عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

قنبلة محمود عباس في وجه المصالحة الفلسطينية

إبراهيم الدراوي

جاء تهديد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة في 24 يناير المقبل، وإصدار مرسوم الانتخابات نهاية الشهر الجاري، بمثابة طعنة للجهود المصرية الرامية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وفتح الباب أمام تفجير ملف المصالحة الفلسطينية، حتي مع محاولة أبومازن الإيحاء بتأييد القاهرة للاتجاه الذي يتبناه، عبر تراجعها عن الموعد الذي حددته الورقة المصرية 28 يونيو 2010 للانتخابات.  

فالقاهرة استقرت عبر المرحلة الأخيرة من جولات الحوار إلي أن موعد إجراء الانتخابات في يناير لن يكون مناسبا، لأن المؤسسات الفلسطينية لن يكون لديها الوقت الكافي للاستعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية، لذا دعت القاهرة لأن تكون الانتخابات في الأسبوع الأخير من شهر يونيو المقبل.

ومن يتابع المشهد السياسي الفلسطيني يقف علي حقيقة مهمة وهي أن حركة فتح باتت تضع العديد من الشروط لعرقلة المصالحة، الأمر الذي يزيد من مخاوف حماس بشأن ضمانات فترة ما بعد المصالحة، خاصة بعد ما أعلنه محمد دحلان، وإعادة إنتاج الاتهامات القديمة لحماس، ثم الخطاب الذي أرسله أبو مازن مع عزام الاحمد عضو وفد الحركة في المفاوضات.

وكشفت حركة حماس عن خطاب أرسله الرئيس محمود عباس مع عزام الأحمد، وأن مضمون هذا الخطاب هو الذي أثار من جديد مخاوف الحركة وجعلها تطالب بتوافر ضمانات لإنجاح المصالحة بعد التوقيع علي الوثيقة المصرية، خاصة أن عباس ركز في خطابه علي ثلاث قضايا رئيسية، وضعها كشروط للموافقة علي الوثيقة المصرية:

> ضرورة ألا يتعارض أي اتفاق مع القانون الأساسي الفلسطيني الدستور والاتفاقات التي وقعتها السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية.

> عدم تكرار ما حدث عقب توقيع اتفاق مكة، وأن تكون توجهات الحكومة المقبلة متوافقا مع الالتزامات الدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أي الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن المقاومة

> ربط موعد إجراء الانتخابات بموافقة حماس علي الشروط السابقة، وإلا تمت الدعوة إلي انتخابات رئاسية وتشريعية في يناير المقبل، وسط تأكيدات منه بأنه لن ينتظر إلى الأبد حتى تتحقق المصالحة، وأنه سيكون بريئاً تماما من أي اتهامات توجه إليه بإفشال المصالحة.

وكشفت المصادر عن حقيقة ما تم الاتفاق عليه في القاهرة فيما يتعلق باللجنة الفصائلية العليا، وقالت إن ما تم الاتفاق عليه هو أن يصدر بها مرسوم من الرئيس محمود عباس لكن ما جاء في الوثيقة المصرية يقول إن محمود عباس هو المرجعية العليا للجنة الفصائلية، الأمر الذي يجعله في سلطة أعلى من جميع الفصائل رغم أنه طرف في النزاع، كما تقول حماس.

وهنا لا بد من الاشارة الي أن التحفظات علي الورقة المصرية لا تقف خلفها حركة حماس فقط، حيث أبدت العديد من الحركات والفصائل الفلسطينية تحفظاتها على بعض ما جاء في الورقة المصرية، حيث أوردت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعض التحفظات علي الورقة المصرية، لاسيما ما يتعلق بقضية حق عودة اللاجئين وغموض موقف الورقة حول المقاومة.. أما الجبهة الديمقراطية، فقد أبدت أربع ملاحظات، وقالت إنها ستسلم هذه الملاحظات، عند تلقيها نص الورقة المصرية بشكل رسمي من القاهرة، ودعت الجبهة الديمقراطية الي عقد حوار موسع بين قادة الفصائل لصياغة الورقة النهائية تمهيدا لإدخال ملاحظات عليها.

كما عبرت حركة الجهاد الاسلامي عن تخوفها من النص الذي جاء في الوثيقة المصرية، الذي يحظر وجود ميليشيات أو قوات خارج الاجهزة الأمنية الرسمية، وقالت إنها لن تتخلى عن جناحها العسكري كتائب سرايا القدس، خاصة أن الاراضي الفلسطينية لا تزال محتلة وأن أي اتفاق لابد أن ينص صراحة على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة.

من جانبه استنكر الدكتور أحمد يوسف المستشار السياسي لرئيس الحكومة الفلسطينية المقالة تهديدات الرئيس محمود عباس بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 24 يناير المقبل، مؤكدا أن عباس سيرتكب خطأ كبيراً بالاستمرار في هذا النهج، ممثلا في الدعوة إلي انتخابات مبكرة دون التوصل إلي مصالحة فلسطينية شاملة، وأضاف أن الدعوة للانتخابات ستكون فقط في الضفة الغربية، الأمر الذي يزيد الانقسام السياسي والجغرافي في الاراضي الفلسطينية.

واستبعد يوسف أن تكون القاهرة اتفقت مع عباس على إجراء الانتخابات، وقال إن الموقف المعلن للقاهرة والتي أبلغته للحركة ولكل الفصائل الفلسطينية أنها مع إجراء الانتخابات بعد تحقيق المصالحة الفلسطينية ولهذا نصت الوثيفة المصرية على إجراء الانتخابات في 28 يونيو 2010 حتى تعطي فرصة لتنظيم الانتخابات بشكل نزيه وشفاف يتجاوز آثار الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وشدد يوسف على أن حماس ليست ضد الانتخابات أو المصالحة، وان كل الاطراف باتت قريبة من تحقيق مصالحة حقيقية، تتطابق مع النتائج التي انتهت اليها وفود الفصائل في القاهرة، مشددا على أن المصالحة هي الخيار الوحيد لحماس لكن إذا قرر عباس الذهاب الى الانتخابات بمفرده فإن حماس ستكون لها خياراتها وستكون في حل من تبعات هذه الخطوة.

ونفي يوسف أن تكون حماس لديها خشية من إجراء انتخابات مبكرة، وقال: نحن ننظر لهذا الأمر باعتباره وسيلة وليس غاية، لأن غايتنا الرئيسية هي المصالحة الفلسطينية الحقيقية، لافتا الى أن حماس واجهت الكثير من الصعاب منذ إجراء الانتخابات التشريعية في 25 يناير 2006 وحتى الآن رغم أن حماس فازت بنتيجة مريحة لها، وجرت الانتخابات تحت إشراف دولي وشهد لها العالم، الا أنها رغم ذلك تعرضت للحصار، وحدثت الخلافات مع فتح لأن هناك فريقاً لا يريد الشراكة السياسية مع حماس ولا يريد ان يعترف بالحراك السياسي الذي تشهده الساحة الفلسطينية.

ولم يستبعد يوسف أن يكون موقف عباس ودعوته لإجراء الانتخابات نوعاً من الضغط السياسي علي حماس للقبول بما جاء في الورقة المصرية بشكلها الحالي، وقال إن عباس يسعى إلى إصدار مرسوم بالانتخابات في 25 أكتوبر الجاري بتحديد موقف الانتخابات في 24 يناير 2010 لكن إذا تم التوافق على المصالحة سيضطر عباس الي إصدار مرسوم آخر بتأجيل الانتخابات الي 28 يونيو العام المقبل وهو الموعد الذي نصت عليه الورقة المصرية، ورغم هذه الخلافات أو الاختلافات فإنني أعتقد أن القاهرة سوف تصل الي محطتها الاخيرة وتحقق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وتجاوز الخلافات الحالية لانه سبق للقاهرة انتشال الحوار الفلسطيني من الانهيار.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات