الأحد 20/أكتوبر/2024

السلطة.. تمثيل دولي تأثيره صفر

السلطة.. تمثيل دولي تأثيره صفر

نظرة تشاؤمية تعتري وجهات نظر الكثير منالمحللين السياسيين والمختصين وهم يتحدثون عن إمكانية استثمار السلطةالفلسطينية لأدوات الضغط الدولية.

ويبدو أن هذه النظرة لم تأتِ منفراغ؛ فسوابق السلطة في كثير من الملفات وأبرزها وآخرها قضيتا المناضل عمرالنايف، والصحفي الأسير محمد القيق تكشف عن هالة كبيرة تحيط بكيان السلطةالخارجي والدبلوماسي، ولكن عند ملامسته على أرض الواقع يظهر على حقيقته”السرابية”، وفق الخبراء والمحللين.

هل هناك أدوات ضغط ؟!
ويرى أستاذ القانون والعلاقات الدولية في جامعة بيت لحم، عبد الله أبو عيد،أن “السلطة لا تمتلك أوراق ضغط، والتي تتمثل – حسب وجهة نظره – في لوبياتقوية أو رؤوس أموال أو سيطرة على الإعلام والبنوك”، في تقدير واقعي لدورالسلطة التي “فشلت” في استثمار انتشارها الدبلوماسي الرسمي في عشرات الدول،إلى جانب عدالة القضية الفلسطينية ووحشية الاحتلال.

وأشار أبو عيد في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“إلى أنّ ورقة الضغط الوحيدة التي يمتلكها الفلسطينيون هي الأمة العربية،وقال: “هناك تحرك بطيء وخجول على الساحة الدولية من بعض العناصر المناصرةللقضية الفلسطينية من بعض الطلاب العرب والفلسطينيين والذين نجحوا برغمأقليتهم في نشر عدد من القضايا على مستوى يصل إلى الجيد”.

وشهدت الدول الأوروبية العديد من المبادرات والفعاليات التضامنية مع القضيةالفلسطينية والأسير القيق، وقف وراءها متضامنون وفعاليات شعبية، في ظلغياب أي جهد رسمي لسفارات السلطة.

وحول دور السلطة تجاه هذا الحراك، قال الأكاديمي الفلسطيني: “لو كانتالسلطة تقف وراءه لما تحرك، وهو يتحرك لأن هناك عناصر تقدمية في الوطنالعربي وفي فلسطين تساعد في تحركه”.

فعلى مدار 94 يومًا من إضراب الأسير القيق، لم يسجل أي دور أو حضور لسفاراتالسلطة في الخارج مساند للإضراب، وكذا بالنسبة لوزارة الخارجية، التي كانيؤمل منها أن تتحرك عبر الاتصالات الدبلوماسية للضغط على الاحتلال نصرةللأسير البطل، وفق المتابعين.

علاقات معقدة
وقال أبو عيد: “العلاقات الدولية معقدة جداً.. وإذا ما عرفنا كيف نستثمرها لن يكون لنا سند، وسنبقى نعيش في زقاق التاريخ”، حسب قوله.

وعّبر عن أسفه من أنّ الصهاينة عرفوا كيف يستثمرون هذه العلاقات، وعرفواكنهها، وسيطروا على مفاصل القوة في الدول الغربية، والحركة الصهيونية عرفتأنه بدون أن تسيطر على هذه العلاقات الدولية وعلى مفاصل القوة الكبرى لنتستطيع أن تحقق شيئًا.

واستطرد قائلاً: “للأسف تخرج بعض القيادات العربية إلى الدول الغربية منأجل الفسحة واللعب والنزهة، وهذه هي خلاصة العلاقات الدولية وإمكانياتناالدولية”.

ويشير أبو عيد إلى أنّ بعض الدول الغربية مثل انجلترا وفرنسا عدّت مؤخراًالمطالبة بمقاطعة “إسرائيل” جريمةً، مضيفاً: “كل ادعاءات الدول الأوروبيةمن ديمقراطية وحبهم للسلام دجل وكلام فارغ”.

ومضى أستاذ القانون الدولي قائلاً: “لن يكون هناك وزن في الخارج إلا إذا عرفتكيف تستغل عناصر القوة لدينا، والتي أبرزها عمقنا العربي وموقعنا في قلبالعالم.. الأموال العربية المستثمرة التي تذهب هباءً همُّها البترولالعربي، وهي عناصر قوة تستخدم ضدنا وليست لنا”.

ونبّه إلى أنّ السلطة وحدها لا تستطيع أن تستغل هذه العناصر وليس لها سيطرةعلى أيٍّ منها بل هي تقف إلى جانب الدول العربية في سياساتها من أجل ضماناستمرار ورود الأموال.

ويرى الخبراء أن عدالة القضية الفلسطينية وطول فترة الصراع، إلى جانبالإرهاب الدموي الذي يمارسه الاحتلال ولم يسلم منه البشر أو الحجر أوالحيوان، كل ذلك يمثل عوامل قوة لاستقطاب رأي عام دولي مناصر، لو توفرتالإرادة والنية، فضلاً عن استثمار قواعد القانون الدولي، وهو ما يبدو أنالسلطة لا تريده، رغم أن فرص النجاح ممكنة التحقق والتي تبدو معالمها منتأثيرات الحراك غير الرسمي من قوى مجتمعية أحدثت تحولات كبيرة في التعاطفمع القضية من آثارها المقاطعة الدولية للكيان.

تحرك غير جديّ
ويذهب المحلل السياسي فهمي شراب إلى أنّ توجه السلطة إلى ميثاق روما أومحكمة الجنايات الدولية، كان على استحياء، وقال: “منذ انضمامها وحتى الآنلم توجه السلطة أي شكوى رسمية للمحكمة، بل قدمت فقط -لذر الرماد في العيون-تقارير تفضح الانتهاكات الصهيونية، وهي تتضمن شكاوى ليس لها طابع قانوني”.

وأضاف شراب في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“:”حتى الآن لم تتقدم السلطة بشكل رسمي لمعاقبة الكيان الصهيوني وهي تنتظرالمدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية أن تقدم من تلقاء نفسها دعوىقضائية ضد عناصر الجيش الصهيوني والقيادات الأمنية الصهيونية، وهذا لا يُتاحإلا بعد سنوات طويلة، وهي لديها قائمة بهذه المطالب ومحتاجة وقتاطويلا، وقد لا تقوم بذلك”.

وفي نظرة مختلفة عن سابقه، أكّد شراب أنّ السلطة تملك أكثر من ورقة ضغط؛ أبرزها وقف العلاقات الاقتصادية والعمل باتفاقية باريس، حيث إنّ السلطةالآن ملتزمة تماماً ومن طرف واحد فيها، وموضوع التنسيق الأمني وهو مهم جداًيؤثر على الاحتلال، وهو تجاوز لكل المفاهيم الوطنية.

ويشير الخبراء إلى أنه كان يفترض على السلطة استثمار بعض الملفات التي شكلتحالة تضامن شعبي ودولي، مثل قضية الصحفي القيق وقبلها قضية استهدافالاحتلال للأطفال والإعدامات الميدانية، وسياسة العقاب الجماعي وجدار الفصلالعنصري.

وتساءل المحلل شراب: “ماذا الآن عن دور السفارات؟!” مجيباً: “السفارات لاتعبر عن نبض الشارع الفلسطيني، وتم تدجينها على مفاهيم غربية بأننا ضعفاءوأننا ما زلنا بحاجة الغرب، غير أنّ الأداء المهني غير موجود من الأساس”.

وأوضح أنّ هناك قصورًا في عمل السفارات، مضيفاً: “هي لا تقوم بتوصيل مايجري من جرائم للدولة المستضيفة لها، وهناك دول كثيرة تتقبل المظلوميةالفلسطينية، ونحن دورنا كأداء سياسي لا تهمنا القضية الفلسطينية، والدورالدبلوماسي ينحصر في أضيق حدوده”.

ويعد اغتيال المناضل عمر النايف فجر الجمعة الماضية في مقر السفارةالفلسطينية في صوفيا، وما أعقبه من تعاطي السلطات البلغارية مع الحدث (رفضاشتراك طبيب فلسطيني في التشريح، منع شقيق الشهيد من معاينة الجثة، منعالوفد الفلسطيني من الاشتراك في التحقيق، وغياب الأمن ابتداء عن السفارة)نموذجا لحالة الترهل التي وصلت إليها منظومة الدبلوماسية الرسمية.

آلة دبلوماسية معطلة
ويتفق الحقوقي رامي عبده رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، مع شرابحول تشخيص الحالة الدبلوماسية الرسمية، عادًّا أن “الآلة الدبلوماسيةالرسمية الفلسطينية معطلة”.

وقال عبده لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“:”الذي يفعل الآن فعله هي الدبلوماسية الشعبية، وهي ما تحتاج إلى توجيهرسمي، وهو غير متاح بفعل غياب الإرادة السياسية الدبلوماسية الدولية من أجلتفعيل العلاقات الدولية سواء في الشق القانوني أو الشق السياسي من أجلمحاسبة الاحتلال الصهيوني”.

وعبّر رئيس المرصد الأورمتوسطي، عن أسفه من استخدام العلاقات الدولية منأجل تحقيق نفعية سياسية ورسائل للشارع الفلسطيني، لافتاً إلى أنّ التجربةمريرة فيما يتعلق بموضوع انضمام السلطة للاتفاقات الدولية والمحكمةالجنائية الدولية.

ونوه الحقوقي عبده، إلى أنّه حتى هذه اللحظة لم تتقدم السلطة بطلب للمدعيالعام من أجل فتح تحقيق في الجرائم التي مارستها دولة الاحتلال.

وعبّر عن أسفه من نجاح السلطة في إشراك بعض الفصائل في الالتفاف على ملفالمحكمة الجنائية عبر تشكيل لجنة قيل إنّها مختصة بمتابعة الملف الفلسطينيأمام المحكمة الجنائية.

وأوضح أنّ الهدف من تشكيل اللجنة أن يفتح المدعي العام من تلقاء نفسهتحقيقات بناء على المعلومات التي تزوده بها الجهات الفلسطينية، وهو أمريعرف الجميع أنّه لن يكتب له النجاح؛ لأنّ المدعي العام إذا وجد أن السلطةالفلسطينية صاحبة الملف بشكل الأساسي غير معنية بملاحقة “إسرائيل” فلنيبادر من تلقاء نفسه، حسب قوله.

ومضى يقول: “هذا نموذج واضح على غياب الآلة الدبلوماسية الفلسطينية، فيمايتعلق بمفهوم العلاقات الدولية، ولا أريد أن أتحدث عن غياب كامل؛ لكن هناكأجسام تستطيع أن تفعل شيئًا، وهي لا تفعل شيئًا حتى على المستوى البسيط،مثل قضايا الاستيطان والأسرى، لا يتم التطرق لها”.

وتساءل: “هل دور السفارات والقنصليات يقتصر على تقديم خدمات من أجل جبايةبعض الرسوم وإثبات التمثيل الفلسطيني الشكلي وليس الحقيقي؟!”.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات