الجمعة 09/مايو/2025

السلطة الفلسطينية والملف الأمني

السلطة الفلسطينية والملف الأمني

في الوقت الذي يمارس فيه الاحتلال الصهيوني المداهمة والاعتقال وتعذيب الأسرى، كما يواصل التشريد والتهويد والتهام المزيد من الأرض الفلسطينية بوتيرة متصاعدة في بناء المستعمرات الصهيونية، ولا يقيم وزناً للقانون الدولي، أو حتى الاتفاقيات التي أبرمها مع القيادة الفلسطينية، تظل السلطة الفلسطينية ملتزمة التزاماً تاماً بهذه الاتفاقيات، وتحقق للكيان الصهيوني غايته منها، وأهمها الأمن، وقد أبدى الكيان ارتياحه لإمساك السلطة الفلسطينية بالملف الأمني، فقد أزاحت عنه عبئاً ثقيلاً، وجعلت احتلاله غير مكلف كما قال أبو مازن، ذلك أن السلطة الفلسطينية، تتولى المسؤولية الأمنية في الضفة الغربية إضافة إلى المسؤولية الإدارية والمدنية بها، وكل هذا مريح للاحتلال الذي يواصل نهجه في زيادة الحواجز ومواصلة المداهمة والاعتقال وتعذيب الأسرى الفلسطينيين في سجونه.
إن الكيان الصهيوني الذي يضع الأمن في أولى أولوياته ومساندة الولايات المتحدة له في ذلك إلى الحد الذي اعتبر فيه أوباما أن أمن الكيان الصهيوني مقدس، تسهم السلطة الفلسطينية من خلال إمساكها بالملف الأمني في الضفة الغربية، في تحقيق الهدف الصهيوني في وقت لا يكترث فيه هذا الكيان لأمن الفلسطينيين، بل يدمر أمنهم وحياتهم بسياسته الممنهجة في المداهمة والاعتقال والتعذيب.
هذا الوضع الذي تبدو فيه الضحية حارساً أميناً لجلادها لا يستقيم مع المنطق والعدل والقانون، حتى المجتمع الدولي الذي يتحدث باسم الشرعية الدولية، لا يمثل ضغطاً على الكيان الصهيوني لوقف ممارساته المنافية للقانون الدولي والمناقضة للشرعية الدولية، ذلك أن المجتمع الدولي محكوم بثقل القوى الأكثر نفوذاً وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تناصر الكيان الصهيوني إلى أبعد الحدود وتمده بأحدث الأسلحة وأكثرها تطوراً، ولا تدين ممارساته التعسفية في المداهمة والاعتقال والتعذيب والتشريد والتهويد والاستيطان، ولا تلزمه بالالتزام بمقتضيات القانون الدولي، أو حتى باستحقاقات الاتفاقات التي أبرمها مع القيادة الفلسطينية، في الوقت الذي تلزم الطرف الفلسطيني بالتنسيق الأمني، وتشارك في الوفاء به.
إن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي قررت تقييم العلاقة مع الكيان الصهيوني في ضوء انسداد الآفاق في عملية السلام واستمرار الاستيطان، وأشارت إلى أنه قد يتم التخلي عن استحقاقات أوسلو وما انبثق عنها وما بعدها من اتفاقيات، بما في ذلك التنسيق الأمني، لم يتمثل ذلك في فعل ملموس على أرض الواقع، وما زال الأمر يراوح مكانه.
إن تفعيل هذا التوجه أمر ضروري تقتضيه المصلحة الوطنية، فالتخلي عن الملف الأمني يمثل صفعة قوية للكيان الصهيوني الذي استمرأ العبث بالأمن الفلسطيني، والحقوق الفلسطينية، وجعل مهمة الأمن في الضفة الغربية في يد السلطة الفلسطينية التي تتولاها نيابة عنه لتريحه من أعبائها وتحقق هدفه المحوري المتمثل في الأمن. ربما يقابل الكيان الصهيوني ذلك بإجراءات معينة متمثلة في بعض أوراق الضغط التي يملكها وخصوصاً مستحقات الضرائب، وربما تستخدم الولايات المتحدة ما لديها من أوراق ضغط على السلطة الفلسطينية متمثلة في العون المالي، ولكن السلطة الفلسطينية إذا استمرت في الرضوخ للضغوط فإنها ستستمر في أداء مهامها الأمنية خدمة للاحتلال، وستبقى أسيرة هذه الضغوط حتى في البنود الرئيسية في القضية الفلسطينية المتمثلة في القدس والحدود وحق العودة.
إن ما توجهت إليه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هو توجه صائب، ولكنه يظل حبراً على ورق إن لم يتمثل في فعل على صعيد الواقع، ولعل ما أعقب التصريح بهذا التوجه من ممارسات من قبل السلطة الفلسطينية، يعطي الانطباع بأن التصريح في واد والممارسة السياسية في واد آخر.
إمساك السلطة الفلسطينية بالملف الأمني الذي أبدى الكيان الصهيوني ارتياحه له هو أمر غير مريح لكل فلسطيني يعبث الاحتلال بأمنه كما يعبث بحقه وأرضه. وإذا كان الكيان الصهيوني غير ملتزم باستحقاقات أوسلو وما انبثق عنها وما بعدها من اتفاقيات، ولم يوف بما عليه من التزامات، فكيف يصر الطرف الفلسطيني على الوفاء بالتزاماته؟ وبديهي أن إخلال الكيان الصهيوني بالاتفاقية وما انبثق عنها وما بعدها، يعطي الحق للسلطة الفلسطينية أن تتخلى عن التزاماتها، إذ لا يمكن أن يظل الطرف الفلسطيني هو الملتزم ويظل الكيان الصهيوني غير ملتزم في وضع يحقق للكيان الصهيوني كل أهدافه، ولا يحقق للطرف الفلسطيني أي هدف.
إن واجب السلطة الفلسطينية أن يكون أداؤها السياسي متكافئاً مع القضية، وأن يكون محققاً لنتائج إيجابية على الصعيد الوطني، لا أن تصب النتائج الإيجابية كلها في مصلحة الكيان الصهيوني، ولا يحصد الطرف الفلسطيني إلا السلبيات، ومن أهم هذه السلبيات إمساك السلطة الفلسطينية بالملف الأمني وتحقيق غاية الاحتلال الصهيوني منه، في وقت يعيث فيه الاحتلال فساداً في الأرض الفلسطينية، وينتهك الأمن الفلسطيني والحق الفلسطيني، ويعلن صراحة أنه مرتاح لإمساك السلطة الفلسطينية بالملف الأمني.
صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى

عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، وسط تشديدات وإجراءات مكثفة فرضتها...

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام وثق مركز معلومات فلسطين "معطي" استشهاد 1000 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر...

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...