أدولف أيخـمـان

أدولف أتو أيخمان 1906-1962، مسئول نازي وضابط في فرق العاصفة، من أهم الشخصيات في عملية الإبادة النازية ليهود أوربا، وُلد في ألمانيا لأسرة متواضعة هاجرت إلى النمسا حيث تلقى تعليمه، عمل بائعاً متجولاً ممثلاً لشركة سوكوني فاكوم بين عامي 1928-1933.
انضم للحزب النازي عام 1932، وبدأ يعمل في قسم اليهود بالمخابرات الألمانية، حيث أُرسل إلى فلسـطين بدعـوة من المستوطنين الصهاينة ليدرس التجربة الصهيونية هناك، فبدأ يدرس اليديشية والعبرية والعقيدة اليهودية، وبحلول عام 1938 أصبح حجة في مسألة التنظيمات الصهيونية والهجرة اليهودية، فأرسله النظام النازي إلى النمسا ليساعد في عملية تهجير أعضاء الجماعة اليهودية، وأظهر كفاءة غير عادية، إذ استخدم أسلوب خطوط التجميع، المستخدم في المصانع، لتسهيل العمل، وبعـد عـودته إلى برلين عام 1939، عُيِّن مـديراً لمركز الرايخ للهجرة اليهودية، ثم رئيساً لقسم الشئون اليهودية في الغستابو، حيث أشرف على عملية نقل اليهود إلى معسكرات الاعتقال.
قُبض على أيخمان بعد الحرب، ولكن لم تُكتشف هويته الحقيقيـة، ففر للأرجنتـين عـام 1945، واختبـأ فيها إلى أن عـثر عليه عمـلاء المخـابرات الإسـرائيليـة عام 1960، وسـاهم في عملية اكتشــاف شـخصية أيخمـان فـي الأرجنـتين المدعي العام في ألمانيا الغربية، الذي وضع المعلومات التي حصل عليها تحت تصرف المخابرات الإسرائيلية، فأوفدت إسرائيل مجموعة من رجال مخابراتها إلى بيونس أيريس وتحققت من شخصيته، وتم اختطافه ونقله بعد عشرة أيام مخدَّراً متخفياً في زي مضيف جوي على متن طائرة إسرائيلية، كانت قد جاءت للأرجنتين تحت ستار نقل وفد إسرائيلي رسمي للاشتراك في احتفال الأرجنتين بالذكرى المائة والخمسين لاستقلالها.
بدأت محاكمة أيخمان بتاريخ 11 أبريل 1961 بالقدس المحتلة، حيث وجه إليه المدعي العام الإسرائيلي جدعون هاوزنر تهمة المشاركة في إبادة يهود أوربا، وتولى الدكتور روبرت سرفاتيوس الذي تخصص في الدفاع عن مجرمي الحرب النازيين، مهمة الدفاع عنه، حيث لم يُنكر أياً من الاتهامات الموجهة إليه، ولكن محاميه ركزا دفاعه أساساً على أن أيخمان لم يكن سوى موظف في مؤسسة حديثة ضخمة يقوم بتنفيذ الأوامر التي يصدرها إليه رؤساؤه كما كان يُفترض فيه أن يفعل، ولذا فهو مجرد بيروقراطي منفذ للإجراءات دون أن يسأل عن الأهداف، وبالتالي يجب أن يُحاكم على مدى كفاءته أو عدم كفاءته في تنفيذ الأوامر لا على مدى تقييمه الأخلاقي لهذه الأهداف، أي أن أيخمان طالب بأن يُنظر إليه باعتباره إنساناً حديثاً أداتياً يهتم بالإجراءات، ويدين بالولاء للمؤسسة التي يعمل فيها ولا يكترث بالقضايا الأخلاقية النهائية، لكن المحكمة رفضت دفعه، وحكمت عليه بالإعدام.
وكان بن غوريون، رئيس الوزراء آنذاك، يهدف من وراء المحاكمة لزيادة الوعي اليهودي بين أعضاء التجمع الاستيطاني وأعضاء الجماعات اليهودية في العالم، عن طريق تعميق الإحساس بأنهم الضحية الوحيدة وأن الآخرين أو الأغيار ممثلين في النازيين لا تأخذهم الرحمة باليهود، ومع هذا، فجرت المحاكمة عدة قضايا لم يكن الصهاينة الذين أعدوا لها قد انتبهوا إليها:
1- بيَّن أيخمان أن الرؤية الصهيونية لليهود لا تختلف كثيراً عن رؤيته هو، فكلاهما يؤمن بضرورة تهجير اليهود باعتبارهم شعباً عضوياً منبوذاً إلى أرض خاصة بهم، كما أشار إلى أن المسئولين طلبوا منه، عند تعيينه في وظيفته، أن يقرأ كتاب هرتزل دولة اليهود، وأنه تأثر به أيما تأثر، وهو بذلك لا يختلف كثيراً عن الزعماء النازيين الذين تأثروا بالفكر الصهيوني وخصوصاً بوبر.
2- أشار إلى التعاون بين السلطات النازية والصهاينة، خصوصاً رودولف كاستنر وجويل براند، وأوضح أنه كانت هناك صفقة هُجِّر بموجبها بضعة يهود من خيرة العناصر البيولوجية إلى المستوطَن الصهيوني، كما أُرسلت كميات من البضائع هناك نظير أن تضـمن القيادات الصهيونية هدوء اليهود المرحلين إلى معسـكرات الاعتقال.
3- أثار سلوك الضحايا اليهود كثيراً من الدهشة، حيث لاقوا حتفهم دون مقاومة، ولعلهـم لو قاومـوا لعطلوا آلة الحرب النازية التي كانت مرهَقة، وقد نظر الجيل الجديد من أبناء المستوطن الصهيوني إلى سلوكهم هذا باعتباره سلوكاً نموذجياً ليهودي الجيتو الضعيف، مقابل العبراني الجديد القوي، وبالتالي نجـم عن المحاكمة مزيد مـن الرفض ليهود العالم.
4- أثناء تقديمه لعريضة الاتهام، بيَّن المدعي العام الإسرائيلي أن الشعب اليهودي تعرض للاضطهاد والطرد والملاحقة في كل البلاد عبر التاريخ، وهنا تلقف محامي الدفاع هذه الأطروحة وتساءل: ما هي طبيعة هذا الشعب الذي يجد نفسه عُرضة للطرد والملاحقة أينما كان؟ ألا يوجد احتمال أن يكون هذا الشعب مسئولاً عما يلحق به من أذى، وأنه شـعب مسـتفز يضطر كل الشـعوب في كل زمان ومكان لطرده وملاحقته؟ وقد أُصيب الحاضرون بالذهول من تساؤلات محامي الدفاع.
كما أثارت المحاكمة قضايا أخرى مختلفة مثل دور المجالس اليهودية التي شـكلها النازيـون وعيـنوا فيـها يهوداً، فكانوا أداة تنفيذية في يد النازي، بالإضافة لأسئلة أخرى حول دور كثير من الحاخامات الذين لم يشاركوا في تنظيم حركة المقاومة.
وقد كانت المحاكمة محط اهتمام دولي، وخصوصاً أن الدولة الصهيونية انتهكت القانون الدولي وسيادة عدة دول كالأرجنتين وألمانيا باختطاف أيخمان الذي حُكم عليه بالإعدام، ثم أُعدم شنقاً في سجن الرملة، وأُحرقت جثته ونُثر رمادها في البحر الأبيض المتوسط.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

أوتشا: 70% من سكان قطاع غزة تحت أوامر التهجير القسري
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن الفلسطينيين يموتون بقطاع غزة الذي يرزح تحت حصار...

وثيقة للشاباك تحذر من خطر انتشار السلاح في الأراضي المحتلة عام 48
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ "الشاباك"، من أن النطاق الواسع لانتشار الأسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة...

الأونروا: الاحتلال يحرم 550 طالباً في القدس من الوصول إلى مدارسهم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن سلطات الاحتلال تحرم 550 طالبا من...