تسليم التميمي.. ابتزاز أميركي للأردن على موقفها الرافض من الضم

لا تكف الإدارة الأمريكية عن التذكير في كل مناسبةٍ بضرورة تسليم المواطنة الفلسطينية الأردنية أحلام التميمي؛ لاتهامها في تفجير مطعم إسرائيلي عام 2001، قتل فيه أمريكيان.

أحلام التميمي (40 عاما)، أردنية من أصول فلسطينية، قضت عشر سنوات في السجون الإسرائيلية، بعد أن حكم عليها بالسجن المؤبد 16 مرة، بتهمة المشاركة في تنفيذ عملية استشهادية لكتائب “القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، بيد أنه أفرج عنها ضمن الدفعة الأولى لصفقة تبادل الأسرى “وفاء الأحرار” عام 2011، وأبعدت للأردن.

وطالبت وزارة العدل الأمريكية الحكومة الأردنية بتسليم “التميمي” لها، وذلك بعدما وضعها مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) على رأس لائحة “الإرهابيين” المطلوبين، بتهمة المشاركة في عملية تفجير المطعم الإسرائيلي.

وتقدّم عضو الكونغرس، عن ولاية فلوريدا، الجمهوري غريغ ستيوب، بمذكرة لتسليم التميمي لواشنطن، وقّعها ستة أعضاء بالكونغرس على صلة وثيقة بإدارة الرئيس دونالد ترمب، بحجب المساعدات عن الأردن؛ بغية الضغط على الأخير لتسليم “التميمي”، بتهمة التآمر لاستخدام أسلحة دمار شامل ضد مواطنين أمريكيين.

عصا المساعدات
عصا المساعدات المالية التي تلوح بها الإدارة الأمريكية، في حال لم ينفّذ الأردن المطلب الأمريكي بتسليم “التميمي”، يأتي في الوقت الذي تواجه فيه المملكة تحديات مالية واقتصادية.

برلمانيان أردنيان تحدثا لـ”قدس برس” أن “المطلب الأمريكي يأتي في إطار الضغوط التي يمارسها اللوبي اليهودي في واشنطن على عمّان، لموقفها المعارض لخطط الضم الإسرائيلية للضفة الغربية والأغوار”.

قرار قضائي نافذ
مصدر حكومي أردني، أعاد التذكير أثناء حديثه لـ”قدس برس”، بوجود قرار قضائي صادر عن محكمة التمييز (أعلى سلطة قضائية في الأردن) صدر عام 2017، قررت بموجبه الحكومة عدم تسليم “التميمي” إلى الولايات المتحدة.

إلا أنه عبّر عن خشيته من أن تستند الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعديلات قانونية تتيح لها استخدام المساعدات وسيلةَ ضغط لتسليم “المطلوبين”، بحسب المصدر ذاته، الذي رفض الكشف عن هويته.

من جهته، أكد النائب الأردني صالح العرموطي عدم دستورية اتفاقية تسليم المطلوبين بين واشنطن وعمان بسبب عدم تصديق البرلمان الأردني عليها.

وأوضح في تصريحٍ خاص لـ”قدس برس” أن “الاتفاقية غير نافذة، وطلبات تسليم المطلوبين المرسلة إلى السلطات المختصة في الأردن من دولة أجنبية لا تكون مقبولة، ما لم تكن نتيجة معاهدة أو اتفاق معقود ونافذ بشأن ذلك”.

عائلة التميمي ترفض
في المقابل، ناشدت عائلة التميمي، في الأردن وفلسطين والمهجر، في بيان لها، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، العمل على إغلاق ملف القضية المرفوعة ضد الأسيرة المحررة أحلام عارف التميمي، لدى الولايات المتحدة الأمريكية.

وقالت العائلة: إن “الإدارة الأمريكية باتت بموجب تلك القضية تطالب الأردن بتسليم المحررة التميمي، “لاعتبارات غير قانونية، إنما سياسية”، وفق البيان.

وأشادت العائلة، في رسالة وجهتها للعاهل الأردني، بـ”مواقف الأردن العروبية والوطنية المشهود لها، خاصةً في هذا الظرف الحسّاس الذي تمرُّ فيه الأمة”.

ونبّهت إلى أن الأردن “رفض أي مقايضة على الحقوق الثابتة للوطن والأمّة، وأثبت للقاصِي والدّاني، أنّه لم ولن يقبل بأي مساومات تنتقص من كرامتِه الإنسانيّة وسيادتِه الوطنيّة على ترابه الوطني”.

رفض برلماني
بدوره طالب رئيس لجنة فلسطين في مجلس النواب، يحيى السعود، الحكومة بعدم الانصياع لأي ضغوطات أمريكية تطالب بتسليم الأسيرة المحررة أحلام التميمي.

وأضاف السعود لـ”قدس برس” أن على “الحكومة الأردنية المحافظة على رعاياها، ولا يجوز لأمريكا أن تمارس دور الشرطي الدولي، بل عليها الانحياز إلى معسكر السلام لا لمعسكر الظلام”.

وبين السعود أن “أحلام تمت محاكمتها وأفرج عنها، فلا يجوز محاكمتها مرتين، علماً بأنها لم ترتكب جريمة، وما قامت به حق في الدفاع عن وطنها”، محذرا من أن “الضغوط الأمريكية تأتي في سياق ابتزاز الأردن على موقفه الرافض من خطط الضم الإسرائيلية للضفة الغربية”.

لا للصمت الحكومي
وطالبت أحلام التميمي في تصريحٍ سابق لـ”قدس برس”: “مجلس النواب الأردني، بمخاطبة الجهات الرسمية الأردنية السياسية، ومعرفة موقفهم من موضوع التهديد المالي ضد الأردن”، مستنكرة “استمرار الصمت الحكومي، إزاء تسارع حدة التهديدات الأمريكية بضرورة تسليمها لواشنطن”.

وأفرجت سلطات الاحتلال عن “التميمي”، وسلمتها إلى الأردن عام 2011 ضمن صفقة تبادل الأسرى بين “تل أبيب” وحركة “حماس”.

والتميمي صحفية فلسطينية تحمل الجنسية الأردنية، وهي من مواليد مدينة الزرقاء (وسط المملكة) عام 1980، وعادت إلى فلسطين مع أهلها بعد أنهت دراسة المرحلة الثانوية في الأردن، ودرست الإعلام في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية.