بيلا تشاو.. غزة !

تجارب الإنسان وتراثه حق للإنسان الآخر الذي يشابه ظروفَه ويُدانِي حياته، وغناء الإنسان الصادر من جوفه المنغّم بحروقه هو أعمق تجارب الإنسان التي استطاعت التجسّد في أصوات وإيقاعات معبرة عن حالها؛ وكذا أغنيّات الثائرين على الظلم الأحمر والذل الثقيل والإهانة المستديمة.
إبّان الحكم الفاشي الإيطالي كانت العمليات الفدائية للثائرين الأحرار تضخّ دماً حاراً في عروق المظلومين فتنطلق حناجرهم بألحان خالدة ذات صدى عميق، ينتشي لها الناس فيخرجون في الشوارع مرددين لكلماتها القصيرة الصادقة وألحانها القوية العذبة، لقد أصبحت هذه الأغنية رمزاً يتحدى الظلم والاحتلال.
“تشاو” تحية ودودة ليس فيها رسميات، ولا تستلزم المعرفة المسبقة، يقولونها عند الاستقبال وفي الوداع، وهي في الوداع أكثر “مع السلامة” ، اشتقّوها من تعبير مهذب مُجامِل لأهل البندقية ذوي الخبرة الدبلوماسية العريقة، وتعني عندهم أنا خدّامك وتحت أمرك… s-ciao s-ciavo.
بيلا تشاو Bella ciao أغنية لا يُعرف كاتب كلماتها ولا ملحّنها، لكنها انتشرت على امتداد العالم، واستنسخت الشعوب معناها وألحانها، وطوّروا معزوفتها لتتناسب مع ثقافاتهم الإيقاعية، وغيروا كلماتها لكنها ظلت تحمل موضوعها الثوري ونمطها العالي في الإيقاع، وأقوى ما تكون قوتها يوم يتغنى بها الناس جماعياً.
هذه الأغنية في الأصل كانت احتجاجاً ناعماً على الاستغلال يتغنى به النساء العاملات كرهاً في حقول الأرز في مدينة إيمولا في مقاطعة بولونيا الإيطالية -بأجر هزيل وقهر متصل وظروف صعبة- لإطعام الجنود الفاشيين، وارتكب هؤلاء مجزرة بحقهنّ بعد إضرابهنّ عن العمل، ومع أن العمل عاد بعد المجزرة إلا أن وقود الثورة كان يتحرك بالنار عبر هذه الأغنية، التي تدعو الثائر ليأخذ معه واحدة منهنّ للجبهة، فإن الموت في الجبال أطيب من الموت ذلاً في حقول الاستضعاف القاهر… ويكون الاستدعاء من الحبيب لمحبوبته، وهي رموز عاشقة للموت من خلال إعلان الاقتران بالحب الملتاع بالفراق.
(استيقظت ذات صباح فوجدت المحتل، أيها المناضل خذني معك، لأني أرى نفسي ميتاً، وإن قدّر لي أن أموت، فقد اخترت أن أموت مقاوماً، وليكن قبري هناك في أعالي الجبال تحت ظل زهرة جميلة).
هذه الأغنية اليوم تتحول إلى أغنية فلسطينية، وإلى أغنية الثائرين الناظرين إلى عيون فلسطين في الحقول المسوّرة! وفي تراثنا العديد من الأعمال التي تستحق الخلود لكنها لم تجد من يحملها لضعف عناية ذوي القرار بالثقافة والفن ودورها في صناعة التحرير…!
سلام على فلسطين… وسلام على القدس في الخالدين… وسلام لغزة الشهداء الشامخة!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: قرار برلمان بروكسل تمكين للعدالة الدولية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة حماس بقرار برلمان بروكسل مطالب الحكومة الفيدرالية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية...

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...

الصحة تعلن ارتفاع عدد ضحايا الإبادة بغزة إلى 52908 شهداء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52908 شهداء و119721 مصابا منذ 7 أكتوبر/...

أمن السلطة يقتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام قتلت عناصر أمن السلطة، الشاب رامي زهران بإطلاق نار مباشر -اليوم الثلاثاء- في مخيم الفارعة شمال الضفة الغربية....

الأمم المتحدة: عدد الوجبات اليومية المقدمة في غزة تراجع بنسبة 70%
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن عدد الوجبات اليومية المقدمة للفلسطينيين في قطاع غزة انخفض هذا...