السبت 10/مايو/2025

فلسطين تربح

فلسطين تربح

قرار البرلمان البريطاني الأخير بالاعتراف بالدولةالفلسطينية شكل فارقاً كبيراً في مسار الصراع مع الاحتلال “الإسرائيلي”،ليس فقط لأن مصدره السلطة السياسية والتشريعية الأكثر احتراماً في العالم، ولابسبب أنه صادر من أرض اللورد بلفور الذي منح اليهود أرض فلسطين ليقيموا عليهادولتهم، ولكن أيضاً لأنه يعبر عن قناعة جديدة بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني فيأرضه المحتلة والإيمان الكامل بأهمية مساندة هذا الحق وهو إيمان بات يشق طريقه وسطقطاعات الشعب البريطاني وشعوب أوروبا الأخرى على أنقاض الدعايات الصهيونية الناشطةفي الغرب. وأعضاء البرلمان البريطاني الذين صوتوا لمصلحة قرار الاعتراف بالدولةالفلسطينية يفتحون الطريق على مصراعيه أمام بقية الدول الأوروبية لاتخاذ خطواتمماثلة تصب في اتجاه فضح الاحتلال وتصفيته وإنهائه.

تداعيات القرار البريطاني لم تتأخر كثيراً فقد سارعتفرنسا بإعلان اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وقال وزير خارجيتها لورانفابيوس إن بلاده يجب أن تعترف بدولة فلسطينية في حال فشلت مفاوضات السلام مع”إسرائيل”، وأوضح أكثر أن “ما نريده ليس مسألة رمزية بل نريد أننكون مفيدين للسلام”، وكرر بأنه “سيكون هناك بالفعل اعتراف بالدولةالفلسطينية في حينه”. ومن جانبها دعت وزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكاموغيريني إلى الإسراع في قيام الدولة الفلسطينية، وأكد قيادي فلسطيني أن 12 دولةأوروبية تستعد لإعلان اعترافها بالدولة الفلسطينية.

لقد تأخرت أوروبا كثيراً في إعلان انحيازها للحقالفلسطيني وتوضيح موقفها إزاء الظلم والوحشية والعنصرية العارية للاحتلال، لكن أنتأتي متأخراً خير من أن تظل غائباً على الدوام من ساحة صراع ظل يشغل ضمير العالمبأكمله منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتسبب في مقتل وتشريد مئات الآلاف منالفلسطينيين وسمم أجواء المنطقة بسلسلة لا نهاية لها من الحروب المدمرة والنزاعاتالدامية والفتن.

وبينما لا يزال الطريق طويلاً أمام الدول الغربية لاتخاذخطوات أكثر صرامة لإنهاء الاحتلال وتصفية مؤسساته ومحاكمة قادته على المجازر التيراح ضحيتها آلاف الأبرياء، فإن الحقيقة اليوم هي أن فلسطين تربح. جولة بعد جولةومعركة إثر معركة وعاصمة إثر عاصمة وشهيداً على خطى أخيه، تربح فلسطين، وتتقدمللأمام نحو نصرها الكامل.

وفي المقابل يتراجع العدو الصهيوني، تتعاظم خسائرهالعسكرية، معاركه تتحول إلى مجازر ضد المدنيين روعت مشاهدها ضمير العالم المتحضر،ومع ذلك خسر تلك المعارك واحدة تلو الأخرى، وخسر تعاطف العالم الذي كان تحت تأثيردعايته الماكرة وخسر معاركه الدبلوماسية وكسب الكثير من الأعداء. قياداته تعصف بهاالفوضى والارتباك وتشتد بداخله الخلافات وتتسع المخاوف من المستقبل القادم.

“الإسرائيليون” أمامهم مفاوضات يراقبها العالمكله وينتظر نتائجها، وهي مفاوضات لا تحتمل مزيداً من الألاعيب، فأمن”إسرائيل” مشروط بتحقيق المطالب الفلسطينية في إنشاء دولة كاملة السيادةوعاصمتها القدس وحدود دولية، برية وبحرية وجوية معترف بها، وحق العودة للاجئين إلىمناطقهم الأصلية، وهي مطالب لا تخضع للمساومة.

صحيفة الخليج الإمارتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات