجرة. وإن كان جزء من هذه الدعوات مرتبطاً بتأثر بعض مطلقيها بالتوراة، كما يصف الرئيس الإسرائيلي الأول حاييم وايزمان دوافع رئيس الوزراء البريطاني لويد جورج، إلا أن كل تلك الدعوات رأت أن زرع كيان في وسط المنطقة، يفيد المصالح الاستعمارية من عدة وجوه.
فقد رأى العالم الغربي أن وجود مثل هكذا كيان يفصل مصر عن بلاد الشام، ويُفشل أية فكرة وحدوية بين العرب والمسلمين. خاصة وأن صدّ الحملات الصليبية وطرد المغول من بلاد الشام، كان من خلال جيوش مسلمة انطلقت من مصر. فاختيار موقع فلسطين لم يكن عبثاً. كما أن وجود هذا الكيان، قد يخفف أعباء استعمارية عن الغرب في منطقة لا يمكن الاستغناء عنها أبداً، إن كان لأسباب حضارية، أو لأسباب اقتصادية مثل وجود ممرات مائية دولية أو مع اكتشاف البترول في المنطقة خلال القرن العشرين.
فوعد بلفور لم يكن وعداً بريطانياً فقط، بل هو التزام غربي كامل. فخلال تنفيذ خطة “دالت” لتهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم، كان لا يتوقف إرسال السفن المحملة بالأسلحة التشيكية لعصابات الهاجاناه، بدعم وتمويل من الاتحاد السوفياتي الذي كان أول من اعترف بالكيان الصهيوني، تلته الولايات المتحدة. وظلّت بريطانيا الداعم الأول لهذا الكيان في نشأته الأولى، ثم أخذت مكانها فرنسا بعد عام 1956، ليكون لها اليد الطولى في مساعدة الكيان الصهيوني في صناعة القنبلة النووية، ومدّه بالسلاح والعتاد، أبرزها طائرات الميراج الذي كان لها دور حاسم في نكسة عام 67. وبعد ذلك تعمّقت العلاقات الأميركية الإسرائيلية لتتجاوز المساعدات التي قدّمتها الولايات المتحدة للكيان الصهيوني أكثر من 130 مليار دولار.
خلاصة القول، إن (إسرائيل) تحظى بعناية ومساندة ورعاية الدول الغربية، مهما بلغت الفروقات الأيديولوجية والسياسية فيما بين هذه الدول، كما أن وعد بلفور لم يكن وعداً بريطانياً فقط، لأن تنفيذه تولته معظم الدول الغربية. لذلك فإن مواجهة هذا الكيان هي مواجهة للمشروع الاستعماري الغربي بأكمله، ومن هنا فإن تحشيد الأمة في هذه المعركة لا يجب الاختلاف حول أهميته.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...