الأسير رائد السعدي.. مؤبدين لم يبقيا إلا والدًا ثمانينيًّا
في بيت متواضع، ببلدة السيلة الحارثية غرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، يجلس الحاج “أبو عماد”، متوسدا عكازه بعدما فقد بصره، إذ يعيش منذ ثلاثة عقود على أمل لقاء ابنه الأسير “رائد السعدي” عميد أسرى محافظة جنين.
وفي كل مرة يتماهى إلى أسماعهما الحديث عن إفراجات صهيونية، يستعد (أبو عماد) وزوجته لاستقبال ابنهما، وتزين الوالدة البيت وتجهزه للاحتفال، حتى توفاها الله قبل ثلاثة أعوام، “فالاحتلال كان يُصر على التنغيص عليهما، بعدم شموله بالإفراجات، سيما بعد تنصله من الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى قبل أعوام”.
نزيف الفقدان
وعلى مدار 29 عاما قضاها في سجون الاحتلال، فقد رائد عددا من أفرد عائلته وأقاربه، كان أولهم جدته في العام 1999، ولحق بها جده عام 2001، وعمه عبد الله في العام 2008، ليلحق بهم شقيقه الأكبر عماد في العام 2010، وأخيرا والدته الحاجة أم عماد في العام 2014، والتي كانت تنتظر بفارغ الصبر معانقة “رائد” وتجهز نفسها للاحتفال بخروجه وتزويجه.
وعن ظروف وفاة الوالدة، يقول زوجها “أبو عماد” لمراسلنا، “تدهورت حالتها الصحية، عقب صفقة وفاء الأحرار، بسبب عدم شمول رائد، فلقد عقدت الأحلام بالإفراج عن نجلها، وكانت تتنظره على أحر من الجمر، ولكنها انتكست مرة واحدة، يومها أصيبت بجلطة دماغية، أنهت مسلسل أحلامها”.
ويتابع: “جاء الانهيار الصحي الكامل لها، بعد تنصل الاحتلال من وعده بالإفراج عنه في الدفعة الرابعة، التي كان من المقرر أن تتم في 19-3-2014، لتكون الضربة التي أودت بحياتها يوم (19-6-2014)”.
وأما الحاج “أبو عماد” فقد حرم من رؤية ابنه نتيجة فقدانه بصره، بعد الصدمات التي تعرض لها، والتي انتقلت من البصر، لتطال العصب السمعي قبل سبعة أشهر.
وبعد فقدانه والدته، لم يعد أحد بإمكانه زيارة “رائد” سوى والده الثمانيني، الذي زاره مرة واحدة بعد فقدانه البصر، ويستذكر تلك الزيارة قائلا: “حافظت على صورة القوي أمامه، ولم أشأ بأن أطلعه على حالتي الصحية الصعبة، لكنه سألني سؤال حرق قلبي: إنت يابا مش شايفني بالمرة؟ قلت: “لا فقط أسمعك يا ابني”.
من هو رائد؟
ولد الأسير رائد محمد شريف سعدي، في بلدة السيلة الحارثية غرب جنين في (20-2-1966)، درس في مدارسها، وأنهى الثانوية العامة في المدرسة العربية الخاصة بمدينة جنين، وقد كان ينوي أن يكمل دراسته في جامعة الخليل، إلا أن الاعتقال الأول بدد أحلامه.
واعتقل رائد بتاريخ (11-7- 1983) في سن الـ17، بتهمة رفع أعلام فلسطين فوق مدارس البلدة، وحكمت عليه قوات الاحتلال في حينها بالسجن لـ 6 شهور.
ذكريات المطاردة
ويستذكر والده فترة مطاردة “رائد” في الانتفاضة الأولى، قائلا: “لم نكن نعلم عنه أي شيء، فلقد داهمت قوات الاحتلال منزلنا ما يقارب (70) مرة، تخللها تحطيم لمحتويات المنزل، واعتقالات لأفراد عائلته، إذ كان أول اعتقال من نصيبي، “اقتادوني لمركز تحقيق جنين، ومن ثم الفارعة، إلى أن استقر بي الأمر بسجن عتليت، وأفرج عني بعد ستة أشهر للضغط على نجلي المطارد رائد”.
لم تقتصر حملات الاعتقال على الوالد فقط، وإنما طالت الأبناء، حيث كانت تحتجزهم قوات الاحتلال لفترات متفاوتة للضغط على شقيقهم “رائد”، فيما لم تتزعزع معنوياتهم، ولم تنل كل تلك السياسات من عزيمة الشيخ المطارد.
ويضيف: “مكث رائد في مركز تحقيق الجلمة 100 يوم، داخل زنازين التحقيق، وأعادوه إلى مركز جنين، وحكم عام 1990 بالمؤبد مرتين، ونقل من جنين المركزي إلى الجنيد المركزي بنابلس، وبعد عودة السلطة وانسحاب قوات الاحتلال كانت المحطة الاعتقالية الأولى له في سجن عسقلان جنوب الأراضي المحتلة”، كما يفيد والده.
وتدعي قوات الاحتلال أن الشيخ “رائد” كان له دور في المشاركة بعمليات ضد “إسرائيل”، من ضمنها تفجير عبوات ناسفة في مدينة حيفا والعفولة ووادي عارة، أسفرت عن مقتل “إسرائيليين”، ويعد من عمداء الأسرى، وأبرز معتقلي حركة الجهاد الإسلامي.
ولكن ما يغص في قلب والده، أن جميع أفراد خليته أفرج عنهم إلا هو، حيث كان من المقرر أن يخرج بالدفعة الرابعة من إفراجات “التسوية” التي نفذتها “إسرائيل” على أربع مراحل، وأوقفت المرحلة الأخيرة منها، والتي ضمت تسعة من قدامى الأسرى في الضفة، وأسرى فلسطين المحتلة عام 1948.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
لليوم الـ 399.. القسام يواصل التصدي واستهداف العدوّ وجنوده وآلياته
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عزّ الدين القسام الجناح العسكريّ لحركة المقاومة الإسلاميّة حماس تصديها لآليات الاحتلال الإسرائيلي...
حزب الله يستهدف قاعدتين استراتيجيتين في حيفا وتجمعات لجنود الاحتلال جنوبي لبنان
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن حزب الله اللبناني، يوم الجمعة، عن شنه هجومًا على قاعدتين إسرائيليتين في مدينة حيفا، كما استهدف مجاهدوه تجمعات...
14 عملا مقاومًا في الضفة خلال 24 ساعة
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام نفذت المقاومة الفلسطينية 14 عملا مقاوما متنوعا، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، ضمن معركة "طوفان الأقصى". ورصد مركز...
مظاهرات حاشدة في اليمن دعما لفلسطين ولبنان
لندن- المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت مظاهرات حاشدة، الجمعة، في 14 محافظة يمنية بينها العاصمة صنعاء للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضمن...
هيومن رايتس ووتش: الدعم العسكري لإسرائيل انتهاك للقانون الدولي
وكالات – المركز الفلسطيني للإعلام قالت المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش، تيرانا حسن، إن الدول التي تقدم الدعم العسكري لـ"إسرائيل" في...
الصحة اللبنانية تكشف حصيلة جديدة للشهداء والجرحى منذ بدء العدوان الإسرائيلي
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، مساء يوم الجمعة، ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على لبنان....
ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 184 منذ بدء العدوان على غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشف المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، مساء يوم الجمعة، عن ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 184 صحفيًا وصحفية، منذ بدء...