الخميس 23/مايو/2024

2016.. المقاومة والزمن معركة إعداد لا تتوقف

2016.. المقاومة والزمن معركة إعداد لا تتوقف

لا يجد المقاوم الشاب “م” متسعاً من الوقت يسمح له بممارسة حياته بشكل اعتيادي، فهو يعمل في إحدى المؤسسات في قطاع غزة، وما يلبث أن يعود إلى زوجته وأطفاله فيتناول طعام الغداء معهم فقط، ثم ينطلق إلى حيث باطن الأرض ليواصل مسيرة العمل الجهادي برفقة الآلاف من رفاقه.

يقول المقاوم “م” لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، “لا أجد لدي متسعاً من الوقت لأمارس كثيرا من أنشطة الحياة، ولكني أستمتع بنشاطي الأبرز وهو المضي في حفر الأنفاق، حيث لا نشعر بالأمان والطمأنينة إلا هناك”.

حال الشاب “م” ليس حالة نادرة أو شاذة، بل هو نموذج لحال الآلاف من الشباب الذين يعملون مع المقاومة الفلسطينية في “معركة الإعداد”، لينتهي نهارهم أو يبدأ في باطن الأرض، فلا يتوقفون عن العمل لحظة واحدة.

وهو ما كان عليه حال الشهيد إسماعيل شمالي، والذي ارتقى شهيداً إثر انهيار أحد الأنفاق عليه بصحبة رفيقه رامي العرعير، حيث كان شمالي يعمل مدرساً للتربية الدينية نهاراً، ويواصل دراسة الماجستير من جهة أخرى، ويتفرغ في ساعات الليل لحفر الأنفاق.

ويسابق آلاف المقاومين في أنحاء قطاع غزة، الزمن من أجل التقدم أكثر فأكثر في حفر أنفاق المقاومة التي باتت أبرز عناوين المواجهة بين المقاومة والاحتلال، فيعمل هؤلاء المقاتلون على مدار الساعة دون كللٍ أو ملل لحفر المزيد من الأنفاق استعداداً للمواجهة القادمة مع العدو الصهيوني.

وتَظهر الوقائع أن التخصصات العاملة في كتائب القسام كافة تشارك في حفر الأنفاق على مدار الساعة، وهو ما يؤكده ارتقاء الشهيدين إسماعيل شمالي، ورامي العرعير، واللذين يعملان في تخصص المدفعية التابع للكتائب، إلا أنّهم يشاركون في حفر الأنفاق والتي استشهدوا أثناء العمل بداخلها.

وقال فتحي حماد القيادي في حركة حماس، خلال تشييع الشهيدين العرعير وشمالي، إنّ “جهاد الإعداد لدى كتائب القسام لا يتوقف، وهي تزداد قوة يوماً بعد يوم”.

إعداد لا يتوقف
ووفق المعطيات الميدانية، فإن المقاومة الفلسطينية لا تتوقف عن التقدم وتطوير كل ما لديها من إمكانيات وصولاً لمواجهة تنقلب فيها معادلة انتصار الاحتلال والتي بدأت ملامحها في الحرب الأخيرة عام 2014 (العصف المأكول).

وتسارع المقاومة الخطى في تطوير قدراتها البشرية والمادية، حيث تعمل باستمرار على تنشيط الدورات بأنواعها كافة، كالفنون القتالية، والقنص، واقتحام المواقع.

وتتكون كتائب القسام من ألوية وكتائب وسرايا وفصائل ومجموعات، وأصبح لديها وحدات متخصصة، مثل وحدة الكوماندوز (النخبة)، ووحدة المضاد للدروع (الدروع)، وحدة الهندسة، ووحدة الدفاع الجوي، ووحدة المدفعية، ووحدة القنص، ووحدة الاستشهاديين، ووحدة الإسناد، ووحدة الكمائن.

 وفي عام 2014 أعلنت الكتائب عن أول عملية لوحدة الضفادع البشرية (الكوماندوز البحري) أثناء صد العدوان الصهيوني على غزة، كما أعلنت في عام 2015 عن وحدة جديدة باسم وحدة الظل.

وكان عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” محمود الزهار، قد أعلن في وقتٍ سابق، أنّ كتائب القسام تجاوزت مسمى الكتائب ليصبح جيشاً للتحرير.

22 شهيدا
وتستمر كتائب القسام بما تطلق عليه “جهاد الإعداد”، حيث قال أبو عبيدة الناطق باسم القسام عقب تشييع شهيدين من القسام قضيا إثر انهيار نفق للمقاومة، إنّ “معركة الإعداد طويلة ومستمرة ومتصاعدة، يقودها رجال آمنوا بربهم، وعرفوا طريقهم وتسلحوا بالإرادة”.

وبارتقاء الشهيدين شمالي والعرعير، تؤكد كتائب القسام في إحصائية محدثةٍ لها، أنّ 22 مقاتلا من أبنائها ارتقوا في مهمات جهادية في عام 2016، وذلك خلال حفرهم للأنفاق.

وقال الناطق باسم “القسام” إنّ “رجال الأنفاق جنود مجهولون، يرسمون ملامح النصر القادم بجهد وصمت، وتحتضنهم أرض فلسطين الطاهرة، وتحلق أرواحهم في سماء المجد” وفق تعبيره.

هاجس الاحتلال
وتمثل استعدادات القسام والمقاومة، هاجسا للاحتلال الصهيوني الذي أعلن عن انسحابه من قطاع غزة عام 2005 نتيجة عمليات المقاومة؛ ولا سيما عمليات التفجير عبر الأنفاق والاقتحام، كما حدث في موقع معبر رفح العسكري، وقبلها المطاحن، وعلى حدود رفح.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إنّ “الأنفاق أثبتت وباعتراف الاحتلال أنّها المشكلة الأبرز التي عجز ولا زال الاحتلال يعجز عن إيجاد الحل المناسب لها رغم خطورتها”.

وكان رئيس أركان جيش الاحتلال غادي إيزنكوت، قد أفاد بأن المنظومة العسكرية الصهيونية استثمرت حوالي 1.2 مليار شيكل (300 مليون دولار)، للعثور على حل ينهي تهديدات الأنفاق.

وحسب تقديرات لوزارة الحرب الصهيونية؛ فهناك حاجة لمبلغ 2.7 مليار شيكل أخرى (700 مليون دولار) تخصّص لغايات إقامة جدار وعائق أرضي يسد الطريق بشكل فاعل أمام الأنفاق على حدود غزة.

تجارب الصواريخ
وتتهم “إسرائيل” بين الفينة والأخرى، كتائب القسام بإجراء تجارب صاروخية في بحر غزة، مما يؤكد أنّها مستمرة في تصنيع وتجهيز الصواريخ للمعركة القادمة.

وفي مراتٍ عدة أكّدت المنظومة الأمنية الصهيونية، أن كتائب القسام تجري تجارب على تطوير صاروخ (M75) محلي الصنع، وذو الرأس التفجيري الكبير، والذي يستطيع الوصول إلى منطقة (غوش دان) في الكيان الصهيوني، في عرض البحر.

وفي هذا الإطار يقول الكاتب إبراهيم المدهون لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إنّ “الاحتلال بات يدرك أن حماس لا تتردد في خوض أي معركة معه مهما كانت النتيجة، وإن قوتها العسكرية نجت من التورط بصراعات المنطقة وتعقيداتها الإقليمية، ولهذا يحمل الجيش سلوك حماس المتواصل في الإعداد والتجهيز على محمل الجد”.

وأثناء معركة “العصف المأكول” كشفت كتائب القسام عن فيديو لمجاهدين من الكتائب يواصلون تصنيع الصواريخ رغم ضراوة المعركة التي كانت تدور رحاها فوق الأرض وتحتها.

“لا أعتقد أنّ تكون أهداف القسام من إطلاق الصواريخ التجريبية مجرد استعراض إعلامي” يقول المدهون، ليؤكّد أنّها تأتي في إطار نية القسام لتطوير هذه الصواريخ واعتمادها بشكل أساسي في معاركها مع العدو.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات