الإثنين 05/مايو/2025

واحد وستون عاماً على النكبة

واحد وستون عاماً على النكبة

صحيفة البيان الإماراتية

«إسرائيل واقع استعماري؟»، هذا ما تجاسر على طرحه مكسيم رودنسون عام 1967. وقد أجمع المثقفون العرب من اليمين واليسار أن “إسرائيل هي جزء من «الظاهرة الاستعمارية» الأوروبية.

وقد تبنى هذا الموقف العالم الثالث على أوسع نطاق. ويحار المرء في الانتقاء من بين التأكيدات العربية. فها هو عبد الناصر في كتابه «فلسفة الثورة» يحكي أفكاره كضابط في الثلاثين من العمر عند عودته من حرب فلسطين عام 1948: «لقد كان ذلك كله على توافق طبيعي مع الرؤيا التي رسمتها في ذهني التجربة.

(فالمشرق العربي) يشكل منطقة واحدة تعمل فيها الظروف نفسها والعوامل نفسها وحتى القوى نفسها المتألبة عليها جميعاً. ومن البديهي أن تكون الإمبريالية أبرز هذه القوى. ولم تكن إسرائيل ذاتها سوى نتيجة من نتائج الإمبريالية».

“إسرائيل” في نظر العرب قاعدة إمبريالية أقامتها في الشرق الأوسط الإمبريالية البريطانية بالاتفاق مع الإمبرياليات الأخرى. وهي جزء من النظام الإمبريالي العالمي. ونشاطها في العالم هو منذ وجودها مرتبط بالنشاط الإمبريالي سواء أكان لمصلحتها الخاصة أو لحساب الإمبرياليات الأوروبية والأميركية. هذا هو على الأقل التصور الأكثر شيوعاً في العالم العربي. ويشعر العرب من محيطهم إلى خليجهم بالمهانة من جراء فرض عنصر غريب في قلب أمتهم تسانده قوى العالم الأوروبي ـ الأميركي.

وفي 14 مايو 1948 رفع قادة الصهيونية في واشنطن، على مبنى الوكالة اليهودية راية بيضاء ذات نجمة زرقاء سداسية، كمركز لتأسيس دولة “إسرائيل”. وفي اليوم التالي، 15 مايو، بدأت الحرب العربية ـ الصهيونية، التي تمخضت عن احتلال “إسرائيل” لمساحات من الأراضي تزيد كثيراً عن تلك التي خصصت لها بموجب قرار التقسيم رقم 181 الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 1947.

وكان رؤساء “إسرائيل” يطمعون من وراء تنفيذ سياسة المذابح الجماعية ضد العرب، بوصفها السياسة الرسمية للدولة اليهودية الجديدة، التي بدأها الصهاينة في سنوات الحرب ـ توطيد سيطرتهم على الأراضي العربية، بعد تطهيرها من سكانها الأصليين، أي الفلسطينيين.

وهكذا ظهرت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا قسراً من أرضهم وعددهم 850 ألف فلسطيني، كانوا يمثلون في عام 1948 نحو 61 في المئة من الشعب الفلسطيني البالغ تعداده نحو مليون ونصف مليون شخص، توزع ثمانون في المائة من هؤلاء اللاجئين في الضفة وقطاع غزة، بينما توزع الباقي عشرون في المائة في البلدان العربية المجاورة (حسب الإحصائيات الرسمية لهيئة الأمم المتحدة).

وما أن تأسست الدولة الصهيونية، حتى أعلن بن غوريون رئيس وزراء الحكومة الصهيونية في الأيام الأولى لرئاسته، أن تأسيس “إسرائيل” ليس سوى بداية للنضال من أجل تأسيس الدولة اليهودية «من النيل إلى الفرات».

ولم ينكر أن دولة “إسرائيل” ليست هدفاً بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق الهدف. إن تشكيل دولة “إسرائيل” على أرض فلسطين العربية هو نتيجة لتطور يمكن إدراجه تماماً في حركة التوسع الاستعماري الأوروبية والأميركية في القرنين التاسع عشر والعشرين للسيطرة الاقتصادية والسياسية والعسكرية على الأمة العربية. فقد تم إسكان اليهود الصهاينة على أرض فلسطين من ناحية، وتم إجلاء السكان الأصليين أي الفلسطينيين الذين أُجبِروا بقوة السلاح الأوروبي على الارتحال، والتشرد من ناحية أخرى.

“إسرائيل” ـ إحدى أقوى الدول عسكرياً في منطقة الشرق الأوسط، وصاحبة التحالف الوثيق مع الولايات المتحدة والحائزة أفضل تشكيلات الحرب الحديثة ووسائلها ـ قامت في عام 1948، وشنت حرباً على الشعب الفلسطيني، وطبقت خططها البعيدة المدى للتطهير العرقي، الذي طبق بنجاح في ما يقارب 80% من أرض فلسطين دون أن يكون لذلك أي أصداء عالمية أو إقليمية.

ولا يزال اليوم أكثر من ثلث الفلسطينيين يعيشون لاجئين تعساء في غالب الأحيان من دون أن تقر لهم دولة الكيان الصهيوني بأي حق في العودة، على الرغم من صدور القرار 194، ومن دون أن تقدم الدول العربية على استيعابهم ومنحهم حقوق المواطنة الفعلية، مخافة من التوطين.

الشعب الفلسطيني أكسبته الكارثة التاريخية الجماعية التي حلت به منذ نكبة 1948، وهزيمة 1967، وعياً وطنياً وهو ينتظر أن يفي المجتمع الدولي بوعده لإيصاله إلى الاستقلال ضمن دولة قابلة للحياة.

كاتب تونسي

[email protected]

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

صنعاء- المركز الفلسطيني  للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس

طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، بتنفيذ عمليات هدم في حارة المنشية داخل مخيم نور شمس شرقي مدينة...