في الضفة.. حلم الثراء يبدأ من مكبات النفايات

دأب المواطن محمد موسى على جمع الحديد والنحاس من مكبات النفايات في جنين شمال الضفة الغربية لبيعها أملا في توفير مصدر دخل له يقيت من خلالها عائلته بعدما أقامت سلطات الاحتلال جدار الفصل العنصري عام 2003 ومنع من دخول أراضي 48، أسوة بقطاع لا يستهان به في الضفة الغربية بات يعمل في ذات المجال.

ويشير محمد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إلى رضاه عن الدخل الوفير الذي يحصل عليه في هذه المهنة، وهو ما عبر عنه أيضا المواطن أبو عمر الكيلاني الذي يجول بمركبته متنقلا بين الشوارع والأزقة في البلدات المختلفة لشراء مخلفات الأدوات الكهربائية والأثاث وغيرها من الحديد والبلاستيك والنحاس.

ولأنه العمل في جمع الخردة في شمال الضفة ما زال يأخذ الطابع الفردي والبدائي، فإنه قفز قفزات نوعية جنوب الضفة الغربية حتى غدا مصدرا للإثراء والدخل للآلاف، وعملا صناعيا ممأسسا إلى حد كبير، إذ لا يكتفى بنبش الخردة من مكبات محلية بل يتم استيراد كميات ضخمة منه من داخل أراضي 48 وفصلها ثم بيعها لمصانع الحديد والبلاستيك والنحاس وغيرها.

وتعتبر قرية إذنا جنوبي الخليل مقر تجارة الخردة الرئيسي في الضفة الغربية، ويوجد بها عشرات المنشآت الكبيرة التي تعمل بصفقات وكميات ضخمة من نفايات وخردوات  الحديد والنحاس والبلاستيك، وتقوم بعملية فصلها تمهيدا لبيعها للمصانع، حيث تقدر تجارة الخردة في بلدة إذنا لوحدها بنحو ” مليار” شيقل سنويا – أي نحو 250 مليون دولار.

وتشير بيانات  إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن أهم السلع الصادرة من فلسطين كانت أحجار البناء (بنسبة 29%)؛ يليها خردة الحديد بنسبة 18% من إجمالي قيمة الصادرات لعام 2011م مما يؤكد على أهمية هذا القطاع.

بؤر تجميع بكل المحافظات

وتنتشر بؤر تجميع الخردة في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تتركز  في إذنا، ودير سامت، وبيت عوا في محافظة الخليل وهي الأضخم، وفي منطقة قصر الهوى بين قرية ارطاس وبيت لحم في محافظة بيت لحم، وفي منطقة المشتل مدخل بلدة العيزرية، وفي منطقة البستان، وفي طريق وادي النار في محافظة القدس، وفي منطقة كتف الواد  قرب الشارع الالتفافي في محافظة أريحا.

وكذلك في المنطقة الصناعية في البيرة في محافظة رام الله والبيرة، ومنطقة الدوير في محافظة سلفيت، وفي المنطقة الصناعية قرب مخيم عسكر الجديد في محافظة نابلس، وفي وادي دعوق، والمنطقة الصناعية في شارع الناصرة في محافظة جنين.

كما يوجد تجمع قرب  مخيم طولكرم،  وفي قرية ارتاح في محافظة طولكرم، وفي شارع نابلس صوفين في محافظة قلقيلية.

وتعتبر طوباس المحافظة الوحيدة التي لا يوجد فيها مجمعات للخردة، حيث تنقل الخردة منها إلى منطقة عسكر في محافظة نابلس.

وأما في قطاع غزة فتنتشر بعض التجمعات للخردة في  بعض المحافظات في قطاع غزة، وتشكل مصدر دخل لعديد أسر كما الضفة.

مخاطر وانتهاكات

ولا تبعث مهنة جمع الخردة وتدويرها على الارتياح لدى أوساط عديدة، سيما البيئية والصحية منها، حيث يتم استغلال الأطفال الذي يعملون في الجمع والذين يبحثون عن قليل من المال، ولكن كثيرين يلومون الحكومة لعدم تنظيم العمل في هذا القطاع بدل تركه عشوائيا.

يقول الباحث الاجتماعي ناصر عز الدين لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” إن الأطفال يعملون بكثرة في هذه المهنة، والمشكلة أنهم  ينقبون في أماكن تجمع النفايات الموبوءة أحيانا، مما يجعلهم عرضة للأمراض، وكذلك، فإنهم يتعرضون للاستغلال والنصب من قبل بعض التجار لحداثة عمرهم.

ويحذر الطبيب محمد عتيق في تصريحات للمركز من أن معدلات الإصابة بأمراض مثل السرطان وأمراض الجهاز التنفسي على وجه التحديد، وكذلك بعض الأمراض الجلدية ترتفع لدى العاملين في هذه المهنة، وكذلك لدى القاطنين في أماكن قريبة من المكبات التي يتم فيها عملية حرق النفايات لاستخراج النحاس منها، ومن ذلك انتشار السرطان في قرى جنوب الخليل.

وأضاف: مجمعات الخردة ممنوعة لأسباب بيئية وصحية لدى الكيان الصهيوني، لذلك يتم تصدير مخلفاتها للمكبات الفلسطينية، مستغلين حاجة الناس، فيشتريها التجار ثم تباع بعض فصلها لمصانعهم، فنتحمل نحن الأضرار والمكاره الصحية وهو ما يستوجب ضبط هذا القطاع.